الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

هل الشمال الإفريقي أوروبي؟ / جهاد فاضل




إذا حدّق المرء في وجه الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي أو عاد إلى سيرته ومنها أقواله خلال حملاته الانتخابية، ومن قبل خلال ترؤُّسه حكومة تونسية مؤقتة، صنّفه بورقيبيًا وألحقه على الفور بتراث «البورقيبية» التي حكمت تونس سنوات طويلة بعد الاستقلال عن فرنسا. والبورقيبية باختصار حركة استقلالية وطنية ولكن دون التخلّي عن فرنسا وأوروبا. لقد طمحت إلى أن تكون تونس مثل أوروبا، دولة مدنية علمانية لا دولة من العالم الثالث منكفئة على الماضي ومعتقلة فيه.

ولا تختلف الجزائر والمغرب في تاريخها الحديث عن مثل هذا التوجّه.
فالمدنية الأوروبية كانت، صراحة أو ضمنًا، في صميم توجّه الاستقلاليين الذين عملوا لطرد المحتلّ الفرنسيّ أو الأسبانيّ.

 كانوا يريدون التخلّص من المستعمر الأوروبيّ، ولكن ليبنوا مجتمعات على الطراز الأوروبيّ، وإذا عاد أحدنا اليوم إلى وثائق جبهة التحرير الجزائرية، وكذلك إلى سيرة بُناتها الأوائل مثل بن بلاّ وآية أحمد، وجد «الفرنسيّة» أو «الأوروبيّة» حاضرة في هذه السيرة وفي نموذج هؤلاء القادة للتحديث.

 لم يكن الإسلام غائبًا بالطبع عن الذهن، ولكن الإسلام هنا كان حاديًا للتقدم لا معاديًا له. وفي حديث مشهور للرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه يظهر على رأس هذه الأمة كل مائة سنة من يجدّد لها أمر دِينها. وإذا كان المجدّد في أمر الدين مُنتظرًا، ومرحَّبًا به، فكيف بالمجدّد في أمر الدنيا؟ وكانت الحركة الإصلاحية الجزائرية وعلى رأسها بن باديس والإبراهيمي قادة هذا التوجه الديني والدنيوي، حركة نهضة تستلهم ما عند الأوروبيّين من أساليب للإصلاح.

ولم يكن انفتاح النُخَب المغربية على أوروبا أقلّ من انفتاح النُخب الجزائرية والتونسية، فالجميع كانوا يتبارون في نشدان التغيير، ولم يخطر في بالهم أن استيحاء النموذج الأوروبيّ يخالف الشرائع والعقائد الموروثة، فهذه شيء وذاك شيء آخر. ولو أنهم أرادوا يومها أن يقدّموا خطابًا يسعفهم في الجمع بين قناعاتهم الدينية والدنيوية، لوجدوا ما لا يحُصى من الأدلة والشواهد على أن السلف كان مثلهم تمامًا في الأخذ عن اليونان والفرس والهند وسواها، ولم يكن يجد حرجًا في ذلك.

وقد انفتحت شعوب الشمال الإفريقي هذه على أوروبا انفتاحًا واسعًا سواء قبل الاستقلال أو بعده. فاللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية منتشرة عند هذه الشعوب كما هي منتشرة في فرنسا ذاتها.

وفي الوقت الراهن هناك أكثر من ستة ملايين مسلم في فرنسا، والرحلات الجوية بين الدار البيضاء وتونس والجزائر وباريس كأنها رحلات داخلية بين باريس والمدن الفرنسية. والكتّاب الفرنكوفونيون من بلدان الشمال الإفريقي الذين يكتبون حتى اليوم الفرنسية هم أكثر من الكتّاب الذين يكتبون بالعربية.

وعندما ترتفع الآن في المغرب أصوات تطالب باعتماد العامية المغربية لغة رسمية محل العربية، لا يطالب أحد بلجم نفوذ اللغة الأجنبية، فكأنّ هؤلاء المطالبين يرون أن العربية لغة ماضوية لا لغة حديثة، ويرون في العامية لغة حياة وتطوّر.

إلى هذه الدرجة بلغ الانعتاق من الماضي والتحرّر منه والبحث عن صيغ ووسائل تواكب أكثر متغيّرات الحياة. وإذا كانت في مجتمعات الشمال الإفريقي جهات كثيرة أخرى محافظة ولا ترى ما تراه الجهات السابقة، فالصراع بينها جميعًا صراع ديموقراطي، والمعيار هو أي هذه التيارات يؤمّن للمغرب والجزائر وتونس مصالحها الجوهرية؟ فالمصلحة العليا هي المعيار والهدف والغاية.

ويبدو أن النظرية التي تقول بأن الشمال الإفريقي جزء من أوروبا، لا من إفريقيا، نظرية لا تخلو من صواب. إنه جزء من أوروبا مناخيًا وجغرافيًا وتفاعلاً اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا. يقول أنصار هذه النظرية إن إفريقيا تبدأ بعد الصحراء وتمتدّ نزولاً نحو رأس الرجاء الصالح، وإن الشمال الإفريقي (ومعه المشرق العربي أيضًا) أراضٍ أوروبية وإن كان البحر المتوسط يفصلها جغرافيًا عن القارة العجوز. وقد حكم الرومان الشمال الإفريقي قرونًا طويلة.

وتونس بالذات استقلّت عن فرنسا في منتصف القرن الماضي، ولكنها عجزت من تحقيق هذا الاستقلال من نواحٍ عديدة. فقد كانت، عشية استقلالها، تفكّر بالفرنسية وتنشد العلم والتقدّم والحداثة بها. والإصلاحات الاجتماعية التي اشتهر بها بورقيبة استوحاها من المجتمع الفرنسي العصري العلماني. والرئيس التونسي الجديد من تلامذة كلية الحقوق في باريس في الأربعينيات، وكان طيلة حياته بورقيبيًا. والمنصف المرزوقي بدوره كان مجرد طالب تونسي درس الطب في فرنسا وإصلاحياته فرنسية.

وتقدّم سيرة زعماء الجزائر ونُخبها الثقافة في القرن العشرين دليلاً على فرنسية متغلغلة في الشخصية الجزائرية حتى العظم. فمصالي الحاج زعيم حركة «نجمة الشمال الإفريقي» الذي من عباءته وعباءة حركته خرج بن بلاّ وصحبه، كان مناضلاً نقابيًا في الحركة النقابية الفرنسية، وكان عقله مزيجًا من التحرّر من فرنسا وعدم الانفصال عنها والاقتداء بها في آن.

لم تكن فرنسا أو أوروبا تعني يومًا في ذهن هؤلاء الكفر أو العدوّ أو الشيطان، بل عنت على الدوام نموذج الحضارة الحديث التي كانوا يبغونها لبلدانهم.

وكما يمكن الحديث عن «شمال إفريقي» أوروبيّ بوجه من الوجوه، يمكن الحديث عن باريس عربية وإسلامية أيضًا. فباريس بدورها انفتحت أيما انفتاح على العرب حتى بدت في حقب كثيرة، كما في مواقف ثقافية وسياسية بلا حصر، عاصمة عربية. فإليها كان يفد العرب العاملون للاستقلال عنها، أو العرب الآخرن العاملون للاستقلال عن سواها، وعرب كثيرون عملوا ضدّ المشروع الصهيوني.

وفيها كتب اللبناني نجيب العازوري في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر كتابه التاريخي «يقظة الأمة العربية»، ومن مناخاتها الثقافية استوحى طالبا العلم فيها: ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار، الكثير من ملامح الفكر القومي العربي في الربع الثاني من القرن العشرين قبل أن يؤسسا حزب البعث الذي كان من أعظم الحركات العروبية في القرن العشرين قبل أن يستولي عليه العسكر والمذهبيون ويضمّونه إلى ممتلكاتهما. لقد كانت باريس بالنسبة للعرب مدرسة وجامعة وكلية طب وعلوم ودار نشر ومحطة إذاعة وفضائية، وبؤرة تفاعل حضاري بين عوالم كثيرة متعايشة ومختلفة، ولم تكن يومًا كما يصورها العقل الداعشي في الوقت الراهن.

ولم تكن باريس، أو فرنسا، وحدها عربية، بل شوهدت هذه العربية أيضًا في لندن وأكسفورد وكامبردج، كما في ليدن بهولنده أو في جامعة إبسالا في السويد، أو في جامعات سويسرا، في جنيف ولوزان، أو في شتى الجامعات الألمانية والبولونية والتشيكية والنمساوية. ولم يجد العرب منذ أواخر القرن التاسع عشر، وعلى امتداد القرن العشرين، جارًا أقرب إليهم وأفضل يستعمرهم حينًا، ويمدّ إليهم يد العون، حينًا آخر، مثل أوروبا، ولا شك أن ما نسمّيه بالنهضة العربية المعاصرة، أو بعصر النهضة، ليس سوى نتيجة تفاعل نُخَب عربية رائدة وطليعية مع العلم والمعرفة والثقافة القادمة من أوروبا. فأوروبا كانت الشعلة التي قبسنا منها أنوار نهضتنا الحديثة.

لا يعني كل ذلك أن «طريق أوروبا» كانت دائمًا معبّدة أو سالكة على خطّين، كما يقال، فالواقع أنه كان هناك معترضون كثيرون على سلوك هذه الطريق، كما كان هناك سالكون ومعترضون معًا. وهذا من حقّهم ومن جوهر التفاعل الحضاري في الوقت نفسه.

فحتمًا العشقّ لا يعني الاستسلام القرير للمعشوق بدليل أن «الخناقات» شائعة بين العاشقين شيوعها عند سواهم، بل إنهم لكثرة ما يتخانقون، يتصالحون أحيانًا.. وأوروبا هي هذه المعشوقة التي كثيرًا ما نتخانق معها ونتعاتب ونتصالح. وهذه هي القاعدة في علاقات الأفراد والدول على حدّ سواء.

دعاة التجريس / سليم عزوز



لا أعرف ما إذا كان في حوزة القائمين على قناة "الشرق الفضائية" ، فيديوهات فاضحة، لشخصيات في السلطة الحاكمة في مصر، أم أن ما قاله الزميل "معتز مطر" ، يدخل في باب التهديد من ناحية، ومن ناحية أخرى ليؤكد تمسك القناة بالقيم المهنية الرصينة، برفض بث مثل هذه الفيديوهات. لكن ما أعرفه أن حجب هذه الفيديوهات أثار غضب كثيرين، على القناة وملاكها، واعتبره البعض خيانة للثورة، ومؤامرة يقودها صاحب هذه المحطة الفضائية.

الحمد لله، فقد تمكن الجيش الالكتروني الباسل لمصر، بقيادة رائد أركان حرب، على النحو الذي نشرته جريدة "الدستور" من التوصل لاسم صاحب القناة، وقال الجيش في تسريبات له نشرتها الجريدة المذكورة، أن صاحب "الشرق" يدعي "باسم خفاجي" . هنا صحت بعلو الصوت: "تكبير" . ونسي جيشنا الالكتروني بقيادة المهيب الركن الرائد إياه، أن يذكر لنا بعضاً من ملامحه، وأنه "طول في عرض" ، وملتحٍ ما يؤكد انتماءه لتنظيم داعش!.

كل من يعرف قناة "الشرق" يعرف أن المالك الأبرز لها هو الدكتور "باسم خفاجي" ، وهو رجل لا يخفي نفسه باعتباره يقود تنظيماً سرياً، وقناة فضائية مسلحة؛ فلا يكاد يمر يوم دون أن تجد له حواراً على شاشاتها مع أحد مذيعيها، لأنه ليس مجرد صاحب فضائية ولكنه صاحب طموح سياسي، وقد فكر في خوض الانتخابات الرئاسية بعد ثورة يناير وهو الآن يعلن أنه سيخوض أول انتخابات تجري بعد الانقلاب، وهو ما ألب عليه القبائل. والبعض يري أن مثل هذا الحلم حرام، كحرمة يومك هذا في شهركم هذا.. "شهير يناير الفضيل" !.

ولأن "الشرق" تُعرف بملكيتها لباسم خفاجي بدون أن يحتاج الأمر للطلعات الجوية، لجيش مصر الإلكتروني، فقد توجه له البعض بالطلب عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأن يبث هذه "الفيديوهات" التي قال "معتز مطر" إن القناة رفضت بثها، والبعض حرض على بثها مستخدماً سلاح الابتزاز، فكون القناة لم تبثها فمعنى هذا أن هناك صفقة جرت بين "باسم خفاجي" ومن تخصهم هذه الفيديوهات، وأنه أسبغ حماية عليهم باسم التمسك بالقيم وأخلاق القرية!؟

بعيداً عن حالة التشكيك والابتزاز، التي أعتقد أن القناة مسؤولة عنها، إذ لم يكن عليها ما دامت اعتصمت بشرف المهنة، أن تلوح بامتلاكها فيديوهات فاضحة، تمس الحياة الشخصية لمسؤولين، فقد راعني ما جناه الانقلاب على منظومة القيم، حتى وجد الجميع لنفسه المبرر للخروج عليها، تحت عنوان مواجهة العدو، التي تبيح استخدام كل الأسلحة، حتى وإن مثل الامر خوضاً في الأعراض. والبعض قرر أن الخصم لا عرض له ولا كرامة، وكما استباح الانقلاب وإعلامه الحياة الخاصة لخصومه، يجد هؤلاء الخصوم مبرراً لذلك للرد عليهم بالتي هي أسوأ.

قد يزعج أصحاب فكر الاستباحة إذا علموا ما علمته، من أن "فيديوهات" حملت للرئيس محمد مرسي، فيها ممارسات فاضحة لعدد من الإعلاميين، ممن قادوا ضده حملة الإبادة الإعلامية ، لكنه رفض استخدامها، وقال "هذه ليست أخلاقنا" . وقيل إن ابنه قبل قدميه ليوافق، فرفض أيضاً. فقال له نجله: كل ما نطلبه أن تعطينا الإذن، بأن نرسلها لبيوتهم، فتصبح الفضيحة محصورة، وتؤدي الهدف منها. لكنه لم يوافق أبداً.

وقد زار مكتب أحد الوزراء في عهده ضابط سابق بجهاز أمني رفيع، وعرض خدماته على الوزير بأنه يستطيع أن يدفع هؤلاء الإعلاميين بأن يسبحوا بحمد الرئيس، بما يملكه في حوزته ضدهم، وطلب مقابلة الرئيس لهذا الغرض، وتحدد الموعد، وجلس معه في الرئاسة بعض مساعدي الرئيس، وعرضوا الموقف على الدكتور مرسي فرفض، "فهذه ليست أخلاقنا" !.

قد يشد دعاة "التجريس الآن" شعر رؤوسهم لما حدث، وإن كنت أرى أن الرئيس مرسي قد هزم الثورة بسماحته، وتصرف وفق المطلوب من رجل الدين لا رجل الحكم، لأن هؤلاء أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب، ولأنه لايباح في أي بلد في العالم لمرتزقة أن يخرجوا على قواعد النقد المباح، إلى "شرشحة الحواري" ، والافتراء، والتجاوز، وكان كل هذا مدفوع الثمن من جهات خارجية وداخلية، ومهد الطريق لانقلاب العسكر في 3 يوليو، بعد حملة "استهياف الرئيس" !.

لكني وأنا لست من الذين يملكون سماحة محمد مرسي، لست مع التطرق للحياة الخاصة للناس، وبما يحدث في ظل الدولة البوليسية، وفي دولة العمليات القذرة التي أسسها العسكر في كل البلاد التي حكموها، فأنا مؤمن بأن هناك مئة طريقة وطريقة للتعامل مع هذا الانحطاط الإعلامي، ليس من بينها نشر "الفيديوهات" الخاصة بأصحابها أو حتى بإرسالها لبيوتهم!.

ومهما يكن، فاللافت في "فقه الاستباحة" السائد، أن البعض يرى أن الشخصية العامة حياتها الخاصة مباحة، وينبغي أن تكون على الهواء مباشرة، وهو أمر لا أصل له في القانون، وكل الدساتير المتعاقبة تحصن حياة الناس الخاصة مهما كانت مسؤولياتهم العامة ووظائفهم في الدولة، والاستثناء هنا، عائد على ما يتصل من حياة الموظف العام الخاصة بعمله وما يؤثر فيه. وقد آذاني كثيراً هذه الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد قضاة مجلس الدولة، في أوضاع لا تليق، بمكانته كقاض. واللافت أن ما نشر من صور إباحية له، قيل أن من بثها هو "معتز مطر" في التسريبات، وقلت إنه ربما خضع لابتزاز البعض، فكان هذا البث، لكني عرفت أن الحلقة نفسها لم تذع بسبب التشويه، الذي أقدمت عليه سلطات الانقلاب، وأن بعض الصور ليست حديثة تماماً.

القاضي، صاحب هذه الصور المبتذلة، ليس صاحب أحكام لصالح الانقلاب، بحسب ما علمت، وهو ما يدفعنا للسؤال عن السبب في هذا النشر؟. أعلم أن البعض يرد أن يشهر بالقضاة ككل باعتبار أن المؤسسة القضائية جزء من الانقلاب العسكري، وقد وجد البعض في هذه الصور ضآلته، وهو أمر عندي غير مبرر على الإطلاق، صحيح أن الأوضاع التي ظهر بها القاضي تمثل إخلالاً بالشكل الذي ينبغي أن يكون عليه القاضي، لكن المكان الطبيعي الذي تقدم له هذه الصور هو جهاز التفتيش بالمحكمة أو المجلس الخاص بقضاء مجلس الدولة، لاتخاذ ما يلزم حيال هذا الإخلال بهيبة الوظيفة لاسيما وأن الصور لم تلتقط خلسة له، فمن الواضح أنه كان يعلم بالتقاطها، وهو نوع من العبث، ويؤكد أن اختياره لهذه الوظيفة المرموقة كان خطأ من البداية، وهو نتيجة طبيعية للاختيار بمعايير الواسطة والمحسوبية، ربما كانت المهنة الجديرة به، هي "وكيل فنانين" !.

ويعنيني هنا التأكيد على أن ما أريده من القاضي هو أن يحكم بالعدل، وألا يخالف القانون، وألا يكون تابعاً في أحكامه لضغوط، ولا شأن لي كمواطن بحياته الخاصة، وسلوكه الشخصي!.

ما علينا، فقد صار الجميع في حالة ولع بالتشهير بالآخر، وعدم ستر العورات، والتلذذ بتشويه الخصوم، وهي حالة مرضية السبب فيها الانقلاب العسكري.
إنها واحدة من جنايات الانقلاب على المصريين وأخلاقهم.

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

دراسة جامعية : 64 بالمائة من متابعي الأخبار لا يثقون بالمحطات الفضائية و 91 بالصحف


توضح دراسة جامعية إن الحملة الأمريكية الاخيرة ضد التنظيمات المعادية للحكم الذي أوجدته في العراق بعد الاحتلال عام 2003 أسهم في زيادة الإقبال على الانترنت كمصدر للاخبار على حساب القنوات الفضائية.
و وفق دراسة اعدها د.مصطفى سالم في جامعة المعرفة العالمية تحت عنوان ( الحملة الامريكية ضد التنظيمات المعادية للحكم في العراق ومصادر متابعي اخبارها ) إن المحطات الفضائية الأخبارية في موضع الشك بحيادية ما تبثه من معلومات وأخبار و التي تتعلق بالصراع واطرافه.
وبغض النظر عن الوصف المعتمد من قبل كل طرف لهذا الصراع سواء كان مقاومة، أو ارهابا وغير ذلك ، فأن 64 بالمائة من عينة الدراسة تؤكد إن التغطية الاخبارية للقنوات الفضائية تعبر عن موقف سياسي من الحدث، وليس تغطية لحقيقة مايحدث.
و وفق الدراسة فأن القنوات الفضائية لم تستطع أن تنال ثقة متابعي الاخبار، فلم تنال قناة الجزيرة سوى على  43 بالمائة من الثقة بتغطيتها، وتليها بي بي سي و روسيا اليوم و فرانس 24 ، فيما اعتبرت العربية الاقل مصداقية 1 بالمائة.
ويرى د.مصطفى سالم إن النتائج تؤكد على الحاجة لإعلام يخرج عن التبعية لموقف الحكومات والجهات المختلفة من الحدث لصالح حقيقة ما حدث ويحدث وهو أمر ليس سهلا.
ويرى سالم إن ما من وسيلة إعلامية مستقلة، وإن مزودي الاخبار يمثلون جهات ومصالح ويخضعون لحكومات وتحالفات وشركات، لذا ( الحقيقة تبقى مفقودة وما يقال عنها حقيقة هي ما يراد لنا أن نقبله كحقيقة) .
ويتضح إن الجزيرة مازالت تحظى أكبر نسبة بالمشاهدة 53 بالمائة، وتليها بي بي سي وروسيا اليوم وفرانس 24 والعربية، فيما تحتل قنوات اخرى ذيل القائمة.
لكن مواقع الاخبار على الانترنت ومنها فيس بوك وتويتر تنقل وجهة النظر المحجوبة تشكل 81 بالمائة من مصادر متابعي الاخبار.
وشارك في الدراسة 1780 من دول عربية مختلفة.
و لم تكن الصحف مصدرا موثوقا لدى 91 بالمائة من عينة البحث.
وحصلت مواقع وكالات الانباء على 24 بالمائة من الثقة.
ويجدر بالذكر إن البحث تحدد في الحدث في العراق ولم يشمل مناطق أخرى.
ويعتقد 87 بالمائة من عينة البحث إن الموقف من الارهاب في وسائل الاعلام هو تعبير عن الموقف الامريكي الذي قد يكون وصل لوسائل الاعلام مباشرة، أو عبر حكومات وجهات تهيمن على هذه الوسائل.
ويرى د. سالم إن وسائل الإعلام ومتابعيها لا يمكن أن يتجردا كموقف من أطراف الصراع ومدى قبولهم لكل طرف منه.