الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

لماذا تدهور الاهتمام الدولي بقضية السوريين؟ / فايز سارة



يعكس الواقع اليوم تدهوراً دولياً في الاهتمام بالقضية السورية، ولعل الابرز في مؤشرات هذا التدهور، بطء التفاعلات الدولية الخاصة بتطورات الوضع السوري من النواحي السياسية، حيث الحراك الساعي لمعالجة الازمة السورية دون الحدود المطلوبة، وقد استطالت زمنياً، وتراكمت نتائجها محلياً وخارجياً، والامر على هذا النحو في معالجة تجليات الكارثة الانسانية التي تصيب السوريين وبين ضحاياها معظم سكان سوريا الذين باتوا مهجرين ولاجئين وجائعين ومرضى وقسم كبير منهم مشوهين ومعتقلين، كما ان بين المؤشرات، تراجع مستوى الاهتمام الاعلامي بما يجري في سوريا، او اقتصار ذلك الاهتمام على جوانب معينة ابرزها نشر اخبار تتعلق بالتشدد الديني والجماعات المتطرفة وما تقوم به من اعمال.
وسط تلك المؤشرات، يبدو السؤال عن اسباب تدهور الاهتمام الدولي بالقضية السورية امراً طبيعياً، يحتاج الى مقاربة للاسباب التي ادت الى هذا التحول، وتنقسم الاسباب الى داخلية وخارجية، ولعل الابرز في الاسباب الداخلية، تحول ثورة السوريين من الحراك المدني والسياسي الى التسلح والعسكرة، وهو تحول كانت له اسبابه الموضوعية واهمها استمرار القمع العنيف الذي يمارسه النظام، وحاجة الثائرين للدفاع عن انفسهم وحماية تظاهراتهم السلمية، لكن الامر في مآله النهائي كان يخدم استراتيجية النظام في جلب الثورة الى المواجهة العسكرية، التي لديه امكانيات وخبرات كبيرة فيها، تكفل له الحفاظ على وجوده ان لم توفر له القدرة على هزيمة الثورة.
ووسط التحول نحو تسليح وعسكرة الثورة، صار الحراك المدني من تظاهرات واعتصامات ونشاط سياسي ومدني موضع اتهام، بل ان بعض التشكيلات المسلحة ولاسيما التشكيلات المتطرفة تلاحق الناشطين وتعتقلهم او تهجرهم او تقتلهم، تماماً في صورة تماثل ماتقوم به اجهزة النظام وشبيحته في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام.
والسبب الثاني عجز المعارضة عن توحيد قواها السياسية والعسكرية في بنية واحدة، وهو امر تجاوز حدود الحاجة وصار ضرورة. لكن النتائج كانت اضعف من الاستجابة للحاجة والضرورة في ان معاً، لدرجة الشك في اهمية وقدرة التحالفات التي تمت اقامتها من الناحيتين السياسية والعسكرية، وهذا ما تبينه حالة الائتلاف الوطني الذي يعتبر افضل التحالفات السياسية في سوريا، والامر اسوأ في غيره، وكذلك الحال بالنسبة للتحالفات العسكرية، التي لم تستقر على اشكال محددة، وعجزت هيئة الاركان للجيش الحر في جمع وتنظيم التشكيلات العسكرية تحت امرتها بما ذلك التشكيلات التي تتكنى وتحمل اسم الجيش الحر.
والسبب الثالث، حالة الفوضى التي عمت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي عجزت مختلف قوى المعارضة والحراك المدني عن ايجاد ادارة تأخذ على عاتقها مهمة تسيير الحياة العامة فيها وخاصة في الموضوعات الاساسية ومنها الامن وتأمين الخدمات الاساسية من اغاثة وتعليم وصحة. بل ان الامر من هذه النواحي تردى اكثر فاكثر ليس فقط بسبب استمرار سياسة النظام في قصف تلك المناطق بالصواريخ والبراميل المتفجرة وعلميات الاقتحام، بل بسبب تعدد وتصادم نشاطات التشكيلات العسكرية المسيطرة هناك، وبعض قادتها اخذ يتصرف مثل امراء الحرب وقادة عصابات مسلحة، اضافة الى تصرفات قادة الجماعات المتطرفة مثل "جبهة النصرة" و"داعش" وقوات الحماية الشعبية الكردية التابعة ل"pyd"، وكلها طرحت برامج سيطرة سياسية وعسكرية وامنية وايديولوجية في اماكن تواجدها للسيطرة على الاهالي والموارد، وتسخير الاخيرة لخدمة اجنداتها الخاصة بغض النظر عن اهداف الثورة والمصالح العامة للسوريين.
ورغم اهمية الاسباب الداخلية في تأثيرها على تراجع الاهتمام الدولي بقضية السوريين باعتبارها الاسباب الاساسية، فان ثمة اسباباً خارجية، افرزت تأثيراتها المباشرة، وعززت تدهور الاهتمام الدولي وابرزها:
انقسام دولي واقليمي ازاء القضية السورية، ادى الى ظهور معسكرين احدهما يؤيد ويدعم النظام وسياساته بكل الامكانيات والقدرات وابرز اطرافه روسيا وايران ومليشيات مسلحة منها حزب الله اللبناني ولواء ابو الفضل العباس العراقي، مقابل معسكر آخر يتعاطف مع ثورة الشعب السوري، ابرز اطرافه الولايات المتحدة ودول اوروبية وعربية. ورغم ان قوى المعسكر المؤيدة للنظام تشكل اقلية في المجتمع الدولي، لكن حضورها الى جانب النظام كان اكثر فاعلية ودعماً من الاطراف المتعاطفة مع ثورة الشعب السوري وطموحاته في الخلاص من نظام الاستبداد والقتل والدمار والوصول الى تغيير ديمقراطي في سوريا يحقق الحرية والعدالة والمساواة.
والسبب الثاني، كان تواصل التدخلات الاقليمية والدولية في القضية السورية، وهي تدخلات تجاوزت التدخلات السياسية الى العسكرية، وشملت تقديم اسلحة وذخائر واموال ليس للنظام فقط، بل لجماعات وتشكيلات سياسية وعسكرية، تخدم استراتيجية النظام واخرى تعارضه الى هذا الحد او ذاك، لكنها تتقاطع ايضاً مع مصلحة القوى الاقليمية والدولية الداعمة واجنداتها التفصيلية، وكله ادى الى استمرار الصراع السوري في ظل توازنات ضعف القوى الداخلية وعدم قدرتها على حسمه لمصلحة احد طرفي الصراع الداخلي.
والسبب الثالث وربما هو الاهم، يمثله غياب ارادة دولية في مباشرة حل ومعالجة جدية للقضية السورية، وهذا الامر واضح في سياق المساعي الدولية لعقد مؤتمر جنيف2 الذي تسعى اليه الامم المتحدة وبمشاركة كل من روسيا والولايات المتحدة، اذ هو في احسن الاحوال، يفتح بوابة لحل سياسي، لكنه لا يكفل الوصول الى هذا الحل، لانه لا يقدم فهماً موحداً لخريطة طريق في القضية السورية، ولا يقدم ضمانات لتنفيذ مايمكن الاتفاق عليه، رغم ان الاتفاق في ظل الوقائع على الارض ومحتويات جنيف2 سيكون مستحيلاً بين وفدي النظام والمعارضة في حال انعقاد المؤتمر حتى لو تدخلت الاطراف الراعية لتقريب المواقف.
لقد تحولت القضية السورية في احد التصورات عنها لدى المجتمع الدولي والرأي العام الى حرب تقليدية بين النظام ومعارضين له في احسن الاحوال، وهي حرب بين النظام وجماعات تكفيرية متطرفة في اسوأ الاحوال، وبين هذين الحدين ينبغي العمل على اعادة رسم صورة حقيقية لقضية السوريين باعتبارها قضية شعب خرج من اجل الحرية ومن اجل العدالة والمساواة لكل السوريين وفي مواجهة نظام مستبد يحفل سجله بجرائم لاعدد لها، وهذا بالفعل مايمكن ان يوقف تراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية، ويعزز دور المجتمع الدولي واهتمامه وسعيه في حل القضية لمصلحة الشعب السوري ومن اجل مستقبله.

لماذا يكره الشيعة العرب والمسلمين السنة وغيرهم؟

حينما حاولت أن أجد سببا لكره الشيعة للعرب والمسلمين السنة لم أجد تفسيرا منطقيا مثل هذا :
"  مبادئ الشيعة  تقوم أساسا على تعظيم رجل الدين لتبرير طاعته، ومن ثم يكون مبررا لهم تكفير السنة وكره العرب إستنادا لفتاوى هؤلاء، ومعظم مراجعهم أصولهم إيرانية ومعتقدهم تم توظيفه لخدمة الفرس، لذا يلتصقون بإيران وتعاملهم كخدم ووقود لمصالحها.
ويمكن تفسير تعاون الشيعة ومرجعيتهم مع قوات الاحتلال الامريكي بكون ذلك رغبة إيرانية وهم غير معنيين بمصلحة الوطن.
ومنذ الدولة الفاطمية صدرت الفتوى الشيعية باعتبار قتال السنة أوجب من قتال الكافر.
ولاحتواء عقيدة الشيعة على الخرافات والروايات غير الصحيحة يتم أضافة روايات جديدة دوما لتبرير معتقدهم.
تحاول الشيعة التعويض عن كون علاقتهم مع الفرس تعني إن الفرس هم السيد والشيعة العرب هم الخدم،  لذا يعادون بعنف كل عربي ومسلم حتى لا ينظروا لحقيقة انفسهم و كونهم خدم الفرس. 
ولا ضعاف الشعور العربي عندهم ركز الفرس على المتعة الجنسية وتم اعتبارها كجزء من العقيدة، ومعلوم ان نزع العربي عن عروبته يبدأ من خلال التفريط بقيمه التي تعتبر المرأة الشريفة من لا تقيم علاقة الا مع زوجها. 
و في نفس الوقت التي اصبح رجل الدين الطريق الى خرافة المهدي المنتظر و: نائب الله!. وحقيقة ان كسرى كان يقول انه نائب الله واعاد خميني التذكير بانه نائب الله لكونه نائب الامام المنتظر. وهكذا نعرف ان فكر الشيعة قائم في الاصل على المجوسية لان الامام لديهم هو الدين."

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

حملات الثأر وتغذية الحرب الطائفية في العراق / هيفاء زنكنة




حكومة ‘العراق الجديد’، وواجهاتها الاعلامية، تدق طبول فتنة طائفية شاملة. الشعب العراقي الغارق في فيضان الفقر وسوء التعليم والصحة وخراب البنية التحتية ومقاولات الفساد والسمسرة، فضلا عن التمييز الطائفي، يتعرض هذه الايام، الى حملة صدمة وترويع شاملة، تساهم فيها اجهزة الاعلام عن طريق بث جرعات، مركزة، من نوعين من البرامج التعبوية التي لا تبث، عادة، الا في حالات الحروب. 
النوع الاول من البرامج يشمل تصريحات ساسة النظام ورجال دين ونشرات الاخبار وأشرطة الاخبار المتحركة اسفل الشاشة على مدى 24 ساعة يوميا. رسالتها التعبوية واحدة: تأييد ‘حملة الثأر’ التي يقول نوري المالكي انه يقودها ضد ‘الارهابيين’ والقاعدة، بينما تشير الوقائع الى انها موجهة ضد المعتصمين منذ عام في ساحات العزة والكرامة، احتجاجا على المداهمات والتعذيب والاعتقالات، النساء خاصة، والطائفية المتجذرة في نظام الحكم كله. وكان رد فعل النظام، منذ ايام الاعتصام الاولى، هو اتهام المعتصمين بالارهاب وانكار وجود المعتقلات تماما وان واصل استخدامهن كورقة للمقايضة، كما حدث منذ ايام حين قام باطلاق سراح عشر معتقلات كان ينكر وجودهن اساسا. 
ولم يدخر النظام جهدا في بناء صورة المتظاهر باعتباره ارهابيا قاعديا. ساعده في ذلك اسلوبا الترغيب والتهديد في داخل البلد والسياسة الامريكية الهادفة الى وجود عدو خارجي دائم. ان تهديدات المالكي، الاخيرة، بحرق خيام المعتصمين وتطويقهم عسكريا خلال ايام، هي استمرار لذات التهديدات التي اطلقها منذ الايام الاولى للاعتصامات والتظاهرات التي شارك فيها آلاف الناس في ست محافظات، على الرغم من التهديدات والاعتقالات وحملات القتل التي استهدفت قادة المعتصمين ورجال الدين الذين باتت قائمة اسمائهم تتجاوز العشرات. 
وقد امتدت حملات الاعتقال والتصفية (المسجلة غالبا ضد مجهول) لتشمل نوابا تجرأوا واتخذوا موقفا مؤيدا للمعتصمين. حيث قامت قوات المالكي الخاصة (يطلق عليها اسم الفرقة القذرة تكريما)، فجر يوم السبت الماضي، بمهاجمة بيت النائب احمد العلواني، مما ادى الى إصابة زوجته وقتل ستة من أفراد حمايته الخاصة وعائلته وإصابة عشرة اخرين بينهم اطفال. كما قامت القوات بإعدام شقيقه ميدانيا أمام زوجته وذويه. ونقل النائب مكبلا ومهانا الى مكان مجهول، واعلان حظر التجول في المدينة.
لاتمام رسم صورة العلواني كارهابي قاعدي، وليس ضحية لارهاب النظام واجهزة قتله المشرعنة، تم عرض اعتراف ‘عناصر من القاعدة’ تلفزيونيا، بينوا فيه بأنهم’كانوا يتخذون من ساحة الاعتصام في الانبار ملجأ آمنا لهم’. وان ‘بعض السيارات التي استخدموها في التفجيرات تم تجهيزها داخل مخيم الاعتصام’. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان اعترافات المتهمين هي، حسب كل التقارير الحقوقية الدولية، منتزعة بالاكراه وتحت التعذيب، لاستغربنا الا يعترف المتهمون المعروضون في اجواء مسلسل رعب تلفزيوني، بتفجير انفسهم عشرات المرات. 
وتتناقل بعض وكالات الانباء العراقية والمواقع الالكترونية، الآن، صورا مهينة عن معاملة النائب المعتقل أحمد وأخرى وحشية عن دهس رأس شقيقه القتيل علي بجزمة أحد افراد القوات الخاصة. تستحضر هذه الصور كيفية معاملة المحتل الامريكي للمعتقلين العراقيين وقتلهم تحت التعذيب ومن ثم رفع شارة النصر على جثثهم. فهل هذا هو النصر الذي يريد نظام ‘ العراق الجديد’، بساسته ونوابه جميعا، تحقيقه؟ ان ترفع شارة النصر على جثث الضحايا بعد اتهامهم بالارهاب وتسويغ ارتكاب جريمة قتلهم بعد شيطنتهم !
النوع الثاني من البرامج التعبوية في اجهزة الاعلام، مكرس لمتابعة كيفية قيام النظام باحلال الامن والاستقرار في البلاد وتوفير الاجواء الملائمة للمصالحة الوطنية. وترجمة ذلك، واقعا، هو تغطية، حملات الثأر التي يطلقها ‘رئيس الوزراء وقائد القوات المسلحة’ نوري المالكي، كلما اقتضت ضرورة حماية نفسه ومصالحه. حيث اصبح مفهوم التحريض على الثأر وممارسته، الذي تخلت عنه اكثر المجتمعات جاهلية منذ زمن بعيد، هو اسلوب الحكم المتبع في ‘العراق الجديد’. 
فمن حملة ‘الثأر للشهداء’ الانتقامية الى حملة ‘الثأر للقائد محمد’. ومحمد، لمن لا يعرف، هو اللواء محمد الكروي الذي كان قد ‘استشهد’ جراء ‘رفسه برميل متفجرات’، حسب ما اخبرنا المالكي نفسه على قناة ‘العراقية’ الرسمية . كما تقدم البرامج التعبوية الخاصة صور رمي وقصف بالاضافة الى فيديوهات مضببة لعمليات استهداف بالمروحيات تماثل ما كانت تعرضه قوات الاحتلال الامريكي. وبطبيعة الحال، من المستحيل التحقق من صحتها اذ يقتصر التصوير والتصريح على عسكريين يقفون على مقربة من خيام محروقة ومعدات صدئة وصحون وطناجر معدنية، في مناطق تتناثر عليها شاحنات عسكرية. 
ما يتلقاه المشاهد من التصريحات هو ان ‘قواتنا العسكرية الباسلة’ تمكنت من التخلص من امراء ومجندين للقاعدة والعثورعلى قوائم ملفات واسماء لمجندين آخرين بالاضافة الى العثور على ماكينة خياطة ! أما اشرطة الأخبار فمعظمها يدور حول وصول أسلحة وصواريخ متطورة لمواصلة المعارك ليلا في صحراء الانبار. بالاضافة الى نقل تصريحات مسؤولين امريكيين حول ارسال حوالي 75 صاروخا ‘هيلفاير’، مع التأكيد بانها وصلت قبل الموعد الأصلي المتوقع. وتأتي هذه الصواريخ مع طائرات أمريكية حاملة لها، ومع خطط لتجهيز السلطة بالطائرات بدون طيار، بدون التطرق لجانب التدريب والمدربين، والجانب الإستخباراتي الذي يبدو قد حسم لصالح المالكي كخيار أمريكي إيراني. 
ولتكتمل صورة الملهاة او الفيلم السينمائي من الدرجة العاشرة، يطل علينا سعدون الدليمي، وزير الدفاع بالوكالة، ليقايض المعتصمين باطلاق سراح النائب العلواني المتهم بانه ارهابي وقاعدي وقام لتوه بقتل افراد من القوات المسلحة (حسب بيان رسمي)، اذا ما قام المعتصمون بمغادرة خيامهم. فيا لها من دولة قانون! أليس الدليمي متهما في هذه الحالة بالتعاون مع الارهابيين والقاعدة، مهما كانت تسميتها؟
ان حملات الثأر التي يشنها النظام الطائفي لن تحل كارثة التفجيرات والقتل اليومي، خاصة وان الاعتقاد السائد بين الناس هو انها من فعل ميليشيات وقوات مرتبطة بالنظام، او انها تتم بعلم النظام وقواته الخاصة لانها تزداد وتقل وفق صعود وهبوط المناحرات بين المشاركين بالعملية السياسية، أو انها تتم من قبل القاعدة . والمعروف ان القاعدة، كتسمية وفاعل، تستخدم لتمرير العديد من العمليات الارهابية المنفذة من قبل جهات داخلية واقليمية فضلا عن أمريكا . وتبقى المسؤولية الاولى في احلال الامن وتأمين حق الحياة والعيش الكريم هي مسؤولية الحكومة. ولم نسمع، اطلاقا، بوجود حكومة تقوم بشن حملات ثأر ضد مواطنيها، ومهما كان السبب. حتى النظام الامبريالي الامريكي الوحشي، حين شن حملة انتقام لضحايا تفجيرات الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر، قاموا بتوجيهها ضد بلد آخر. أما حملات ثأر نظام المالكي أو ‘متعة العقل الصغير وضيق الأفق’، كما يقول الشاعر الروماني جوفينال، فانها بالاضافة الى حتمية اشعالها فتنة حرب طائفية (يقال بانها مشتعلة الآن) مجهولة المصير، وبالاضافة الى تقسيم العراق، لن يسلم احد من جحيمها. وفي غياب القانون وغياب القضاء العادل وتشريع الثأر والانتقام ستؤدي كل جريمة قتل الى جريمة قتل أخرى. يومها، على النظام الحالي، ان يحفر قبره بيديه، سواء كانت اسباب حملاته قرب الانتخابات او الاتفاق الامريكي الايراني على اقتسام العراق الضعيف كغنيمة. 
الظلم الذي يسيطر على الحياة في العراق، هو النبع الصافي المغذي للاعتصامات؛ وعليه – وفي ظل حكومة المالكي- لا يمكن أن يجف هذا النبع؛ لأنها حكومة لم تعترف بوجود الإنسان العراقي، قبل أن تعترف له بأية حقوق إنسانية وقانونية ودستورية.
إن هيئة علماء المسلمين إذ تدين هذه الجرائم المنظمة التي تحظى بدعم مباشر من المالكي وأجهزته الأمنية، فإنها تؤكد أن العراق على مفترق طرق إما أن يحكم من قوى الشر والبغي التي سخرت كل إمكانياتها لتمزيق وحدة الشعب العراقي، أو يكون للشعب العراقي موقف حازم يستطيع من خلاله تغيير واقعه للوصول إلى الحرية والتقدم، وتحقيق العدل والمساواة، ونصرة المظلوم، فإرادة الشعوب تلعب دورا فاعلا في صنع التاريخ بعد توفيق الله سبحانه وتعالى لها.

الأحد، 29 ديسمبر 2013

حوثي/ شبيح.. للأبد! / صبحي حديدي




شريط الفيديو يُظهر يمنياً من أتباع عبد الملك الحوثي، جاء إلى سوريا مقاتلاً يناصر نظام بشار الأسد، أسوة بأخوته في السلاح والعقيدة، من عناصر ‘الحرس الثوري’ الإيراني، إلى ميليشيا ‘حزب الله’ اللبناني، والمتطوعين من أنصار ‘أمل’ ونبيه برّي (رئيس مجلس النوّاب في لبنان!)، وأفراد الميليشيات المذهبية العراقية التي لا تبدأ من غلاة ‘الصدريين’، ولا تنتهي عند مهووسي ‘حزب الله’ العراقي ومرتزقة ‘لواء أبو الفضل العباس′… هؤلاء هم أطراف ما يُسمّى ‘المنظومة الشيعية’، التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، ‘حتى انتصار الدم على السيف’، كما يهذون، وحتى الرمق الأخير قبيل اندحار حليفهم، كما تقول حكمة التاريخ.
وشريط الفيديو يُظهر المقاتل الحوثي وهو يرفع بندقيته، ويهتف بحياة ‘أسد العروبة والمقاومة’، على نحو يتناغم كثيراً، وعن سابق اقتباس واقتداء أغلب الظنّ، مع ذلك الهتاف الاشهر لدى المنحبكجية’ أنصار النظام: ‘شبيحة للأبد! لعيونك يا أسد!’. فإذا هضم المرء، بيسر أو بعسر، حكاية الهتاف للمقاومة، بالنظر إلى ابتذال المفردة حتى صارت ذريعة لتبرير أحطّ سلوكيات ‘محور الممانعة’، من قمع المعارضين في طهران، إلى اغتيال الخصوم في بيروت، وتجويع فلسطينيي مخيم اليرموك في دمشق، فإنّ مفردة ‘العروبة’ هي التي تمتنع تماماً على الهضم: أحوثيّ، زيدي، وعروبيّ، قومجي؟
ثمّ أين ذهبت ‘هتافات الصرخة’، الحوثية التأسيسية الشهيرة دون سواها: ‘الموت لأمريكا!’، و’الموت لإسرائيل!’، و’اللعنة على اليهود!’، و’النصر للإسلام!’… وهل انطوت إلى غير رجعة؟ لعلّ هذا ما تشير إليه أجواء الصمت، ثمّ الحيرة والبلبلة، التي صارت تهيمن على أيّ سرادق عزاء تشهده منطقة صعدة، شمال اليمن، تأبيناً للحوثيين الذين يُقتلون في سوريا، دفاعاً عن الأسد. وأمّا أولئك الذين استدعاهم عبد الملك الحوثي من ساحات القتال في سوريا، من جبهات حوران والقصير والقلمون وبانياس، لحاجته إليهم في القتال داخل اليمن، بعد أن اخذت الكفّة العسكرية تميل لصالح خصومه من قبائل حاشد، فإنهم توقفوا عن ترديد أيّ هتاف، ورُبطت ألسنتهم عند اجترار السردية المكرورة الجوفاء: الدفاع عن المراقد الروحية الشيعية، في وجه ‘التكفيريين’ و’السلفيين’ و’الإرهابيين’!
وقبل أن تنقلب إلى حرب حقيقية بين الجيش اليمني النظامي، ورجال الميليشيات الحوثيين، وقبل أن يسقط في مختلف عملياتها قتلى وجرحى بالآلاف وعشرات الآلاف، ويتشرّد 50 ألف يمني معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وتتفكك 500 إلى 600 عائلة، قبل هذا كلّه كان ما يُعرف اليوم باسم ‘تمرّد الحوثيين’ في منطقة صعدة قد بدأ في صيغة تحركات شعبية محلية بسيطة، لم تكن موجهة ضدّ السلطة أساساً. العكس كان هو الصحيح في الواقع، لأنّ الطاغية اليمني علي عبد الله صالح كان، منذ 1986، الداعم الأوّل لخلايا الحوثيين الأولى، التي بدأت على هيئة منتديات دراسية وتبشيرية بريئة المظهر. وكان التكتيك بسيطاً، بقدر ما هو مفضوح مألوف لدى هذا الطراز من الطغاة: داوِ سُنّة اليمن، جماعة الإخوان المسلمين و’حزب الإصلاح’ تحديداً، بالتي قد تكون الداء، أي التيار الزيدي الشيعي.
غير أنّ الحوثيين لم يترعرعوا ويشتدّ عودهم في منطقة صعدة، بالذات، إلا لأنها منبوذة ومهملة ومنفلتة من قبضة الدولة المركزية، يقطنها 700 ألف نسمة، لا يخدمهم سوى مشفى واحد، ولا تتوفر لهم مياه الشرب النقية، والكهرباء نادرة، وأوضاع المدارس متردية، والخدمات الحكومية شبه منعدمة، والشائع الأكبر هو ثلاثي الأمية والبطالة والأوبئة. المفارقة تمثلت في أنّ الزيدية هي أقرب فِرَق الشيعة إلى السنّة كما يجمع الكثير من الدارسين، وتتصف عموماً بالاعتدال والابتعاد عن التطرف والغلوّ، ومؤسسها (زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، 695 ـ 740 م) كانت له آراء جريئة في الشريعة والمجتمع والسياسة والفلسفة، تختلف عن إجماع الفقه الشيعي العامّ.
كذلك تجدر الإشارة إلى أنّ نظام الإمامة كان قد تأسس في صعدة تحديداً، سنة 893 م، على يد يحيى بن الحسين، واستمرّ حتى عام 1962 مع إقرار النظام الجمهوري، ولهذا فإنّ بعض جذور الصراع مع الحوثيين تضرب في فكرة إحياء الإمامة، على هذا النحو أو ذاك. صحيح، أخيراً، أنّ علاقة الحوثيين مع إيران كانت أقرب إلى التبعية، وقد سبق لهم أن رفعوا علم ‘حزب الله’ بدل العلم اليمني. وفي جولات الصراع اللاحقة، بعد أن حُسمت المعركة لصالح الجيش النظامي سنة 2004، وقُتل فيها الزعيم الروحي والعسكري حسين بدر الدين الحوثي، أسوة بجولة القتال الراهنة، التي تتواصل بين كرّ وفرّ، كان الدعم الإيراني للحوثيين هو مصل الحياة وشوكة القتال، في آن.
ليس غريباً، إذاً، أن يتقاطر الحوثيون إلى سوريا، للانخراط في صفوف مناصري الأسد، وليس عجيباً أن تتبدّل شعاراتهم وهتافاتهم، فتنقلب رأساً على عقب أحياناً، والمدهش الوحيد، وهو مدعاة حزن أيضاً، أنّ هذا التشبيح لصالح نظام استبداد وفساد وهمجية قصوى، لا يُفقد الحوثيين هوامش التعاطف الطبيعي مع مطالبهم الحقوقية والمعيشية، أو حتى تلك العقائدية، فحسب، بل ينسف ما تبقى من حقّ في مفهوم ‘المظلومية’ ذاته: الآن وقد تشوّه المظلوم فصار ظالماً، قاتلاً ومرتزقاً، وشبيحاً!

السبت، 28 ديسمبر 2013

الى بوتين : احذر من الرقاد في تابوت بوش / صلاح المختار



بعد سوريا التي يقتل شعبها بسلاح روسي وامريكي بصورة تكاملية التحق العراق بمأساة الابادة الجماعية بسلاح مشترك امريكي وروسي! ولئن كانت امريكا دولة عريقة في امبرياليتها ونزعتها الاجرامية في التعامل مع الشعوب الاخرى فان روسيا تدخل عضوا جديدا في نادي الدول الامبريالية، وبنفس التبريرات الامريكية : الامن والمصلحة القومية! اليوم بدأ قتل العراقيين بالمروحيات الروسية التي استلمتها حكومة المالكي مؤخرا وكان اول استخدام لها ضد الشعب العراقي في الانبار وصلاح الدين ونينوى!
روسيا لم تشترط على المالكي عدم استخدام السلاح الروسي ضد شعب العراق، اما امريكا فقد قدمت للمالكي دبابات ابرامز وصواريخ استخدمها ضد الشعب العراقي في الانبار مع انها تشترط على كل نظام عربي تبيعه السلاح ان لا يستخدم ضد اسرائيل، اليوم رأينا تكامل وظيفة المروحيات الروسية التي تقصف من الجو ابناء الانبار مع وظيفة دبابات ابرامز الامريكية التي تقصف من الارض ابناء العراق وتهدم بيوتهم وتمزق اجسدا اطفالهم!
سلاح امريكي يقتل العراقيين ويقدم مع معرفة امريكا انه سوف يستخدم ضد الشعب وليس ضد عدو خارجي، وسلاح روسي يقدم للمالكي مع معرفة روسيا انه سوف يستخدم ضد العراقيين، واستخدم فعلا ضد الشعب العراقي، فما الفرق الان بين روسيا وامريكا؟ اننا ننتظر ضغطا روسيا لمنع المالكي من استخدام السلاح الروسي مجددا ضد العراقيين ولنفترض انها لم تعرف الا الان باستخدامه ضد الشعب والمدنيين، ولكن حتى يحصل ذلك فأن الضرورة تقتضي لفت نظر روسيا الى بعض معاني ونتائج هذه السياسة القصيرة النظر والتي قد تنهي عقودا من الصداقة مع العرب خصوصا مع العراق وتنشأ بدلها عداءات عميقة ستضع الاتحاد الروسي امام تحديات لن يستطيع مهما فعل ان يتجنبها،ومن المؤكد انها ستحرم روسيا من الاستقرار وتحقيق الاهداف التي وضعها بوتين لتحقيق تقدم واسع :
1 – ان اصطفاف روسيا مع امريكا في تزويد اعداء الامة العربية، وتحديدا في العراق وسوريا وايران، بالسلاح القاتل ليس مجرد عملية تجارية كما تبدو ظاهريا بل هي رسالة عدائية لشعب العراق وعموم الشعب العربي تقول بان روسيا تضع المال قبل حق الشعوب في الحياة وحماية النساء والاطفال والرجال من القتل والتشرد الذي نراه الان في العراق وسوريا. وهذا التطور يجعل الرأي العام العربي تدريجيا يزداد اقتناعا بان روسيا في عهد بوتين لاتختلف من حيث الجوهر عن امريكا.

2 – مادامت المصلحة الانانية، وليس المصلحة المعقولة التي لا تحرم الملايين من حق الحياة، هي حافز روسيا بوتين فان من حق كافة الضحايا ان يعاملوا روسيا بالمثل، وهذا حق طبيعي لاشك فيه.
3 – اذا ظنت روسيا انها قوية بما يكفي لقهر ارداة الشعوب فهي مخطئة لان امريكا اقوى منها بكثير واغنى منها بمسافات طويلة، واكثر خبرة في ابادة الشعوب، ومع ذلك هزمت ودفعت رغما عنها الى الانحدار من قمتها الى مستنقع الهزيمة والتراجع وفقدان الدور الاول في العالم، فهل روسيا مستعدة لتعريض نفسها للانتحار الحقيقي؟

4 – واذا ظنت روسيا انها محصنة اكثر من امريكا ضد ردود فهل الشعوب الاخرى فهي ايضا مخطئة فامريكا كانت ومازالت اكثر حصانة بما لايقاس من روسيا الهشة التكوين، وما تواجهه روسيا الان في القوقاز لا يوجد مثله في امريكا مما يجعلها معرضة للانتقام والرد بنفس منطقها وسياساتها من قبل ضحاياها. وعلى بوتين ان يتذكر جيدا ان دعم اطراف عربية قليلة حاكمة لشعوب البلقان في الاتحاد الروسي قد وضعه على صفيح ساخن وعندما تتوفر قناعة بان روسيا دولة معادية سوف ينشأ اجماع اغلبية عربية واسلامية شعبية وحكومية محوره الرد الفعال على روسيا وعندها يصبح السؤال هو : هل سيبقى الاتحاد الروسي؟
واذا ظن بوتين ان التاريخ انتهى بهزيمة العرب، وان روسيا صارت دولة متحكمة في مصائر الشعوب مثل اي دولة امبريالية فهي واهمة، ونذكره بان امريكا التي كانت متقدمة على روسيا في كل شيء وصلت حافة الانهيار وهي في ذروة قوتها لانها واجهت شعبا لا يستكين ولا يخضع لابتزاز الابادة الجماعية هو شعب العراق بقيادة طليعته المسلحة المقاومة العراقية. الشعب العربي قوة جبارة وخلاقة وسترون كيف سيهز العالم برمته. وعلى بوتين ونظامه ان يفهم ان دمائنا ليست ماء، وان التوازنات الحالية مؤقتة وقصيرة وسيرى بعينيه هذه الحقيقة غدا رغم انف من يريد للعراق ان يبقى اسير خطة تفكيكه.

5 – ليتذكر بوتين بان امريكا والغرب لم يكن ولن يكون صديقا لروسيا، مهما تنازلت ومهما قدم بوتين حفلات يغني فيها بقدراته الفنية الجيدة في امريكا امام نخبة من فناني هولي وود لكسب الرأي العام فيها، ولذلك يجب ان لاينسى ولو للحظة واحدة ان امريكا سترحب بشدة باي توجه عربي واسلامي واسع جدا لخلق مشاكل لروسيا سيضم اطرافا ليست ضد روسيا حتى الان.

6– ثمة اجماع على ان امريكا تدعم ما يسمى زورا ب(الاسلام الشيعي) ضد ما يسمى زورا ايضا ب(الاسلام السني) من اجل تفكيك الاقطار العربية خدمة للمصالح الصهيوامريكية، وبعد بروز تناقضات ثانوية بين امريكا وروسيا سابقا نرى روسيا الان تتبنى نفس الموقف فتدعم طرف اسلاميا ضد اخر وتقدم له كل وسائل الابادة الجماعية والتطهير العرقي والطائفي، ولنفس الهدف الصهيوامريكي كما هو واضح : اشعال حروب طائفية في كافة الاقطار العربية. هذا هو موقف روسيا مثلما هو موقف امريكا كما نراه اليوم خصوصا في سوريا والعراق.
ان الدول الامبريالية القديمة، وهي الدول الغربية، والدول الامبريالية الجديدة مثل روسيا تلتقي حول قاسم مشترك هو اشعال الفتن الطائفية في الاقطار العربية ويبقى الهدف المركزي هو تقسيم وتقاسم الاقطار العربية، مع ملاحظة ان امريكا هي التي اشعلت المعارضة الاسلامية المسلحة داخل الاتحاد الروسي، لنفس الهدف وهو شرذمة روسيا وتقسيمها، فهل يقدر بوتين النتائج الخطيرة للمساهمة الروسية في اشعال وتغذية الفتن الطائفية في الاقطار العربية والتي يذهب ضحيتها المئات يوميا.
اذا كان بوتين يعتقد بان ما يسمى ب(الاسلام السني) الحاكم يقف وراء المعارضة في القوقاز لذلك فهو يدعم ما يسمى (الاسلام الشيعي) تنكيلا بالاول، فان هذه النظرة قاصرة ومقصرة بل خطيرة على الامن الروسي ليس في المستقبل البعيد بل في القريب منه. ان هذا التقسيم بين اسلام شيعي واسلام سني ليس سوى تقسيم امبريالي دعمته ايران لانها دولة قومية واقعا وفعلا لديها مطامع معروفة في ارض العرب ومياههم، بينما الواقع يقول بان المسألة الاساسية هي تحرير الامة من الغزو الاستعماري بكافة اشكاله بما في ذلك الشكلين الروسي الجديد والايراني المعتق.

7 – واليوم وقد ابتدأت معركة الانبار لتضع الثورة العراقية المسلحة امام مهام مرحلة الحسم، على روسيا ان تفكر عشر مرات قبل مواصلة دعم المالكي لانها ستصبح شريكا في جرائم ابادة شعب العراق وسوف نعاملها مثلما تعاملنا مع امريكا.

8- دم العراقيين والسوريين يا بوتين ليس ماء ولن يكون ماء ومن يسفح هذا الدم كما تفعلون في العراق وسوريا عليكم ان تدفعوا الثمن في الزمن المناسب، وعليك ان تسأل مستشاريك غير الكذابين، مثل سفير روسيا السابق الفاسد في العراق، عن طباع العراقيين سيقولون لك بان العراقي لا ينسى الاساءات مثلما يتذكر بحدة من قدم له الخدمة، ونحن الان نسجل كل شيء.

9 – واذا راهنت على ان العرب يحتاجون لسلاحك مستقبلا بعد تحرير وطنهم خصوصا تحرير العراق وسوريا من الاستعمار الايراني، فانت واهم لان العالم لم يعد كما كان، والسلاح متوفر لمن يدفع وسندفع لاجل شراء السلاح لحين العودة الى انتاجه والاعتماد على الذات، ولذلك لا تراهن عل عجزنا نتيجة حاجتنا لسلاحكم. وتذكر ان من هزم امريكا يستطيع الرد عليكم بطريقة مناسبة.

10 – نحن من جهتنا حريصون كل الحرص على المحافظة على علاقات صداقة مع روسيا ولكن الصداقة ليست عشقا من طرف واحد فهذا غباء ومساهمة في تدمير الذات، لذلك ننتظر منكم موقفا واضحا ليس اقل من الحياد الفعلي.
فهل تنصت يا بوتين لمصلحة روسيا المستقبلية؟ ام ستواصل تقديم ادوات الابادة لحكومة المالكي ونسختها في سوريا؟

الثعلب والبنك المركزي الأوروبي / هاورد ديفيز



مؤخرا اعتبرت إحدى مجلات الأعمال الفرنسية كريستين لاجارد، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، الشخصية الفرنسية الأكثر نفوذًا على المستوى الدولي بين كل الفرنسيين على قيد الحياة - في مرتبة تسبق كثيرًا الرئيس فرانسوا أولاند. ورغم أن هذا القرار ربما تأثر بالسياسة، فمن المؤكد أن لاجارد هي السيدة الفرنسية الأبرز على قيد الحياة.

الواقع أن المنافسة التي تواجهها لاجارد في هذه الفئة ليست قوية بشكل خاص. فقد ارتفع نجم فاليري تريرويلر رفيقة أولاند بعد تغريدة سياسية حمقاء عن رفيقة أولاند السابقة، ولكنها منذ ذلك الحين تراجعت إلى ما وراء الجدران النارية لقصر الإليزيه. أما بريجيت باردو فهي لم تعد تشكل إحدى قوى الطبيعة العارمة كما كانت ذات يوم.

ولكن ربما يكون هذا على وشك أن يتغير الآن. فقد أكَّد البرلمان الأوروبي للتو تعيين دانيلي نوي من بنك فرنسا أول رئيسة للمجلس الإشرافي الجديد للبنك المركزي الأوروبي.

ويأتي هذا الإعلان قبل أقل من شهر من تولي البنك المركزي الأوروبي الإشراف المباشر على نحو 130 بنكا تمثل أكثر من 80% من الأصول المصرفية في منطقة اليورو، الأمر الذي يجعل البنوك الوطنية الأصغر فقط ضمن اختصاص الهيئات الرقابية المحلية. والواقع أن نوي (التي عملت معها) مشرفة واسعة الاطلاع ومقتدرة، وهي مجهزة بتركيبة فاتنة من العزيمة والجاذبية. وسوف تحتاج إلى كل هذه الصفات وأكثر لجعل النظام المصرفي الجديد في أوروبا قادرًا على العمل بكفاءة.

وقد اختير البنك المركزي الأوروبي باعتباره آلية إشرافية موحدة، على الرغم من الأساس القانوني الضعيف (المتمثل في فقرة غامضة في معاهدة لشبونة) لمسؤولياته الجديدة. فعندما وُقِّعَت معاهدة لشبونة، كانت ألمانيا معادية كليّاً لفكرة إعطاء البنك المركزي الأوروبي مثل هذا الدور. ولكن لم يكن أحد راغباً في التفكير في المهمة الجسيمة المتمثلة في وضع إطار لمعاهدة جديدة لإنشاء مؤسسة تتمتع بالسلطة اللازمة. وكانت هذه العملية لتشمل إجراء استفتاءات شعبية - وبالتالي المخاطرة بأن يسلك التصويت طريقاً مغايرًا لهوى البيروقراطيين الأوروبيين.

وعى الرغم من الشكوك القانونية المستمرة المحيطة بسلطات البنك المركزي الأوروبي، فإن الحاجة إلى هيئة إشرافية مركزية كانت محل توافق واسع النطاق. فقد لحق بمصداقية الهيئات الإشرافية الوطنية في أوروبا في السنوات الأخيرة ضرر يتعذر إصلاحه، بسبب اختبارات الإجهاد المالي التي وزعت شهادات حسن الأداء على المؤسسات - بنك لايكي في قبرص وبنك أسبانيا بين بنوك أخرى - التي تبين في وقت لاحق أن موازناتها العمومية كانت مليئة بثغرات ضخمة.

وقد اتفق زعماء أوروبا على ضرورة اطّلاع البنك المركزي الأوروبي بشكل مباشر على الميزانيات العمومية لعملائه المحتملين ما دام يقوم بدور الملاذ الأخيرة لإقراض منطقة اليورو. وقد نتوقع منه أيضاً أن يلقي نظرة أكثر موضوعية على المؤسسات التي يتولى الإشراف عليها - نظرة منفصلة عن تأثير السياسات الوطنية.

وقد سارت الأمور على ما يرام حتى الآن. ولكن البنك المركزي الأوروبي يحتاج إلى الدعم حتى يتسنى له القيام بوظيفته. في المؤتمر المصرفي الأوروبي الأخير الذي استضافته فرانكفورت، كان هناك شبه إجماع على أن الاتحاد المصرفي الفاعل يتطلب وجود سلطة حل مركزية (للتعامل مع المؤسسات المالية الفاشلة) وصندوق لحماية الودائع يتمتع بضمانة متبادلة (لتعزيز الثقة في البنوك الأضعف في اقتصادات منطقة اليورو المتعثرة).

ولكن كان هناك أيضاً شبه إجماع على أن الاتحاد المصرفي الأوروبي لن يلبي أياً من هذه الاحتياجات - على الأقل ليس في البداية. ويفرض الفرنسيون المنطقيون ضغوطًا شديدة على الألمان الشديدي البخل، وقد يتم التوصل إلى حل وسط ولكن المعركة لا تزال شاقة.

وما يزيد الطين بلة أن آليات صنع القرار في البنك المركزي الأوروبي لا تتفق مع دور الهيئة المشرفة على العمل المصرفي. وقد تم الاتفاق على أن كل بنك سوف يعمل به فريق إشرافي بقيادة البنك المركزي الأوروبي - مسؤول عن تقديم التوصيات بشأن قضايا مثل متطلبات رأس المال، ووزن مخاطر بعض الأصول بعينها، ولياقة واستقامة القادة وكبار المديرين. وسوف يتم إنشاء هيئة إشرافية جديدة تضم مسؤولين من البنك المركزي الأوروبي ورؤساء هيئات الإشراف المصرفي في كلٍّ من بلدان منطقة اليورو لتلقي هذه التوصيات.

ولكن لابد أن يُطرَح كل شيء على مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي للموافقة أو عدم الرفض. ومجلس إدارة البنك ليس معتاداً على اتخاذ قرارات سريعة بشأن قضايا غير متوقعة. ذلك أن مسؤوليته الرئيسية تتلخص في تحديد السياسة النقدية، والتي تنطوي على عدد ضئيل من القرارات ذات الأهمية البالغة، والتي تتخذ عادة وفقاً لجدول زمني محدد سلفا. ولأن السياسة النقدية تعمل من خلال التأثير على توقعات السوق، فإن تعظيم القدرة على التنبؤ بمثل هذه القرارات - على الأقل من حيث التوقيت والمبادئ التوجيهية - يعزز من فعاليتها.

الواقع أن الإشراف عمل أقل تنظيما، ويتطلب اتخاذ قرارات في أوقات غير متوقعة، وعلاوة على ذلك، تتفاعل القرارات فيما بينها، وكثيرًا ما تتطلب التعديل والتوضيح. وانتظار عملية صنع القرار المهيبة كل شهر قد يكلف الكثير من المال وقد يلحق الضرر بمصالح المودعين.

وأقتبس هنا تصنيف الفيلسوف أشعيا برلين الشهير والذي يقول فيه إن المشرف مثل الثعلب؛ فهو يعرف أمورًا صغيرة كثيرة، ويتمتع بالمرونة والقدرة على تكييف استراتيجيات البقاء بشكل مستمر. فالبنك المركزي الناجح أشبه بالقنفذ؛ فهو يعرف شيئاً واحداً كبيرا - وهو أنه لابد أن يستمر في التركيز على خفض التضخم. وتُعَد عملية صنع القرار البطيئة التي يمكن التنبؤ بها فضيلة بالنسبة لهذا المخلوق، ولكنه ليس مجهزًا للتعامل مع عالم بنوك القرن الحادي والعشرين الذي يتسم بسرعة الحركة وشدة التعقيد.

وبالتالي فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه نوي في قيامها بدورها الجديد في البنك المركزي الأوروبي يتمثل في تعليم القنفذ حيلا كتلك التي يتقنها الثعلب. وفي الظروف المثالية، قد تعينها على ذلك بنية منقحة لصناعة القرار، مع موضع جديد للسلطة قادر على دعم الفرق الإشرافية بقرارات سريعة. ولكن الحاجة إلى تجنب إدخال التعديلات يستبعد مثل هذا الأمر.

هاورد ديفيز: رئيس هيئة الخدمات المالية البريطانية السابق

بيان: المالكي يريد جر البلاد الى حرب اهلية

عرض شعار اللجنة.bmp
 بيان رقم 161  
                                         بسم الله الرحمن الرحيم  
                             م / المالكي يريد جر البلاد الى حرب اهلية   

يدين الحراك الشعبي في محافظة ذي قار مايقوم به المالكي من عمليات استفزازية لاهلنا في الانبار والتي بدأها بمحاصرة ساحة العز والكرامة وختمها فجر اليوم باقتحام منزل النائب احمد العلواني وقتل شقيقه وزوجته وبعض من افراد حمايته رغم تمتع العلواني بالحصانة البرلمانية التي نعرف انها هشة بوجود الدكتاتورية !!! نحن على يقين ان ماقامت به قوات المالكي بهكذا جريمة هي لجر البلاد الى حرب اهلية الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي بكل اطيافه فيما سيكون المالكي ومن خلفه ايران هو المستفيد الاكبر من هكذا حرب اهلية , الحركة الشعبية لإنقاذ العراق اذ تدين هذه الاعمال الاجرامية من قبل المالكي تناشد اهلنا في الانبار ان لايعطوا الفرصة للمالكي باستفزازهم وان يفشلوا مخطط ايران في تحويل حراكهم السلمي الى مواجهة عسكرية وجرهم الى حمل السلاح وهذا غاية منا ايران وليمنحوا المالكي الفرصة في البقاء على سدة الحكم عن طريق الاحكام العرفية واعلان حالة الطوارئ التي سينفذها المالكي تتمة لمخطط سليماني الذي اتفق معه على هذا الامر في زيارته الاخيرة الى طهران , واخيرا نناشد المرجعيات الدينية في النجف الاشرف ان يدلوا بدلوهم وكفاهم سكوت ولا مبالاة عما يقوم به المالكي من استفزاز لمشاعر مكون اساسي ومهم من مكونات الشعب العراقي ان كان يهمهم سلامة العراق ارضا وشعبا كما يدعون وتنفيذا لكلام الله عز وجل وقفوهم انهم مسئولون . 

                                                                     عدي الزيدي   
                                                          الحركة الشعبية لانقاذ العراق 
                                                       ذي قار 28 كانون الاول  2013

لا يمكن التعايش مع الميلشيات الشيعية الخادمة للمشروع الامبريالي الامريكي والايراني / سليمة الهاشمي



يجب ان يتعلم من ينخرط بالعملية السياسية في العراق المحتل والمدمر على يد الميلشيات الشيعية الخادمة للمشروع الامريكي والايراني، انه لا يمكن مطلقا ان يتخلص الطائفي الشيعي العميل من طائفيته حتى لو ادعى اليسار . 
الميلشيات لها مشروعها الطائفي الذي لا يلتقي مع مشروع الوطن.
هذا الدرس الناتج من اعتقال النائب في برلمان مابعد الاحتلال الامريكي  احمد العلواني وقتل شقيقه، يؤكد انه لا مجال للتعامل مع العملاء الطائفيين فقد باعوا الوطن وشاركوا في قتل ابناءه لذا لا يمكن سوى مواصلة النضال لاسقاطهم وطردهم من هذا العراق.
اجرام الميلشيات الشيعية يستند على مرجعية الشيعة العميلة والتي يقودها الايراني علي سيستاني الطائفي والمجرم والذي شارك بتدمير العراق عن طريق عدة فتاوى وتلقى مقابلها المال من قوات الغزو الامريكي ومن وزير الدفاع الامريكي.
هذه الميلشيات تجد ان رصيدها يرتفع من خلال قتل السنة والمسيحين في العراق ، وهو ما يفعله المجرم نوري مالكي المجهول النسب الذي يجد ان الشيعة الذين تحولت ميلشياتهم لخدم للاحتلال الامريكي وكل ايراني تريد المزيد من الدماء والقتل للسنة.
ولابد من القول ان وحدة القوى الوطنية بمختلف اتجهاتها الاساس الصلب للتصدي للمشروع الامبريالي الامريكي الايراني .
تجد الامبريالية الامريكية وايران  في المرجعية الشيعة وميلشيات الشيعة الاداة المنفذة لجريمة تدمير وتحطيم العراق وقتل ابناءه وشطب الوجود العربي فيه المتمثل بالسنة في العراق مع الشيعة العرب.
لم تظهر طائفة في الاسلام تدعو لاحتلال بلدها كما فعل الشيعة في العراق. وقد كرروها مرتين اولى ابن العلقمي والثانية مع غزو العراق عام 2003.
ان كل من يتحالف مع عصابة المالكي او يتعامل معه لا يختلف كثيرا عنه مهما كان دينه او مذهبة او اتجاهه.
الطائفية لا يمكن ان تلغى عن طريق الادعاء باليسار. المجرم نوري مالكي وهو الطائفي  الغارق في الخيانة والذي اتضح قدرته على التصدي للاحذية لا يمكن ان يجد مدافعا عنه سوى في حالتين طائفي او عميل وكلاهما لا يمكن الا ان يكونا من الذين انخرطوا في عملية سياسية ما بعد الاحتلال او من الذين يبررون هذا الاحتلال.

البذاءة تتطابق مع المعلقين الشيعة والمدافعين عن الانظمة العربية


إذا وجدت تعليقا بذيئا، فلا بد أن يكون المعلق من الاحزاب او المتعصبين للشيعة أو مدافعا عن الانظمة العربية.
في الجانب الشيعي الذي يخلو من علماء يمكن الاعتماد عليهم ، تولد البذاءة كوسيلة دفاع تراكمت نتيجدة وجود الدعارة (المتعة) والتقية كجزء من العقيدة. ولهذا لايستند هؤلاء على أي معيار أخلاقي.
ومن المعروف ان الشيعة العرب المعروف اصولهم يرفضون المتعة لكنهم ليس لهم حظ في اي مرجعية شيعية اذ الاصول الايرانية للمرجع تعتبر الامر الحاسم وبعد ذلك يتم الصاق انه من ال البيت رغم انه لا يستطيع ان ينطق العربية وليس قادرا على قرأءة سورة قصيرة في القران الكريم، كما هو السيستاني.
وغالبا ما ترد التعليقات على ما ينشر من مواضيع لا تعود لي فقط، والتي لا ننشرها لانها تعبر عن مستوى الاخلاق المتدنية عند المعلقين التابعين تعصبا او تنظيما للميلشيات الشيعية..
لا يهم ما يقوله هؤلاء فالمتعة والكذب والتقية وكلها مرادفة للسقوط الاخلاق تبدأ من علماء الشيعة الذين لا يملكون علما لكنهم يملكون من الجهلة الكثير الذين يتبعونهم.

لم ارى عالما شيعيا مؤدبا، ولم اسمع اي من اقزام الشيعة (رجال الدين الشيعة)  من لديه القدرة على الحديث وعدم الاسفاف في ان واحد.. مصيبة الشيعة انهم لا يستطيعون النظر الى الكم الهائل من التفاهة والسقوط الاخلاقي والعبودية للفرد التي تحويها كتبهم .

 ناهيك عن الخرافات مثل المهدي المنتظر .. والذي اتضح انه عميل للولايات المتحدة الامريكية اذ شارك علماء الشيعة بدون استثناء في الدفاع عن الغزو الامريكي للعراق والتحريض على قتل المدنيين وافراد المقاومة العراقية.. فاي نوع من المنتظر يمكن ان يبشر به هؤلاء التافهين من علي سيستاني الى خامئني وقبل ذلك المجرم خميني.

اما الجانب الذي يدافع عن الانظمة بطريقة مشابهة وان كانت اقل من الشيعة ، فهي تؤكد نوع الانظمة التي يدافع عنها سفيه فاجر بهذه الطريقة البذيئة.
الانظمة العربية وعلى اعلى المستويات لا تملك الاخلاق لذا هي ليست بحاجة الا للسفهاء والفجار للدفاع عنها .

الخميس، 26 ديسمبر 2013

المقاطعة الأكاديميّة لإسرائيل.. وبعدها الحوار! / كلوفيس مقصود

في 15 كانون الأول الجاري، صوّت أعضاء «جمعيّة الدراسات الأميركيّة» بنسبة 66 في المئة لصالح تبنّي قرار المجلس الوطني التابع للجمعيّة القاضي بمقاطعة المؤسسات الأكاديميّة الإسرائيليّة احتجاجاً على الطريقة التي تنتهجها إسرائيل في معاملتها للفلسطينيّين.
وقد انطلق المجلس من معايير مبنيّة على أدلّة تفيد بوجود تمييز مؤسّسي، فكانت له بادرة تضامنيّة مع الباحثين والطلاب المحرومين من حرّيتهم الأكاديميّة أملاً في تعزيز هذه الحريّة للجميع، بمن في ذلك الفلسطينيّون.
وانتقدت «جمعيّة الدراسات الأميركيّة» أيضاً الجامعات الإسرائيليّة على «تواطئها» في قمع الفلسطينيّين، على الرغم من أن عدداً كبيراً من الأساتذة في المجتمع الأكاديمي الإسرائيلي يُظهر التزاماً بحقوق الإنسان.
يمثّل هذا القرار التزاماً بالموضوعيّة، وقد استند المجلس في قراره إلى بحوث جدّية. هذا ما يُتوقَّع من الأكاديميّين.
أحد الأدوار الملقاة على عاتق الأساتذة هو نقل المعارف إلى المجتمع خدمةً للتنوير. وهذا هو أيضاً دور المجلس الوطني لـ«جمعيّة الدراسات الأميركيّة».
بالطبع، ندّد السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر بقرار الجمعيّة مقاطعة المؤسسات الأكاديميّة الإسرائيليّة، مدّعياً أن «إسرائيل هي الديموقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط».
ديموقراطيّة؟ في إسرائيل حيث التمييز المؤسّسي ضد المواطنين العرب متجذّر وموثَّق جيداً؟ الدول الديموقراطيّة لا تطبّق سياسات لبناء مستوطنات زاحفة في المناطق المحتلة، ولا تحرم اللاجئين حقّهم في العودة إلى منازلهم، ولا تبني جدراناً في داخل الأراضي المحتلة، ولا تتحدّى القانون الدولي وكل قرارات الأمم المتحدة المتعلّقة بالمسألة الفلسطينيّة.
عندما تعمد الدول الديموقراطيّة لأي سبب كان، سواء كان مبرّراً أم لا، إلى احتلال كيان وطنيّ آخر ولا تعترف بأنها سلطة احتلال وبأنها تخضع بالتالي لاتفاقيّة جنيف، علينا أن نعيد النظر في تعريف مصطلح «ديموقراطيّة».
تلجأ المجموعات والأشخاص الموالون لإسرائيل الذين يصنّفون أي انتقاد لها في خانة «مناهضة الساميّة»، إلى التشويه الدنيء للحقائق والهجوم المتعمّد على الأشخاص الذين يحاولون فقط أن يكونوا حياديّين. كذلك فإن مهاجمة الأساتذة اليهود وسواهم في داخل إسرائيل وخارجها لدفاعهم عن الحقوق الشرعيّة للفلسطينيّين ونعتهم بأنهم يهود «يكرهون أنفسهم»، ليست ممارسة ديموقراطيةّ بل تصرّف مشين.
الديموقراطيّة الحقيقيّة تنبثق عن التزام بتمكين الإنسان بغضّ النظر عن عرقه أو دينه. يعتبر أشخاص مثل نعوم تشومسكي وريتشارد فولك وآلاف المواطنين اليهود في كل مكان ـ بما في ذلك في إسرائيل ـ والذين يتأثّرون كثيراً بمعاناة الفلسطينيّين ويلتزمون بالدفاع عن حقهم في تقرير مصيرهم، يعتبرون إذاً أنه على صانعي السياسات والقرارات في الولايات المتحدة أن يفكّروا جدياً في المعنى الأخلاقي لقرار «جمعيّة الدراسات الأميركيّة» وسواها من المنظمات الأكاديميّة بمقاطعة المؤسسات الأكاديميّة الإسرائيليّة.
وعن القرار، قال عضو الكنيست السابق أبراهام بورغ «حسناً، إذاً لن يوجّه عدد من الباحثين الأميركيّين دعوات إلى عدد من الباحثين الإسرائيليّين. هذا مريع في نظري، لأن المجتمع الأكاديمي هو الوحيد الذي ما زال يتمتّع بحريّة الفكر وحريّة التعبير». لهذا بالضبط سيد بورغ، تبنّت «جمعيّة الدراسات الأميركيّة» قرارها!
يؤمَل أن يساهم هذا التطوّر المهم في التمهيد لنقاشات وجدالات وحوار صحّي في أوساط الشعب الأميركي، وأن يُترجَم على المستوى الديبلوماسي تراجعاً في استخدام الولايات المتحدة حقّ النقض في مجلس الأمن الدولي.

واشنطن تؤكد دعمها لحكومة الميلشيات الشيعية في قتل المتظاهرين والمعتصمين في المناطق السنية في العراق المحتل



 تسعى الولايات المتحدة الامريكية لاظهار  موقفها ضد الحراك الشعبي في المحافظات السنية العربية العراقية عن طريق تزويد حكومة الميلشيات الشيعية التي قامت بتنصيبها بالسلاح وطائرات الاستطلاع.
وقدم دبلوماسي امريكي حججه للتغطية على اسباب الدعم الحقيقي وقال ان الولايات المتحدة سلمت العراق صواريخ وتستعد لتزويده بطائرات استطلاع من دون طيار لمساعدة بغداد في احتواء تصاعد اعمال العنف الدامية التي يرتكبها متمردون مرتبطون بالقاعدة، مؤكدا بذلك معلومات اوردتها صحيفة ‘نيويورك تايمز′.
وقبل ما يقرب من شهرين قيل ان مالكي حصل على دعم امريكي لانسجام خطه الطائفي مع المخطط الامريكي انظر هنا
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في الادارة الامريكية ان 75 صاروخا هلفاير سلمت الاسبوع الماضي.
واكد مسؤول في الخارجية لفرانس برس ان عددا غير محدد من صواريخ هلفاير سلمت ‘مؤخرا’ لبغداد في اطار ‘الدعم الامريكي للعراق في محاربة الارهاب بفضل اتفاق- اطار استراتيجي’ بين البلدين.
ويأتي هذا الدعم بعد ان اعلن رئيس حكومة الميلشيات الشيعية نوري مالكي انه سيفض الاعتصام السلمي لمناطق السنة ومنها الانبار بالقوة.
وقالت الصحيفة ان الاهداف المحددة هي ‘معسكرات المتمردين’ في صحراء الانبار بغرب البلاد وخصوصا اولئك المنتمين الى الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطة بالقاعدة.
وقال قائد في الحراك الشعبي العرالقي ان الاهداف الموجهة له هذه الاسلحة هم المدنيين الذين يعتصمون منذ سنة في ساحات المدن المختلفة مطالبين بالاصلاح.
ومثل الاحتجاج الشعبي العراقي في المنطاق العربية العراقية السنية تحديا لمناطق الشيعة التي خضعت بالكامل للمرجع الشيعي علي سيستاني الذي طالب بالبقاء على عدم معارضة الحكومة الشيعية والذي سبق ان تلقى امولا امريكية للافتاء بعدم مقاومة الاحتلال الامريكي.
ويمثل الدعم الامريكي لحكومة الميلشيات الشيعية رسالة واضحة لتأكيد مساعي امريكا في اضافة تهديدات جديدة ضد المقاومة السورية وضد دول الخليج العربي التي تورطت سابقا في دعم حكومة الميلشيات الشيعية رغم خضوعها لايران.
وكانت الخارجية الامريكية دانت الاحد ‘الهجمات الاخيرة لداعش’ ووعدت بغداد بدعم امريكي لكنها لم تدن اطلاقا مقتل اكثر من 200 عراقي على يد حكومة الميلشيات الشيعية.
واضاف المصدر نفسه ان 10 طائرات استطلاع من طراز ‘سكان ايغل’ سيتم تسليمها ‘قبل نهاية اذار/مارس′ وستكون مهمتها تحديد مواقع هذه المعسكرات.
واكد الدبلوماسي الامريكي تسليم هذه الطائرات ‘قريبا’ من دون تحديد موعد.
وتابعت ‘نيويورك تايمز′ ان ‘اجهزة الاستخبارات ومكافحة الارهاب الامريكية تؤكد انها رصدت مواقع شبكة القاعدة في العراق وتتقاسم هذه المعلومات مع العراقيين’.
ويقول خبراء ان رسالة التحالف الامريكي مع  ايران ونظام بشار اسد عن طريق الحكم الشيعي في العراق ستكون واضحة لدول الخيج العربي التي شاركت في تدمير وغزو العراق بالتعاون مع قوات الاحتلال الامريك وايران وسوريا والاردن.

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

تحقيق الهدف الأول / وليد الزبيدي



كان يهود العالم يعملون جميعاً على تحقيق هدفهم بالوصول إلى الأراضي المقدسة في فلسطين، فقد كان ذلك الهدف يقف في المقدمة ومن أولويات اهدافهم ضمن مخطط تجميع الشتات وسلوك مختلف السبل للوصول إلى فلسطين، ولم تكن العملية عفوية أو مصادفة أن يحدث "اضطهاد" لكل يهود أوروبا حتى يتجهوا إلى تركيا، فهناك من يرى أن تحركات العقول اليهودية قد ساهمت في خلق الأجواء المناسبة لدفع اليهود للتفكير جديا بالتوجه إلى فلسطين، وقد حصلت ذات الممارسات في اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين مع يهود الدول العربية وتحديدا يهود العراق ومصر، بل إن الوقائع والأحداث، تثبت أن ذلك جاء بمخططات دقيقة بحيث شهدت العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر هجرة قوية إلى فلسطين برغم كل الاجراءات التي اتخذها السلطان عبد الحميد الثاني لمنع تلك الهجرة. إن الحكومة العثمانية قد اكتشفت أن موظفي ميناء يافا "المرتشين" الذين كانوا يرسلون كل شهر إلى الوالي بيانات كاذبة تفيد أن كل اليهود الذين دخلوا البلاد خلال الشهر السابق قد عادوا مـن حيـث اتوا، وكان اليهود مُصرّين على الوصول إلى فلسطين مستخدمين بـذلك جميع الوسـائل، ولم تكن هجرة مجردة، بل إنها كانت مصحوبة بشراء الأراضي والعمل على بناء المستعمرات، وبدأ تدفق اليهود على شكل جماعات إلى فلسطين فـي عام 1882، وخلال عدة سنوات ازدادت اعدادهم واتسعت الأراضي التـي سيـطروا عليـها، لذلك ادرك وجهاء العرب في القدس خطورة ذلك الأمر، حيث قامت مجموعة منهم بالالتماس من الحكومة المركزية في استنبول لمنع اليهود من الهجرة إلى فلسطين ومنعهم من شراء الأراضي في القدس.
كان السلطان عبد الحميد الثاني يدرك تماماً حجم الخطر اليهودي، وكانت تصله أخبار الجماعات اليهودية، وكيفية دخولها فلسطين مستخدمة أساليبها المعروفة، ويذكر د.احمد النعيمي إنه كانت تمارس على السلطان عبد الحميد الثاني الكثير من الضغوط الداخلية والخارجية ولكنه اعلن صراحة في 28حزيران/يونيو 1891م قائلاً (ليس من الجائز أن نسمح قبول اليهود في الدولة العثمانية لأنهم طردوا من كل مكان، لأن قبولهم يعني بأن هؤلاء سوف يكّونون حكومة يهودية في القدس، وما دامت هناك فكرة لإرسال هؤلاء إلى الولايات المتحدة، فمن باب اولى ارسالهم بواسطة السفن مباشرة).
وهنا لا بد من الاشارة إلى أن الافكار والمقترحات التي كانت تتردد من قبل اليهود بأمكان ارسال اليهود إلى أميركا أو الأرجنتين أو العراق، إنما كان القصد منها ذر الرماد في العيون من خلال الآتي :
اولاً: أن ذلك الطرح يؤكد أن اليهود يسعون إلى الاستقـرار فـي أي مكان كان، وليس القصد من سعيهم هو السيطرة على الأراضي المقدسة في فلسطين، ومن هنا يشعر المتلقي لتلك الطروحات أن اليهود يعيشون مأساة حقيقية، بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد مزعوم في اغلب دول العالم. وهكذا يقدمون أنفسهم وكأنهم مجموعة من المشتتين الضائعين الذين يبحثون بأمن وسلام عن اية بقعة توفر لهم الحياة البسيطة.!!
ثانياً : أن اشاعة ذلك الأمر، سيخفف ـ حسب اعتقادهم ـ من حذر السلطة العثمانية ويقلل من شكوك وقلق السلطان عبد الحميد الثاني ومعه جمهرة المسلمين، الذين بدأوا يحذرون من اخطار اليهود، وهذا ما يساعدهم على تنفيذ مخططاتهم السرية التي كانت جارية على قدم وساق وبالأخص مسألة الهجرة إلى فلسطين. 

وليد الزبيدي : كاتب عراقي

الزلزال / توجان فيصل



حكومةُ عبدالله النسور سقطت عدة سقطات مدوية في الأيام القليلة الماضية، الواحدة منها كافية لإسقاط أي حكومة في العالم. ولكن حكومة النسور لم تُسقط نيابيًا وحتمًا هي لن تستقيل، فرئيسها معروف عنه أنه "يموت في المنصب"، حرفيًا. ولكن الرفض الرسمي للاعتراف بهذا يشبه تعطيل أجهزة مراكز رصد الزلازل.

التعطيل الرسمي طال ما يسمى"مجلس نواب" بجرة قلم، أو "بجملة" كما تقول تغطيات إخبارية موضوعية للحدث، وردت في خطاب وجهه الملك لحكومته يشيد فيه بجهودها في التصدي للعاصفة الثلجية! فيما قبل هذا أجمعت الصحافة، والشعب بأكمله في كافة مواقع تواصله على أن العاصفة كشفت سقوط الحكومة ومعها كل مؤسسات الدولة الخدمية. وهو ما عزز توجه بعض النواب لسحب الثقة من الحكومة لأسباب عديدة أضيف لها ما كشفته العاصفة الثلجية. ولكن بمجرد نشر رسالة الملك سُحبت مذكرة حجب الثقة والتزم النواب "مصالحهم" والصمت. وبعض الصحفيين الذين كتبوا طوال الموجة الثلجية عن فشل الحكومة، لجأوا لديباجة على طريقة "نقاد" الأعمال الأدبية العويصة الباحثة عن القصد "في بطن الشاعر"، لاستخلاص نقد وتحذير وردا في الخطاب!.

قبل هذا سقطت الحكومة في الشأن الاقتصادي الذي زعمت أن إصلاحه يحتم إجراءات جبايتها آخر ما تبقى في جيوب المفقرين، فجاءت نتائجه بعد عام ونيف بتحقق كل المخاوف التي بثتها ولا شيء من الإصلاح الذي وعدت به. فحتى المشاريع التنموية الممولة بكاملها من الدول الخليجية توقفت لسبب واحد وهو اشتراط تلك الدول إنجاز مرحلة لتمويل تاليتها!.

ولكن السقطة الأكبر والأخطر سبقت هذا، فمعروف أن الحكومة لا قرار لها وأنه جيء بها لتنفيذ أوامر حلقة الحكم المتنفذة، وتُرك للرئيس تفاصيل صغيرة كأمر التوقيت الصيفي، فجاء "قرار" الرئيس بتثبيته ليصبح ساريًا في الشتاء أيضًا. ومع أنه لم يبق صحفي ولا ناشط ولا مواطن إلا وحذر من مخاطر هذا على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل ممن يعتمدون المواصلات العامة التي خدمتها متردية بسبب فساد تاريخي تفاقم مؤخرًا، وصولاً للمسحوقين الذين يسيرون لأعمالهم ومدارسهم كل أو معظم الطريق. وحذر الكل أن في مقدمة المعرضين للخطر طلبة المدارس الحكومية والنساء العاملات إذ سيضطرون للخروج في العتمة للوصول لمدارسهم وأعمالهم.. ولكن الرئيس انتشى أكثر بإصراره على أنه "صاحب قرار"! .

القرار خلق ظرفًا مغريًا بجرائم تبدأ بالسرقة وتنتهي بالاغتصاب والقتل. فالضحايا المحتملون يتواجدون في الظلمة في مواقع ومسارات محددة بانتظام يوميًا ما يجعلهم صيدًا سهلاً لكل منحرف، والآن تحديدًا حيث تنامت الجريمة في ظل تحول أولويات الأمن لمطاردة الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح. والسرقة هي الأبعد احتمالاً لكون الصيد من المفقرين، ولكن لا ندري كم تحرشًا جنسيًا أو حتى اغتصاب سكتت عنه النساء والفتيات كي لا يقتلن في جريمة شرف، ويسكت عنه الأطفال لما هو معروف من شعورهم بالذنب، أو سكتت عنه أسرهم وأسرهن تجنبًا للعار. ولكن لم يمكن السكوت عن جريمة اكتشفت عند طلوع شمس النهار في موقف باصات في الزرقاء ضحيتها طالبة جامعية وجهها مقطع بالسكين لأنها اختارت الدفاع عن شرفها ضد "كونترول" الباص الذي تستقله لجامعتها، وهي جريمة ثبت أنها مخطط لها باستغلال عتمة وخلو موقف الباصات.

لكون الكل حذر من الأثر الجرمي لقرار التوقيت هذا، تلزم مساءلة الرئيس"جنائيًا " وليس فقط سياسيًا. فالعزل هو لما دون هذا من قرارات ينشأ عنها ضرر غير متوقع أو مرجح، كاستقالة وزير المواصلات المصري لتدهور قطار!. والمؤسف أن رئيس الحكومة، بدل العودة كان عليه أن يعتذر كحد أدنى، يعلن أنه "قرّر" العودة عن قراره تثبيت التوقيت الصيفي شتاء لأن "الطريقة" التي طلب بها النواب ذلك هي "الطريقة المثلى".. والمثلى هي توقيع النواب عريضة تلتمس من الحكومة العودة عن "قرارها" بدل سحب الثقة منها ومحاكمتها. بخاصة لقيام عشيرة الضحية بإعلان أخذ حقها بيدها حسب العرف العشائري، والذي خطره ليس على عشيرة القاتل التي تبرأت منه، بل لدلالاته على توجه العشائر المتصاعد لتحقيق أمنها وأخذ حقوقها بيدها.

ولم تكتف الحكومة بإهانة رئيسها للنواب في تعليمهم "الطريقة المثلى" لمخاطبته في استهانة بالدستور ذاته. فوزيرة جيء بها في صفقة مضادة للحراك الشعبي كانت أهانت الشعب بحضور نواب لكونه لم يلتزم بيته طوال أسبوع العاصفة "لم يخرج سوى المضطرين" بقولها "الشعب الأردني بارد وجه"! وحين طالب الشعب باستقالتها للمرة كذا "تاريخ الوزيرة القصير حافل بإساءات للشعب" قدمتها للرئيس.. ولكن عند أول جلسة تحت القبة بررت الوزيرة سحبها للاستقالة بأن الرئيس ومعه"مسؤول رفيع من الديوان الملكي" أقنعاها بوجوب سحب استقالتها كي لا تؤسس لسابقة تحتم استقالة الوزير الذي يُغضب الشعب!. هذا مع أن تاريخ الأردن حافل بعزل ممثلي الشعب بحق لحكومات، بل وعزل الشعب لحكومات ولمجالس نيابة أيضًا.. "السابقة" هنا تعمد تحدي الشعب صراحة وتعمد إهانته وإهانة من جيء بهم على يد هكذا مسؤولين لزعم تمثيله.. أي كشف هؤلاء "لطابقهم" بأيديهم، والذي هو السقطة الأكبر!.

"وعايزنا نرجع زي زمان" ؟! / سليم عزوز



معذرة لهذا "الكوبليه" فمثلي لا تستهويه الكتابة بالعامية، لكن القافية حكمت، وقد انتهيت تواً من الاستماع إلى مقطع لا يميز فيه المذيع المُستجَد، بين اللغة واللهجة، فيقول اللغة المصرية، واللغة الشامية!.

"وعايزنا نرجع زي زمان"؟!.. عبارة لا تنتمي إذن إلى العامية، ولكنها تدخل ضمن مفردات "اللغة المصرية" ، التي تختلف عن "اللغة الشامية" ، بحسب ما جادت به قريحة المذيع الجديد وهو يقدم برنامجاً بإحدى القنوات، ولأن مصر صارت حُبلى بكل عجيبة، فلأول مرة نشاهد مذيعاً ألثغَ، يحشر الكلام داخل عتبة فمه، وقد كان في الحلقة التي استمعت فيها إلى تقديم مقطع تسجيلي للناشط بحركة "6أبريل" أحمد عادل، الذي صدر ضده حكم بالسجن والمراقبة، بتهمة ترويع السادة الضباط، مع أن السمة السائدة للضباط في مصر أنهم شداد غلاظ، لكنهم صار الآن "نجمهم خفيف" إلى درجة أنه يمكن لناشط أو أكثر أن يروعهم، فيقطعون "الخلف" ، من "الخضة" !.

" وعايزنا نرجع زي زمان"؟!.. تساؤل طرحته "الست" في أغنية "فات الميعاد" ، وقد أجابت عليه بشرط مستحيل الحدوث وهو "قول للزمان ارجع يا زمان" ، والمعني أن هذا العاشق الذي يريد أن يعود لمحبوبته، الصابرة على المكاره، و"حمّالة للأسِيّة"، وحاملة "لبُلغته" -أي نعلِهِ- فوق رأسها، أن عليه أن يعيد عقارب الساعة للوراء!.

هذا المقطع من أغنية، "فات الميعاد" ، أذكره كثيراً لمن يظنون أنه عما قريب، سيعود ثوار25 يناير "أمة واحدة" كما كانوا أول مرة، وإلى حد أنهم عندما صدرت الأحكام بالحبس والمراقبة على ثلاثة من النشطاء السياسيين، من الذين مثلوا غطاء ثورياً للثورة المضادة في 30 يونية، ظنوا أن الفرصة مواتية، وصار أي كلام من ناحيتي، في هذا الصدد، من شأنه أن يعرقل هذه العودة المنتظرة، وفي مقابلة تلفزيونية جمعتني والصديق أحمد حسن الشرقاوي، ترسّخ في ذهني هذا الاعتقاد، وظننت بالتالي أنني الحائل دون هذه العودة الميمونة، مع أني لست قائد حركة، أو زعيم تنظيم، ومن يجد الفرصة مواتية للوحدة من جديد، فليفعلها بعيداً عني!

في لقاء سابق على ذلك قلت لرهط من الحاضرين، وكان بينهم الشرقاوي، أنني لن أنزل على رأيهم، وليس لهم أن يطلبوا مني النزول على ما يعتقدون، فإذا نجحوا في مهمتهم فعليَّ "رنات" أو " مِسد كول" ، وهي عبارة قلتها من باب التحدي، وللتأكيد على أنهم سيفشلون!.

كنت على خصومة، مع حكم الرئيس محمد مرسي، الذي لم أنتخبه في الجولة الأولى، أو في جولة الإعادة، وبالتالي فقد كنت أقرب لهؤلاء، وإن اختلفت معهم في أن إسقاط حكم الرئيس مرسي يكون بعد استكمال دورته، وعبر صناديق الانتخاب، لأن مما طالبتْ به الثورة وتحقق هو أن تكون الإرادة للشعب المصري، صاحب السيادة، وقد هتفنا قبل الثورة، وحينها، كما هتفنا بعدها بسقوط حكم العسكر، وكان هؤلاء الشباب في طليعة الهاتفين، لكن البعض تنكر لمبادئه، نكاية في الإخوان، بعد أن جرى اعتماد سياسة "كيد الضرائر" ، فلما نسي ما ذُكِروا به، وجدناهم جنباً إلى جنب مع وزير الداخلية السابق الذي اتهموه بقتل الفتي "جيكا" في أحداث محمد محمود الثانية، ودخل إلى ميدان التحرير محمولاً على الأعناق من قبل الضباط، بعد أن نادى المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي من مكان قريب، بأنه لا ينبغي للثوار أن يسألوا من بجوارهم في يوم 30 يونية إن كانوا من الفلول أم لا، فمعركتنا مع الإخوان جذرية ومع الفلول ثانوية. وهكذا أمكن للدم أن يصبح ماء!.

لم تكن أزمة هؤلاء النشطاء فقط، في أنهم مثلوا غطاء ثورياً للثورة المضادة، وأدخلوا الغش والتدليس بمشاركتهم على الناس، في عملية عودة نظام حسني مبارك، ولكنهم أيدوا القتل والحرق، وكل المجازر التي ارتكبها الانقلاب، وتبدو الأزمة في أنهم ظنوا أنه يمكن للانقلاب أن يسمح لهم بمساحة حركة، يقدمون من خلالها أنفسهم على التمايز لا على الاندماج!.

لم يكن قانون التظاهر، أكثر من إجراء كاشف عن اعتماد الانقلاب للاستبداد وسيلة للحكم، ولم يكن منشِئا لذلك، فقد تبدى استبداد القوم للناظرين، منذ اللحظة الأولى، فقد عمد الفريق السياسي وهو يلغي "بجرة بيادة" المسار الديمقراطي، وينهي نتائج خمسة استحقاقات انتخابية، أن يقمع الرأي الآخر "المحتمل" ، والصورة الأخرى، حتى تعنو الوجوه له فلا يسمع إلا همساً، فكانت الحملة البوليسية على مكاتب عدد من الفضائيات بالقاهرة، واستوديوهات عدد آخر، وتم إغلاقها بالضَّبة والمفتاح، واعتقال كل من تصادف وجوده فيها، بمن في ذلك الضيوف!.

ثم كانت عملية مداهمة لمنازل قيادات جماعة الإخوان، وللمنازل حرمة مصانة، لكن قوات الأمن اقتحمتها، فلم يشعر بها هؤلاء إلا وهي فوق الرؤوس، وقامت القوات بتصويرها بالصوت والصورة، وبثها، ليؤكدوا بذلك أن القانون أصبح في أجازة.

وكانت بعد ذلك المجازر، والمحارق، التي أيدها هؤلاء، لأنها موجهة إلى الإخوان المسلمين، أو إلى الآخر في الجملة، لأن الذين استشهدوا في المجازر التي حدثت على يد قادة الانقلاب، لم يكونوا من الإخوان، أو من الإسلاميين في الجملة!.

البعض صمت، والبعض حرَّض، والبعض أيَّد، والبعض هتف: "أحسن" ، والبعض تنكر لهتافه القديم بسقوط حكم العسكر، ولأن من أعان ظالماً سلط عليه، "سنة الله في الذين خَلوا من قبل" ، فقد كان لابد من أن يحدث الصدام عند أول منعطف!.

ربما دهش هؤلاء النشطاء، وهم يرون عصا الشرطة الغليظة تمتد إليهم، وكانوا يظنون أنهم صاروا معاً في مواجهة الإخوان، ولا يعلمون أن البوليس المصري له ثأر مع كل مكونات ثورة 25 يناير، ومبكراً قلت إن الثورة المضادة قبلت هؤلاء النشطاء على مضض، وفق قواعد الضرورة التي تقدر بقدرها، فهم كانوا بحاجة إليهم "لمسافة السكة" وفي مهمة محددة، وأنهم سينقلبون عليهم سريعاً، وحدثت الاعتقالات، بعد الاعتراض على مظاهرات خرجت ضد قانون التظاهر.

ولعل سؤالاً يطرح نفسه، هل كان قانون التظاهر هو التشريع الأول الذي أسس لدولة الطغيان، ومثل علامة بارزة على أن الانقلاب لم يكن امتداداً لثورة 25 يناير لكنه الامتداد الاستراتيجي لنظام حسني مبارك؟!

لقد جاء دستور 2012 في عهد الرئيس محمد مرسي، ليضع سقفاً زمنياً لفترة الحبس الاحتياطي، بدلاً من تركها مفتوحة ليكون هذا النوع من الحبس أداة للتنكيل بمتهم قد تثبت براءاته في المحاكمات، وقد فاجأنا القوم بإصدار إعلان دستوري يدشن لمرحلة قانون الغابة الحاكم بفتح المدة، ليصبح من الطبيعي أن تستمر هذه المدة لتكون حبساً مدى الحياة، إذا قررت جهات التحقيق ذلك!.

كان الصمت لأن القانون موجه بالأساس إلى الإخوان، وتبين بالصمت كيف أن أحدا وفي ظل اعتماد سياسة "كيد الضرائر" لا يتحرك وفق قناعات شخصية، أو مبادئ حاكمة، لكن من على أرضية الانتقام!.

في اللحظة، التي أبديت فيها صعوبة نسيان الدم، والبعض تواطأ مع من سفكه، كان نشطاء "6 أبريل" يقدمون ساقاً ويؤخرون أخرى، وقبل صدور الحكم لوَّحوا مهددين بالانسحاب من خارطة الطريق التي وضعها العسكر، لكن الأحكام صدرت جائرة، فلم ينسوا أيضاً المناورة لأن هناك مرحلة أخرى من التقاضي، فقالوا إنهم مع إسقاط الانقلاب لكنهم ليسوا مع عودة "حكم الإخوان" ، وفي مقابلة تلفزيونية قال المنسق العام للحركة: "لن نضع أيدينا أبداً في يد الإخوان" !.

لا بأس فالبعض تستهويه قصة الحب من طرف واحد، حيث استعذاب العذاب، والإحساس بالقهر والبُعد والهَجر والحِرمان، وهؤلاء ممكن لهم أن يقدموا تنازلات، أو أن يوافقوا على أنصاف الحلول، من أجل الحشد لإسقاط الانقلاب، لكن في النهاية فإن الطرف الآخر لا يريد أن يعود للوحدة التي تجلت في ميدان التحرير في ثورة 25 يناير، ربما يشتاقون قريباً للعودة إلى أحضان العسكر والفلول كما كانوا في انقلاب 30 يونية.

لا بأس، دعوني وشأني، ومن يريد الوحدة، فليسعَ لها سعيَها وهو مؤمن، وعليّ "رنات".

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

آسيا وآلهة الانتقام التاريخية / جاسوانت سينغ




ـ إن السياسة الخارجية لأي بلد يفترض أن تستهدف في المقام الأول تعزيز مصالحها الوطنية. ولكن في أجزاء كبيرة من آسيا، تخضع المصلحة الوطنية غالبا ــ سواء كانت بناء علاقات تجارية أو تعزيز الأمن ــ للتاريخ وقبضته على الخيال الشعبي. وكما اكتشف نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن مؤخراً في جولته في اليابان والصين وكوريا الجنوبية، فإن ملاحظة الروائي الأميركي ويليام فوكنر ــ "الماضي لا يموت أبدا، وهو ليس ماض حتى" ــ من غير الممكن أن تكون أكثر ملاءمة.

ومن بين الأمثلة التي كثيراً ما يُستشهَد بها على هذا العلاقة بين الهند وباكستان. إن رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يدركان الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي قد تترتب على تحسين العلاقات التجارية الثنائية بين البلدين، ومن الواضح أن التقدم الذي سعى الرجلان إلى تحقيقه في هذا المجال يصب في المصلحة الوطنية للبلدين. ولكن مبادراتهما الدبلوماسية سرعان ما أحبِطَت بفعل أولئك الذين لا يمكنهم تقبل مثل هذا المنطق، والذين لا يتورعون في بعض الأحيان عن ارتكاب أعمال إرهابية وشن غارات عسكرية.

ولكن مشكلة التاريخ في آسيا لا تقتصر على ديمقراطياتها، حيث يؤثر الرأي العام بشكل مباشر على تصرفات الحكومة. فلا تزال الصين وفيتنام أيضاً أسيرتان لتاريخهما المشترك الطويل المرير. وقد أمضى الجنرال الراحل فو نجوين جياب، الذي قاد فيتنام عبر الحروب ضد فرنسا والولايات المتحدة إلى الاستقلال، سنوات عمره الأخيرة في الاحتجاج على الاستثمارات الصينية في بلاده.

ولعل الحالة الأشد خطورة في آسيا من الهوس التاريخي تتمثل في العلاقة بين الصين واليابان. والواقع أن النزاع الحالي في بحر الصين الشرقي حول جزر سينكاكو التي تسيطر عليها اليابان (والتي تسمى جز دياويو في الصين) كان من المحتمل أن يصبح أقل توتراً وحِدة إذا لم تُجتَر فظائع الحرب الصينية اليابانية بهذه الكثافة في الحياة الصينية المعاصرة.

الواقع أن اليابان حاولت التكفير عن أفعالها في الماضي، بما في ذلك تقديم الدعم الحماسي لجهود دينج شياو بينج لفتح اقتصاد الصين. فلم تكن تريليونات الين التي استثمرتها الشركات اليابانية في الصين منذ تسعينيات القرن العشرين ــ ناهيك عن نقل التكنولوجيا الحرجة ــ سعياً إلى الربح فحسب (ومن الواضح على أية حال أن الاستثمارات اليابانية أفادت اقتصاد البلدين).

ولكن برغم أن هذه الجهود ساعدت في تعميق العلاقات الاقتصادية بين اليابان والصين، فإنها لم تكن كافية لفرض ذلك التأثير التحويلي على العلاقات الثنائية كما كان المرء ليتوقع. والواقع أن العلاقات بين البلدين أصبحت تتسم الآن بما يسميه اليابانيون "السياسة الباردة والاقتصاد الساخن".

ويطارد التاريخ الكريه أيضاً العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية ــ وهي حالة كاشفة بشكل خاص، نظراً لمدى توائم مصالح البلدين الاستراتيجية. فهاتان ديمقراطيتان، وكلاهما من بين أقرب حلفاء أمريكا، ولكنهما رغم ذلك عاجزتان عن التغلب على عبء الماضي. فهو بالنسبة للكوريين الجنوبيين عبء ثقيل تمتد جذوره إلى الاستعمار الياباني والفظائع التي لا تعد ولا تحصى التي ارتُكِبَت في الحرب العالمية الثانية. ولكن الحقيقة البسيطة هي أن كلا البلدين من الممكن أن تستفيد بشكل كبير من الناحية الأمنية بشكل خاص من التعاون الفعّال بينهما.
والواقع أن تعبير "السياسة الباردة والاقتصاد الساخن" يشكل تعريفاً دقيقاً للوضع الراهن: فالبلدان العاجزة عن التغلب على عداواتها التاريخية عندما يتلعق الأمر بالسياسة الخارجية تعترف بسهولة بأن العلاقات الأفضل تعني اقتصاد أفضل. وقد شهدت منطقة شرق آسيا بشكل خاص ارتفاعاً غير مسبوق في التجارة البينية الإقليمية، والاستثمار، بل وحتى السياحة على مدى العقدين الماضيين.

ورغم هذا فهناك ما يدعو للأمل ــ ويأتي هذا الأمل من مصدر غير متوقع. فمع الجهود التي تبذلها الصين لفرض نفسها كقوة مهيمنة إقليمية والتي تعمل على تأجيج المخاوف في مختلف أنحاء آسيا، تبدو جاراتها بشكل متزايد على استعداد للتخلي عن الأحقاد القديمة لصالح تحالفات أقوى. على سبيل المثال، شهدت علاقات اليابان بفيتنام وميانمار، وكل منهما تشارك الصين الحدود، حالة سريعة من الدفء في الأعوام الأخيرة ــ وهو الاتجاه الذي سعى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى رعايته.

وعلى نحو مماثل، بادرت الفلبين ــ العالقة في مواجهة مع الصين بشأن مجموعة صخور سكاربورو الضحلة المتنازع عليها ــ إلى تنحية ذكريات الاحتلال الياباني الأليمة وقت الحرب، وتقبلت زيادة المعونات والمساعدات البحرية، بما في ذلك عشر سفن دورية بلغت قيمة كل منها 11 مليون دولار أمريكي، للمساعدة في المراقبة البحرية. حتى أن وزير خارجية الفلبين ألبرت ديل روساريو أعلن على الملأ أن بلاده ترحب بسياسة دفاعية يابانية أكثر قوية للتعويض عن الحشد العسكري الصيني.

وأحد أسباب هذا التحول هو أن كثيرين في الفلبين شعروا بأنهم مهجورون بعض الشيء من قِبَل الولايات المتحدة في مواجهتهم مع الصين. ومع تأكيد الصين على نحو متزايد على مطالباتها بالسيادة على مناطق في بحري الصين الشرقي والجنوبي، فإن بعض البلدان الآسيوية الأخرى قد تجد أيضاً أن عبء التاريخ يشكل عقبة عظيمة تحول دون تحسن فرصها في المستقبل.

ومن الممكن أن تقطع اليابان شوطاً طويلاً نحو مساعدة جيرانها في التغلب على الماضي المسمم الذي تتقاسمه مع العديد منهم نتيجة لطموحاتها الإمبراطورية القديمة. وكما كانت حملة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في مكافحة الشيوعية سبباً في دفعه إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع الصين، فإن آبي قد يكون السياسي الياباني الأكثر قدرة على مزج الندم على الماضي بالانفتاح والصراحة في التعامل مع الحاضر.

والنبأ السار هنا هو أن آبي أظهر علامات هذا النوع من الشجاعة. ففي قمة العام 2006 مع الزعيم الصيني أثناء توليه منصب رئيس وزراء اليابان أول مرة، وافق آبي على إنشاء لجنة مشتركة تضم مؤرخين من اليابان والصين وأماكن أخرى، لدراسة تاريخ القرن العشرين. وكانت الفكرة أن هذه اللجنة من الممكن أن تخرج بتوصيات غير منحازة بشأن قضايا خلافية مثل محتوى كتب التاريخ المدرسية بل وحتى ضريح ياسوكوني الذي يحتوي على رفات مجرمي حرب يابانيين بين آخرين.

إذا أحيا آبي هذه المبادرة اليوم فسوف يكون بوسعه أن يساعد في تخفيف العداوات الإقليمية التي يواجهها في محاولة جعل اليابان دولة "طبيعية" تمتلك قدرات عسكرية تمكنها من المشاركة في الدفاع الإقليمي الجماعي. والواقع أن هذه المبادرة قد لا تنجح مع الصين، حيث لا تزال الحكومة تستخدم الحرب مع اليابان لإثارة المشاعر القومية. ولكن البلدان التي تستشعر وطأة الضغوط التي يفرضها صعود الصين، مثل كوريا الجنوبية ــ كما أظهرت الضجة الحالية التي أثيرت حول توسيع الصين لمنطقة دفاعاتها الجوية من جانب واحد ــ قد تقابل مثل هذا الجهد بالمثل. وهذا وحده لابد أن يكون سبباً كافياً لدفع آبي إلى العمل.

جاسوانت سينج : وزير المالية والخارجية والدفاع سابقاً في الهند.

الريف الأمريكي الذي لا يعرفه أحد / زكريا فكري



في عام 1995 دعاني مزارع أمريكي يعيش في قرية جرينيل بولاية أيوا الأمريكية على الغداء .. كان ذلك خلال زيارة ضمن وفد صحفي عربي في إطار برنامج شهير لوكالة الإعلام الأمريكية يطلق عليه (انترناشيونال فيزيتور).. في المطعم شاركتنا زوجته الغداء وكانت بشوشة وعلى مستوى راق ولا تكاد تزيد أو تنقص عن زوجها الرجل العصامي الذي اصبح يملك مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية يزرعها بالقمح والذرة إضافة إلى تجارته الرائجة في مجال المعدات والجرارات الزراعية. بعد أن تناولنا الغداء قام المزارع الأمريكي بسداد الفاتورة  للمطعم عني وعنه فقط، بينما ترك زوجته تسدد عن نفسها حساب ما تناولته من طعام.. فعرفت انه أسلوب و(ستايل) حياة الغرض منه الحد من المجاملات وضبط التفاصيل الحياتية التي قد تفلت بدون مبرر… تعجبت من التصرف الذي اصبح معتادا هذه الأيام ويحلو للبعض أن يطلق عليه من وقت لآخر (نظام التعامل الإنجليزي).
قرية جرينيل تأكل من المحاصيل التي تزرعها من بطاطا وذرة وقمح وما تنتجه من بروتينات كالدواجن واللحوم.. لدرجة انك تجد البطاطا لديهم تجهز بأكثر من طريقة (سلق – شوي – قلي) ونادرا ما تجلس على موائد القرية وتجدها خالية من حساء الذرة الذي يشتهرون به هناك.. في هذه القرية وجدتهم ينامون ويتركون أبواب منازلهم غير موصدة مطمئنين لا يخشون السطو أو السرقة.. بينما في واشنطن ونيويورك أو المدن الكبرى تجد أن أول نصيحة يوجهونها لك كزائر هي: ألا تسير بعد السابعة مساء بمفردك ولا تحتفظ في جيبك بنقود تزيد عن 20 دولارا.. وإذا تعرضت للخطر فعليك أن تطلق ساقيك للريح وتجري..!  أما في جرينيل فالوضع مختلف واعتقد أن هذا هو الحال في معظم قرى الريف الأمريكي الذي لا يتصدر المشهد كثيرا  بل تتصدره حضارة المباني وناطحات السحاب وعواصم المال والنفط في الولايات المتحدة الأمريكية.
المزارعون في الولايات المتحدة الأمريكية لديهم مقاييس لقياس نسبة المطر والرطوبة ودرجة الحرارة.. كما أن مكاتبهم مزودة بخرائط للمنخفضات الجوية وتتبع الأنواء المناخية أولا بأول.. لا يعتمدون في الزراعة على الأيدي العاملة وإنما على الآلة التي تحرث وتبذر وتحصد وتجمع ثم تخزن في مخازن مغطاة على مساحات كبيرة.. هذه الأعمال كلها يقوم بها ملاك الأرض انفسهم ويقودون جرارات الحرث والحصاد بأنفسهم.. هم وأبناؤهم يتولون كل شيء كما أنهم يتواصلون مع مراكز البحوث الزراعية ويتبعون الإرشادات بكل دقة.. لذا لا نتعجب عندما نجد الولايات المتحدة الأمريكية تتربع على عرش اكبر الدول المصدرة للقمح والذرة في العالم إن لم يكن الغذاء بمعناه الواسع.
حيث تبلغ مساحات الأراضي المنزرعة في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من 400 مليون هكتار – ما يزيد عن 200 مليون فدان. ووفقا للإحصائيات الحديثة يصل حجم الدخل من الزراعة 200 مليار دولار وهي الأولى بين دول العالم في القمح واللحم البقري، ينتج الفلاحون الأمريكيون أيضاً كميات كبيرة من القطن والذرة والأرز والسكر وفول الصويا والتبغ وكذلك الحليب، ومنتجات الألبان المختلفة.
هذا الدخل الضخم الذي يأتي عن طريق الزراعة بالولايات المتحدة الأمريكية يأتي في ظل حجم أيد عاملة بالقطاع لا تتجاوز 4% من مجموع السكان. ويبلغ عدد المزارع مليوني مزرعة بمتوسط 149 هكتارا لكل مزرعة.
ورغم ارتفاع الدخول في الولايات المتحدة الأمريكية بصفة عامة إلا أن الإنفاق والاستهلاك لدى الأمريكيين منضبط إلى حد كبير.. وينعكس ذلك على حياتهم وطرق إنفاق الزوج والزوجة وانفصال حساباتهم المالية عن بعضها البعض دفتريا وواقعيا.
حتى الحفلات والمناسبات التي كان يشتهر فيها المجتمع الأمريكي بالبذخ كاحتفال يوم القديسين (الهالوين) وغيرها قد تقلصت بشكل ملحوظ وبمعدل 7% وفقا لإحصائيات الاتحاد الدولي للتجارة.. وليس الأمر بالطبع يرجع للازمات المالية التي يمر بها المجتمع الغربي والأمريكي من وقت لآخر وإنما هذا الأمر والترشيد في الاستهلاك يرجع في المقام الأول لثقافة الأولويات التي نشأ عليها المواطن هناك والتي هي على العكس تمام في المجتمعات العربية التي تربت على ثقافة إشباع الاحتياجات والرغبات دون تحديد أولويات وقد أذاعت الجزيرة مؤخرا تقريرا مذهلا لحجم الإنفاق الاستهلاكي في دول الخليج والذي تجاوز ما تنفقه الصين بتعدادها السكاني الذي تجاوز المليار نسمة على السياحة والسفر والهواتف الذكية إضافة إلى أدوات التجميل.

الفكر المسيحي المعاصر ..كتاب يرصد قضايا الفكر الديني الغربي / ترجمة: عزالدين عناية

على غرار الأديان التي يستحوذ فيها السدنة على تصريف شؤون المقدّس، تواجه المسيحية في الغرب، في عصرنا الراهن، جملة من الأسئلة العويصة، ذات طابع لاهوتي وأخلاقي واجتماعي، تسائل واقعها وتستشرف مصائرها. فما فتئ العقل اللاهوتي عرضة للعديد من الأزمات، التي لم يخفّف من وطأتها تدخّل الفاتيكان الثاني (1962-1965) المنعوت بالثورة الكوبرنيكية، بإصلاحاته العاجلة.
حيث يستعرض هذا المؤلَّف المترجم من اللغة الإيطالية أوجه تفاعل العقل اللاهوتي مع المسائل المطروحة في العالم المسيحي والوافدة من خارجه؛ وبالمثل كيفية تلقّيه مختلف القراءات النقدية للنصّ المقدّس. متضمّنا مسألتين محوريتين، تعالج كل منهما، وفق منهج مغاير، مصائر هذا الدين. تتناول الأولى القضايا من منظور فكري، مبرزة الأسئلة التي تستوقف العقل اللاهوتي؛ في حين تعالج الثانية مختلف القراءات النقدية للعهد الجديد، مبرزة التطورات الحاصلة. إذ تاريخ هذا السفر المقدّس حافل بالمراجعات التي فتحت آفاقا رحبة، وصاغت مقاربات متنوعة ساهمت في بلورة رؤى مستجدّة عن المسيحية. فالحداثة الجامحة ما تركت موضعا إلا وداهمته بأسئلتها، حتى أن المراجعات الفكرية لم تدّخر أسّا من أساسات هذا الدين بعيدا عن سؤالي المعقولية والحداثة، وبالمثل، لم تُبق التحوّلات الاجتماعية مسلكا من مسالك "العقيدة الاجتماعية" للكنيسة، في منأى عن المراجعة والملاءمة مع العصر.
مؤلّفو هذا الكتاب هم من أعلام الفكر اللاهوتي الراهن، وبالتالي، يعكس مقولهم صدى الجدل الذي يؤرق رجالات الكنيسة. ذلك أن المسيحية الحالية تقف من ناحية، في مهبّ تحدّيات جمّة تربك علاقة المركز بالأطراف، ومن ناحية أخرى أمام مراجعات تمس بنية النص. أي إشكالية المأزق الفكري وما تصحبه من قضايا مصيرية، وإشكالية التحدي النقدي وما يفرضه من تعاطي مع النص القدسي.
لكن في خضمّ هذه المستجدات ما انفكت المؤسّسة الدينية الكنسية تعضّ بالنواجذ لإدامة الاستحواذ على روح الدين، التي تبدو متفلّتة كالفرس الجموح، وتُصرّ كذلك على احتكار التأويل الصائب، وما يصحبه من إضفاء نعوت "التكريم" و"التطويب" و"التقديس". لكن في الغرب، حيث تتركز سلطة الكنيسة العالمية، وحيث تبدو "الساحات عامرة والكنائس خاوية"، لا يعني ذلك أن الإيمان في أزمة، ولكن مؤسسات الدين هي التي تعتريها الأزمة.
حين كنت أترجم هذا المؤلف كنت أدرك عميق الإدراك اعتياد الفكر الديني الإسلامي، كلما بادر بتدارس قضايا الدين المسيحي، القفز قرونا إلى الخلف، وحتى وإن تنبه إلى الراهن، فهو يجد نفسه مهووسا ومكبَّلاً بمسألة "التبشير" التي استنزفت قواه منذ أن أثيرت مع مصطفي خالدي وعمر فروخ في مؤلفهما "التبشير والاستعمار". مهملاً التحولات والإشكاليات التي عاشها ويعيشها أتباع المسيح في عصرهم الراهن. ولكن على العموم تبقى المسيحية تندرج في تصور المسلم ضمن "ماضي الأديان" وليس ضمن "حاضر الأديان"، وهو في الحقيقة قصور ألمّ بالفكر الديني لدينا جراء افتقار الساحة إلى علم مسيحيات في مؤسساتنا الجامعية والبحثية. ولذلك لا يزال الفكر الإسلامي وبشكل عام يطوف حول قضايا "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" لشيخ الإسلام ابن تيمية. لم يخرج من التناول السجالي إلى التناول العلمي الواقعي. لذلك أردت هذا الكتاب إطلالةً على أهم قضايا الفكر المسيحي الغربي اليوم، من قبل أتباع عيسى وأحمد (عليهما السلام) في بلاد العرب.
مترجم الكتاب عزالدين عناية، هو أستاذ تونسي بجامعة روما في إيطاليا، نشر مجموعة من الأعمال والترجمات تتناول الدراسات العلمية للأديان منها: "علم الاجتماع الديني"، و"علم الأديان"، و"نحن والمسيحية"، و"السوق الدينية في الغرب" و"الاستهواد العربي".

الفكر المسيحي المعاصر
تأليف: برونو فورتي-جون. س. كسِلمان-رونالد. د. ويثروب
ترجمة: عزالدين عناية

دار صفحات، دمشق 2013.

زوال اسباب عدم التعري / سليمة الهاشمي


قيل إن المرأة يجب أن لا تتعرى بوجود الرجال وقيل أكثر أو أقل من ذلك. ولكن في الوطن العربي يجب أن يعاد النظر بهذه الفكرة أو النهي او ما يمكن تسميته الحياء مرة والالتزام الديني او الاخلاقي مرة اخرى. وبالطبع ليس ببسب خطأ الفكرة بل لعدم وجود الرجال.
وعموما، نجد ان الوطن العربي يخضع لسلطات غير عادلة وعدوة للديمقراطية ومعها ميلشيات وبلطجية وابواق اعلامية.
أو ان تكون القوة المتنفذة هي الطبقة الثرية التي ظهرت تعبيرا عن مدى قربها من النظام او عائلة المسؤول الاول في الاوطان.
الرجولة الموقف الاخلاقي الغائب عن الساحة مثل الانوثة وكلاهما يعني انسانية المنتمي لهذين المعسكرين، ولان هذا الموقف الاخلاقي بات معدوما في الوطن العربي لذا لا يبدو في هذا الوطن العربي اي رجل ونحن نحكم من ميلشيات شيعية دينية فاسدة وعميلة كما في العراق، او عسكر فاسد كما في مصر بديلا عن رجعية دينية "الاخوان"، او عائلة تأكل الاخضر واليابس كما في السعودية والكويت وغيرهم.
طبعا انا لا اعني انه يجب على النساء الانتظار حتي يحقق لهن الرجال ما يسعين من اجله، بل اطالب بعدم الانتظار والتحرك والتحرر من الجمود.
هناك سكوت على فساد الانظمة والمسؤولين وهناك تواطئ من المجتمع ضد أي محاولة لتحقيق العدالة والديمقراطية. واعتقد ان الجميع لا يريد ان يرى العدالة لانها ستكون الصخرة التي تحطم الفساد الحكومي والشخصي.
بهذا المعنى يبدو الرجل غائبا عن المشهد وهو امر يمكن الجزم به في دول الوطن العربي سوى في نسبة مختفية عن الانظار بسبب وجودها في المعتقلات، او لانها في عمل مقاوم كما في المقاومة العراقية، او لانها تعارض  سلميا وبدون ان تكون معارضتها مؤثرة.
نحن دول مبتلية بمؤسسة حكم مناهضة لكل ما يعني العدالة والمساواة والديمقراطية.
ولهذا لا يبدو التعري امرا غير لائق.
 ان كان سبب التحشم هو وجود الرجال، فان هذا الرجل بالمعنى الذي افهمه ليس له حضورا حاليا في مجتمعاتنا. ومن يعتقد انه فحلا كاسرا لابد ان ينتبه ان عجزه على ان يكون رجلا هي مسألة تبدأ من قمة السلطة وحتى منظف الشوارع ، الامر الوحيد الذي يتساوى فيه من في قمة السلطة مع عدد من عامة الشعب هو غياب الرجولة.
ولابد من توضيح ان الكلمات السابقة ليست سوى احتجاج على اننا ما زلنا ونحن على اعتاب 2014 نحكم بنوع من الانظمة ليس له شبيه من حيث كمية انتاج الكذب والفساد بشقيه المالي والاخلاقي.

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

المثقف ووجبات التقسيم الطائفي السريعة! / هيفاء زنكنة


لا يكاد يمر يوم في العراق بدون ان يطلق احد ساسة ‘العراق الجديد’، على اختلاف الدين والطائفة والعرق، صوته مناديا أو ملوحا بالتقسيم والانفصال وانشاء الاقاليم، وفي احسن الاحوال الفيدراليات. تطرح هذه الدعوات من منصة منصوبة على قارعة البرلمان، داخل المنطقة الخضراء، او احد مجالس الحكومة او القنوات التلفزيونية الناطقة باسم هذا الحزب او ذاك. مايجمعهم ظاهريا : هو الخطاب السياسي التزويقي الذي يدمع العيون لفرط وطنيته ووحدته الشاملة لكل العراقيين. ما يجمعهم عمليا : هو التهافت على نهش ما يستطيعون نهشه من اموال الشعب، واقتسام غنيمة النفط، وتوقيع العقود الوهمية لاستخلاص العمولة. ما يجمعهم عمليا هو دورهم كلصوص وسماسرة يتلحفون باسم الحكومة و’الديمقراطية’. 
ان فكرة تقسيم البلدان والامم ليست جديدة بل قديمة قدم فكرة الاستعمار باعتبارها افضل الطرق الناجعة لديمومة الاستغلال واضعاف الامم. كما ان وجود المتعاونين والاتباع على اختلاف خلفياتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية ليست جديدة ايضا. فتاريخ الشعوب يؤشر بوضوح الى شخصيات تجد في الاستعمار كينونتها، وفي الخنوع تبريرا لذلك. ما هو جديد هو ما نشهده، حاليا، في البلدان العربية والاسلامية. حيث صارت الطائفية، اداة التقسيم والتفتيت، تباع كما هي وجبات ماكدونالد السريعة، بوصفة واحدة وبارخص الاسعار. 
وكان العراق سباقا في تذوق هذه الوجبة بمواصفاتها الامريكية البريطانية واصحاب امتيازها من الساسة العراقيين المحليين. تلاها افتتاح مطاعم الطائفية السريعة في كل البلدان العربية تقريبا. ولكي لا يقتصر اللوم على المحتلين والاستعماريين وشركات التسليح والنفط الاحتكارية، علينا التأكيد بان للباعة او للساسة من اصحاب الامتياز المحليين دورا لا يقل اهمية من اصحاب رؤوس الاموال. فلولاهم ولولا ترويجهم لبضاعة الطائفية المعروضة للبيع بتعبئة جذابة، لما نجح صاحب الانتاج الرئيسي في العراق، مثلا، يعمل باعة وجبات الطائفية السريعة، دعاة التقسيم والمحاصصة، بجد على ‘ تفكيك العراق باعتباره بلدا لصقه البريطانيون قسرا ‘أو الدعوة الى انشاء الاقاليم حماية للسنة من سياسة الحكومة الطائفية، اذ ‘لم يبق أي خيار إمامهم إلا خيار إقليم السنة’، وحماية الشيعة من استغلال الاكراد النفطي ولتخفيف التأزم بين حكومة بغداد الاتحادية وحكومة إقليم كردستان المحليـة عبر الاكثار من الاقاليم. دعاة التقسيم والتفكيك يملكون بدورهم، بتراتبية ملحوظة، اتباعا وحواريين، يتم تقديم الفتات اليهم بين الحين والآخر لضمان ولائهم. فلا هم يشبعون فيستغنون عن سيدهم ولاهم يجوعون فيثورون. 
في فئة الاتباع يقبع المثقف الرسمي (كاتب، شاعر، صحافي، فنان… الخ) بصوته المجلجل بحسنات السيد صاحب السلطة والمال. المتغني بجمالية ملابس الامبراطور العاري. المرتل بحمد الحاكم وقيمه الاخلاقية بينما تغطي يدا هذا الحاكم دماء لا تغسل. العازف في سمفونية للاحتفاء بمحتل حرق المكتبات ونهب المتاحف. هل تتذكرون كيف قام عازفو الفرقة السمفونية العراقية، بترتيب من باعة ماكدونالد المحليين، بالترفيه عن جورج بوش وكولن باول وبقية فريق الاحتلال الهمجي، في امسية موسيقية في واشنطن، بعد ستة اشهر من الغزو ولم يكن دخان حرق المكتبات والمعارض وتدمير الآثار قد هدأ بعد؟ 
المثقف التابع هو المبرر لغيبيات الظلام العقلي. الخانع بانتظار أجره لقاء خبر صحافي مدسوس أو راتب شهري يتصدق به تاجر صار يسمى مفكرا. الأدهى من المثقف الرسمي التابع هو المثقف الصامت. يرى القتل اليومي فيتظاهر بانه لا يرى، يسمع صراخ المعتقلين والمعذبين فيتظاهر بانه لا يسمع. أنه من اختار خرس الضمير طريقا يسلكه. وبين الاثنين، بين التابع والصامت، يقبع ‘ المتعاون’، الذي رحب وهلل وتعاون على تسهيل غزو وتحطيم بلاده، متظاهرا بالسذاجة (ألم يقرأ كتب التاريخ وما يفعله الغزاة عبر القرون؟ ) ليعود، بعد عشر سنوات من القتل والذبح والتخريب، صاحيا من خمرة التعاون، ملقيا اللوم على الغزاة أو، غالبا، على الشعب العراقي نفسه لأنه ليس مستعدا لفهم ثقافة الديمقراطية!
ان من واجب المثقف، لكونه يمتلك البصيرة ليرى ابعد من الآخرين، ان يقول الحقيقة ويفضح الاكاذيب والزيف المضلل لبقية الناس. انه من يحفز على طرح التساؤلات والشك بما يقدم اليه باعتباره يقينا. فمن خلال التساؤل والبحث ورفض الخنوع يمكن للعقل الانساني، وبالتالي المجتمع، ان يتطور. هذا هو المنظور الذي نصبو اليه حول دور المثقف، وهو ما تربينا عليه منذ ان تعلمنا القراءة والكتابة وشرعنا، بدورنا، بالكتابة (والرسم والموسيقى والسينما … الخ) كطريقة للانتاج المعرفي والابداعي. 
غير ان هذه البديهية، المتعارف عليها، لا تبدو كذلك لبعض المثقفين العراقيين. انهم يفضلون اما الصمت او انتقائية الحديث لتكون النتيجة تلويث الحقيقة. قرأت، منذ ايام، عرضا لكتاب صدر، حديثا، عن حقوق الانسان بالعراق.
اختار كاتب العرض، وهو روائي، ان يستخدم الكتاب كأداة للتذكير بالاجراءات القمعية التي مارسها نظام صدام حسين، منددا بصمت المنظمات الدولية في حينها. المفارقة في هذا النوع من الكتابات، وهي كثيرة، ولا تخلو منها صحافة الاحزاب المنطوية تحت جناح ‘العراق الجديد’ انها تساهم في تزييف الواقع من خلال انكاره او تجاهله او التركيز على جانب واحد من صورة كبيرة، بحيث يتم تضييع الحقيقة أو، بأحسن الاحوال، تلويثها. انها لأكذوبة فاضحة ان يقال بان المنظمات الدولية لم توثق وتدين جرائم النظام السابق. بل الحقيقة انها ادانت، احيانا، جرائم لم تحدث. أمامي، مثلا تقرير لمنظمة العفو الدولية تشير فيه الى انتهاكات حقوق الانسان في الثمانينات وتدين حكم الاعدام الصادر بحق ‘ العالم المعارض حسين الشهرستاني’. والكل يعلم ان حسين الشهرستاني حي يرزق بل ويحتل منصبا مرموقا، الآن، في حكومة يصف مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة حملة اعداماتها الشهرية بأنها ‘ وحشية وغير انسانية’. لماذا لم يقم الروائي، اذن، بذكر جملة واحدة عن هذه الاعدامات وعن غزو البلد وقتل ما يقارب المليون شخص من قبل قوات الاحتلال الانكلو امريكي؟ لماذا وجرائم الغزاة موثقة حتى من قبل قوات الاحتلال نفسها؟ لماذا يتجاهل شعراء وكتاب عراقيون جريمة العصر بينما يكتب الشعراء، من جميع انحاء العالم، مئات الآلاف من القصائد وترسم اللوحات وتنتج افلام الفيديو والافلام الوثائقية؟ لماذا التعامي والصمت والتبرير؟ هل لأنهم يلهثون وراء اجراءات الحصول على التقاعد الحكومي ويخشون خسارته ان نطقوا (وهو حق من حقوقهم المشروعة)؟
أم لانهم يدينون بالولاء المطلق لأحزاب تأسست على رد الفعل من النظام السابق وليس على حاجة حقيقية في المجتمع، واعلان الحقيقة سيخدش الولاء الحزبي؟ هل هو امتداد لمواقفهم في تأييد الغزو والاحتلال ولا يريدون ان يكتبوا مايمس ذلك الموقف ويفضحه؟ هل لانهم شردوا وعاشوا في المنافي؟
اذا كان الامر كذلك، ألم يحن الوقت للتخلص من الضغينة والثأر والانتقام، والدعوة الى تحقيق العدالة للجميع استنادا الى الحقيقة بدلا من دفع الناس الى التخلي عن الوطنية، والترويج المحموم لسياسة التقسيم باعتباره الخيار الوحيد كأهون الشرور، مثلما ما قالوا أن لا بديل عن مجيء الإحتلال الأجنبي للخلاص من الدكتاتورية المحلية، ومن الحصار الذي كان يدفع باتجاه الإحتلال، والذي سكت عنه الكثيرون؟
ان صمت المثقف او تبريره لما يجري من كوارث هو العامل المساعد الذي يحتاجه اصحاب امتياز الطائفية ليتكاثروا كالجراد وليقضموا العراق قطعة قطعة وهذا ما يجب ان يحاربه المثقف الواعي، غير التابع، بقلمه ولوحته وموسيقاه وفيلمه. 


فوضى النظام الدولي / ناظم مهنا



النظام الدولي الذي يتصدى لإدارة العالم، هو أكثر النظم السياسية إخفاقاً في تحقيق أي استقرار، فاشل ولا أخلاقي، ومنذ سنوات غدا آلية من آليات التحكم والسيطرة، وخرج بشكل كبير عن الأهداف التي قام من أجلها بعد الحرب العالمية الثانية،  
هذا عدا عن الفساد الذي يرتع به كبار موظفي أهم منظماته، وهي الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، ما جعلهم عرضة للابتزاز والرضوخ لإرادات الدول الكبرى، ولاسيما الولايات المتحدة، لقد بات بمنزلة هراوة وأداة لتبرير العدوان وفرض العقوبات، لا بل صار حارساً للفوضى ومديراً لها! ولم تنفع كل الدعوات لإصلاح مؤسسات هذا النظام الدولي، بل الأمور تزداد سوءاً سنة بعد أخرى! في ظل هذا النظام الدولي برزت الحروب كتعبير عن الصراع الدولي بأدوات محلية، ومن المعروف أن النظام الرأسمالي يمتلك المقدرة على تمويه انقساماته، بظاهرة التلاحم التي تترافق مع خلق أزمات، وتأجيج حروب وصراعات في أماكن أخرى بعيدة عن حدوده، وبعد أن يقوم بكل ما هو لازم لإشعال النار يتقدم كإطفائي جسور وداعية سلام! هذا ما يعرف باسم تصدير الأزمات، وتحويلها إلى انفجارات في أماكن أخرى من العالم، ولاسيما في الدول النامية والفقيرة والتي توجد فيها أرضية للتفجير، وكان الاستعماريون الأوروبيون ولاسيما الإنكليز والفرنسيون قد تركوها مرغمين لكن زرعوا فيها عوامل التفجير، حتى إنهم تدخلوا في دساتيرها وفي طبيعة نظام الحكم فيها وجعلوا ذلك غير قابل للتعديل، وأي محاولة في ذلك دونها حرب ضروس! وبالعودة إلى تصدير الأزمات، كنا قد شهدنا في السنوات الأخيرة، أزمات اقتصادية كبيرة جداً في الولايات المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، لكن لم تلبث أن خمدت ولم يعد أحد يتحدث عنها مع انفجارات العالم العربي! لقد استخدم الغرب قوة التقنيات الحديثة كآلية جديدة للتحكم، وهم يعترفون أنهم نجحوا في بلدان ولم ينجحوا في بلدان أخرى، ولكنهم لم ييأسوا تماماً من تكرار المحاولات بطرق أخرى مستفيدين من الأخطاء، والعمل على استغلال الظروف والأدوات بشكل أفضل! إن منظريهم وسياسييهم ومراكز أبحاثهم يعملون بالسر وبالعلن على إدخال الشعوب في فوضى العصور الوسطى، بشيء أشبه بجحيم أو مطهر دانتي! فهؤلاء قادرون على إضفاء الطابع العقلاني على ما هو لاعقلاني! إنهم بارعون في إطلاق المترادفات الغامضة والسوريالية وخلق جاذبية لها بما يتناسب مع روح الفوضى الجنونية التي يؤججونها ويسمونها بالتعاون مع شركائهم المحليين، من اليساريين السابقين: «ثأر المجتمعات» ويغدو هذا (الثأر) ممجداً طالما أنه يدمر كل شيء في المجتمعات والدول التي يريدون تفكيكها أو الانتقام منها! أما إذا ما مس بلدانهم أو الكيان المدلل، فيغدو الأمر إرهاباً ما بعده إرهاب! هذا منطق النظام الدولي الفاسد والفاجر الذي لا يغيب عن باله أبداً أمن «إسرائيل»، ويخطط أسياده لحفظ أمنها لمئة سنة قادمة، كما يقولون! وهم عبر أبواقهم يتحدثون عن كل هذا وفق منطق يضفون عليه الواقعية والعقلانية! فيتحدث علماء الاجتماع عندهم عن إعادة تشكيل جغرافيا سياسية جديدة للعالم، على ضوء ما جرى في يوغسلافيا وبعض دول أوروبا الشرقية، وما جرى في تيمور الشرقية، وجنوب السودان وشمال العراق، ويذهب (المناطقة) منهم إلى نمط جديد، ينتج عن التفتيت، يطلقون عليه اسم: «المدينة- الدولة» وهي بديل عن الدولة الوطنية أو القومية المركزية ذات السيادة على أراضيها، و(للمدينة/ الدولة) ثقافتها وكتابها وتلفزيوناتها وشرطتها وبرلمانها وعلاقاتها الخارجية، وصلاحيات توقيع العقود!.. إذاً لم يعد النظام الدولي يشكل أي حماية لأعضائه ومؤسسيه، ولا يكترث بسيادة الدول ولا بوحدة أراضيها! وهو بذلك يخرج عن ميثاقه، والأغرب من ذلك أن النظام الدولي هذا وأسياده لا يجد أي حرج في أن يشتري النفط من عصابات ومليشيات قاتلة لتمويل شراء السلاح ومقاتلة الدولة! وبعض الدول بالتعاون مع مافيا الآثار تشجع سرقة الآثار، فلا يجب أن يبقى شيء فوق الأرض ولا تحت الأرض! ولسان حالهم يقول: أنتم عليكم أن تدمروا كل شيء حتى نقوم نحن بإعادة التركيب.