الأحد، 17 نوفمبر 2013

الحسين ليس ثائرا ولا التاريخ هو الدين / د.مصطفى سالم

مع ذكرى وفاة الحسين  ( 4 هـ -  61 هـ / 626 م - 680 م)  يدور الحديث من وجهات نظر مختلفة عنه كشخص ثوري، أو اسطوري وبشكل مبالغ فيه بما يمنع النظر للتجربة بكل وضوح وصدق.
ويبدو أن الهدف هو صناعة رمز معين للترويج لأفكار وتبرير ما يحدث من طقوس تبدو على النقيض من الإسلام الذي يرفض عبادة الفرد.
بداية، أعتبار الحسين أمتداد لتجربة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب ( 23 ق هـ -599م / 40 هـ/ 661 م)  أمر لن يغير من الوقائع عند النظر إليها من هذه المرحلة، بل سيكرس فكرة السعي للسلطة والتوريث.
أمتازت خلافة الإمام علي (سنة 35 هـ 656 م - سنة 40 هـ 661 م)  بصراع دموي على السلطة خاضه في مواجهة من أعترضوا على عدم إنفاذ القصاص في قتلة الخليفة عثمان بن عفان فيما يعرف بالفتنة الأولى.
وقد كانت حجة الخليفة علي عدم وجود إمكانية معاقبتهم في تلك الفترة رغم محدودية عددهم.
لكن الغريب ان الخليفة علي استطاع مقاتلة الذين ثاروا عليه وهم أكثر عددا وانتصر عليهم ولم يكن قادرا على مقاتلة قتلة عثمان الأقل عددا والذين كانوا أصلا في جيشه .
ويمتنع السنة والشيعة عن مناقشة هل كان الخليفة علي مؤهلا ليكون خليفة للمسلمين بعد أن أختلف معه العديد من المسلمين؟
والتأهيل مقصود به هل يتوفر له القدرة على إدارة دولة لم تنعم في عهده بالفتوحات والتوسع؟
وقد قتل من المصريين ضد حسني مبارك عددا أقل من الذين سقطوا ممن ثاروا ضد الخليفة علي ويتعرض مبارك لمحاكمة يحاول البعض طمسها، ولا يمكن لنا مناقشة لماذا سفكت الدماء في عهد الخليفة علي لمجرد الرغبة في البقاء في السلطة أو العجز عن معاقبة قتلة؟
ولماذا طغت ارستقراطية قريش في عهد عثمان حتى جرت البلاد والعباد لأزمات متوالية؟
ومع كون مثل هذه الأسئلة مناقشة تاريخية وليس دينية إلا أن الجميع يحجم عن ذلك لأسباب ليس من بينها محاولة معرفة الحقيقة.
وقد وضع الخليفة علي  سابقة في قتاله إلى جانب قتلة ضد مطالبين بتحقيق العدالة، كما وضع سابقة في نقل عاصمة الخلافة من المدينة الى الكوفة، مما منح معاوية بن أبي سفيان الفرصة لتثبيتها في دمشق لاحقا.
ولا يخفى محاولة الخليفة علي زرع نظام التوريث، ومنح ذلك من دون قصد معاوية أيضا سابقة في التوريث.
و قد يدعي البعض أن الخليفة علي لم يرد يوما التوريث، لكن الشيعة الذين يعتبرون الخليفة علي إماهم الأول يؤمنون بالتوريث، بل ويتبعون مرجعية شيعية حولت الإمامة التي هي من وجهت نظرها هي الدين إلى وراثة.
 وأخطر ما في المسألة أن يتم تبرير التوريث في الدين والدنيا.
وحقيقة التوريث يخالف الإسلام وقد اتفق على التوريث ليس السلطة ألاموية أو العباسية فقط، بل الشيعة المخالفين لهم، والذين يعتمدون على الوراثة في الدين باعتبار الامام عندهم هو الدين، وهو امر جعل رجال الدين الشيعة دوما من الاثرياء.
والمشكلة ان النظر لتجربة الخلفاء الراشدين يعتبره البعض مسألة دينية بحتة، بينما هي مسألة تاريخية يجوز النقاش حولها . وحتى لو كانت دينية لا يمنحها الحصانة عند مناقشتها.
وامتدادا لهذا الأمر لم يستطع الحسين من صناعة ثورة في المدينة إذ في الأصل هو ليس ثائرا، لذا خرج الى العراق من اجل الحصول على تحالف من اجل اعلان رفض سلطة يزيد.
والتاريخ يقول أن الذين عاهدوا الحسين خانوا العهد وتخلوا عنه.
 وحين النظر الى المنجز والى دوره لم يكن الحسين إماما حتى يطلق عليه هذا اللقب لاحقا وليس خلال فترة حياته.
كان الحسين بصحبة أهله حين توجه للعراق ومعنى ذلك ان السلطة هي هدف له إذ لا يعقل أن تكون الثورة قضية عائلية.
وغالبا ما يتم رواية المعركة على انها كانت طويلة بينما المنطق والوقائع يؤكد انها معركة قصيرة شهدت مطالبة من جيش الدولة إلى الحسين لاعلان انصياعه للخليفة، لكنه فضل تقديم ما يمكن تسميته مبادرة ليكون مقاتلا على الثغور وهو ما تم رفضه.
اي ان تجربة الحسين لم تكن ثورة بل محاولة للوصول الى السلطة.
وفي معركة سريعة قتل الحسين.
ومحاولة تحويل تجربة الحسين نموذجا للثورية هو تشويه للثورة.
 اذ كل من قاوم العدو الامريكي وحلفاءهم في العراق منذ عام 2003 كان اكثر ثورية من الحسين، بل ان كل من قاوم العدو الصهيوني هو اكثر ثورية.
 وكل من ناضل من اجل الفقراء وتحقيق الاشتراكية كان اكثر ثورية.
لا يجوز ان يضع البعض سقفا للثورية ترتبط بشخص لا بفكرة او معنى.
 ويمكن القول أن الثورية تنتهي مع جلوس الثوار في الحكم حتى لو كانت لديهم نظرية ثورية.
إذ السلطة من الضيق لا تتسع للثورة.
الحسين كان شهيدا ولكن ليس سيد الشهداء من وجهة نظر الاسلام، إذ هذا اللقب كان للحمزة عم الرسول الكريم محمد (ص) بعد أن قُتل في غزوة أحد سنة 3 هجرية.
ومن وجهة نظر غير اسلامية، الثوار الجدد الذي سقطوا امام الغزاة او السلطة القمعية مواجهة او تعذيبا هم من يستحقون لقب سيد الشهداء.
وصعود صدام المشنقة مبتسما، بعد أن تأمرت على العراق الإمبريالية والرجعية العربية وإيران هو من يمنحه لقب سيد الشهداء بغض النظر عن الموقف من تجربة حكمه.
والقرب من الرسول الكريم لن يغير من كون الحق دوما مع من يكون ضد التوريث وضد القتل وضد استغلال الفقراء او الحصول على اموال الناس بدافع انفاقها من اجل ال البيت.
وما نريده هنا أن لا يتم تحويل التاريخ إلى دين، والفكر الحر يتطلب ان يكون الدين في مكانه بعيدا عن السلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق