الجمعة، 14 مارس 2014

حول قطر والنصف الخانق: من سيسقط اولا؟ / د.مصطفى سالم


موقف ثلاث من دول الخيلج العربي في مجلس التعاون المكون من 6 دول، وهم النصف الخانق تجاه قطر و سياساتها سيتجاوز الاحتجاج الشديد، ويبدو إنه سيتعمق بما يشكل صراعا حادا، ولكن لن تسهم به الجيوش، و سيكون مخابراتيا متبادلا لدعم قوى سياسية محلية مختلفة في كل بلد لتحقيق هدف قطر، أو هدف النصف الخانق في وضع الدوحة في سجن "التنسيق الخليجي المشترك".
 وإن لم تكن هناك قوى محلية مستعدة للتورط في تغيير النظام ، فالجماعات التي تصنع الحدث وفيرة، ويمكن خلق مثل هذه الجماعات.
ودول النصف الخانق الثرية، لديها ثغرات كبيرة يمكن لأي جهة منظمة أن تدعم، أو تخلق جماعات فيها، ومبررات وجودها جاهزة اصلا سواء عن مواطنيها، أو عند الوافدين وهي مبررات إجتماعية وإقتصادية وقانونية، فضلا عن الإنتماء الفكري أو المذهبي .
لنتفق على حقيقة كون قطر والدول المختلفة معها حلفاء وأصدقاء بلا حدود للولايات المتحدة الأمريكية، والملف الخليجي مهم جدا لواشنطن والغرب لهذا علينا القبول بحقيقة كون الدور القطري هو جزء من مشروع أمريكي وبريطاني يحاول إن يجعل الخلاف في دول الخليج العربي حول التنظيمات السياسية والحرية لمنحه صفة الشعبية، والجميع يدرك إن معالجة الأزمة مع قطر ليس قرار منها أو معها ، بل يجب التعامل معه على إنه ملف أكبر من ذلك.
وعند تسلم الأمير الجديد للحكم كتبنا إن هذا "الانقلاب" الذي جاء بأمير شاب إلى الحكم يتعلق بالدور المرتقب له لتغيير أنظمة الحكم الخليجية.
إن الوصول لمرحلة تقتنع فيها قطر، أوالنصف الخانق لها  إلى استحالة بقاء الطرف الاخر، هو ما سيزيد من تعقيدات الوضع، ويعمق من دور العمل المخابراتي لكل جهة ضد الجهة الأخرى. 
وقطر المدفوعة من قبل واشنطن ضد حلفاءها الآخرين لن تتوقف ما لم يغير الداعم لها من سياسته، بمعنى أن المشكلة في جوهرها في واشنطن وليس في قطر التي تؤكد مرارا أنها لا تستطيع مقاومة المشروع الأمريكي، حين أنطلقت قوات الغزو منها لتدك العراق لإنشاء طبقة سياسية شيعية صنيعة لواشنطن وتتبع إيران في نفس الوقت، ليؤكد إن وظيفة التيار الشيعي الديني هو تدمير العراق وسوريا ولعب دور أكبر في صناعة الأضطرابات داخل الوطن العربي.
بالمحصلة يمكن القول إن الإنشقاق بين القوى الرجعية أنظمة وحركات ناتج في الحقيقة من وضع كل جهة لنفسها كعدو للجهة الأخرى، وهو ما صنعته واشنطن لهما.
ليس هناك خيارات كثيرة في هذه الأزمة، لأن هذه الدول تعتمد في أمنها على واشنطن بشكل كبير، لمواجهة أطماع بعضهم في البعض مثل موقف كل الاعضاء من السعودية، أو لمواجهة الأطماع الإيرانية، وقد سبق لطهران أن استولت على جزر إماراتية عام 1971 ولم يتغير هذا الاحتلال، بل استمر بشكل اكثر صفاقة في عهد خميني ومن جاء من بعده رغم سياسة الحال الهادئ التي أتبعتها أبو ظبي وكسبت فيه سياسيا لطريقة معالجتها المشكلة. واحتلال إيران للجزر تم بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وقبل يومين فقط من إعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن الإعلام القطري يرى إن أبو ظبي يجب أن تسحب سفيرها من طهران وليس الدوحة، مع ملاحظة إن أكبر تعامل تجاري للإمارات هو مع إيران، وأن رأس المال الإيراني في دبي يفوق 200 مليار دولار مع ما يشكله هذا المبلغ من تأثير ، ولم يقل هذا الإعلام إن معالجة الإمارات للمشكلة قلل من التوتر في الخليج العربي.
وفي حديث خاص مع إعلامي قطري كبير قال: إنه يجب أن تصمد قطر أمام ضغوط النصف الخانق وإلا ستندحر. وهذه الطريقة في التفكير هي التي تتحكم في الدوحة الآن، وهو أمر خطير لإنه سيجر إلى عدم استقرار المنطقة الجاذبة للقوى العاملة من جنسيات مختلفة. لذا ستطلب قطر المزيد من الدعم الأمريكي البريطاني لتعزيز دورها المقلق للمنطقة، وليس لزعامتها لانها تعرف ثقلها وتعلم أيضا رفض دول الخليج العربي أن تكون تلك الدولة الصغيرة زعيمة للمنطقة، وما لديهم يفوق ما لديها.
 لذا يبدو إن هناك خياران ، أما أن يعمل الحكم القطري بكل فاعليه لإسقاط النصف الخانق، أو تتدراك هذه الدول الحالة ويسقطون الأمير الشاب، ويؤجلون المخطط الأمريكي قليلا.
النصف الخانق اكثر قوة وعددا، وثري أيضا، وفي جانبه الإماراتي هو متماسك، لكنه مضطرب في البحرين، وفي السعودية  العنيدة على الإصلاح توجد تيارات إصلاحية البارز منها إنها إسلامية، فضلا عن مشاكل مع دور الجوار.
النصف الخانق يمتاز بعدد كبير من الوافدين وهؤلاء على درجات مختلفة من الوعي، وقضية العنصرية في دول الخليج العربي ستكون غطاء في يوم قريب لتمرد هو جزء من حالة ستكون قبل محاولة تغيير إنظمتها أو ستسير معها في نفس الوقت.
وهناك قوى  موالية لإيران، ولاسباب طائفية يسعون بقوة لتكرار تجربة العراق في البحرين لإقامة حكم شيعيا طائفيا. بل هذه القوى موجودة في كل دول الخليج وتكرر دوما لفظ "الخليج الفارسي" وأن لا معنى لدول الخليج رغم إنها تحمل جنسية هذه الدول.
دول الخليج العربي قد تكون قادرة على التصدي لبعضها البعض، لكن هي غير قادرة على مواجهة المخطط الأمريكي الكبير لأسباب تتعلق ببنية المجتمع الذي كُرِست فيه فكرة سيئة تقول بشكل لا شعوري إن العنصرية هي الهوية.
لم تستطع دول الخليج العربي من إرساء ثقافة المواطنة وأشغلت مواطنيها بطريقة حياة تعتمد أما تعظيم الرغبة بالمزيد من المال، او إغراقهم بديون البنوك وفي كلتا الحالتين هم غرقى بأمور ليس من بينها الثقافة والهوية ومستقبل البلاد وجمدت المجتمع عن التفكير، مع غرور لا معنى له سوى توفر المال وغياب الوعي، ومعنى ذلك لم تستطع هذه الدول من تأسيس جيلا يمكن أن يقود البلاد في السلم والأزمات.
والأخطر هو إنخراط القوى والأفراد ذو العقول الواعية والمستنيرة بنمط الحياة الناتج عن مجتمع نفطي لم تتراكم الثقافة في سلوكياته.
إن عائلية الحكم الممتد في كل مفاصل الدولة في السعودية لن يفرز قوى جديدة التفكير ومجددة لبنية الدولة، وبنفس الوقت سيبقى هو نقطة لاعلان التذمر والتمرد ضد الحكم.
يمكن توقع إجابات عدة لما يحدث في الخليج العربي، لكن الواقعي جدا منها يقول إن واشنطن تريد ذلك الصراع لإنها بحاجة لتأسيس خارطة سياسية ليس في الحكم فقط، بل أيضا في الجغرافية والحدود.