الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

هل الشمال الإفريقي أوروبي؟ / جهاد فاضل




إذا حدّق المرء في وجه الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي أو عاد إلى سيرته ومنها أقواله خلال حملاته الانتخابية، ومن قبل خلال ترؤُّسه حكومة تونسية مؤقتة، صنّفه بورقيبيًا وألحقه على الفور بتراث «البورقيبية» التي حكمت تونس سنوات طويلة بعد الاستقلال عن فرنسا. والبورقيبية باختصار حركة استقلالية وطنية ولكن دون التخلّي عن فرنسا وأوروبا. لقد طمحت إلى أن تكون تونس مثل أوروبا، دولة مدنية علمانية لا دولة من العالم الثالث منكفئة على الماضي ومعتقلة فيه.

ولا تختلف الجزائر والمغرب في تاريخها الحديث عن مثل هذا التوجّه.
فالمدنية الأوروبية كانت، صراحة أو ضمنًا، في صميم توجّه الاستقلاليين الذين عملوا لطرد المحتلّ الفرنسيّ أو الأسبانيّ.

 كانوا يريدون التخلّص من المستعمر الأوروبيّ، ولكن ليبنوا مجتمعات على الطراز الأوروبيّ، وإذا عاد أحدنا اليوم إلى وثائق جبهة التحرير الجزائرية، وكذلك إلى سيرة بُناتها الأوائل مثل بن بلاّ وآية أحمد، وجد «الفرنسيّة» أو «الأوروبيّة» حاضرة في هذه السيرة وفي نموذج هؤلاء القادة للتحديث.

 لم يكن الإسلام غائبًا بالطبع عن الذهن، ولكن الإسلام هنا كان حاديًا للتقدم لا معاديًا له. وفي حديث مشهور للرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه يظهر على رأس هذه الأمة كل مائة سنة من يجدّد لها أمر دِينها. وإذا كان المجدّد في أمر الدين مُنتظرًا، ومرحَّبًا به، فكيف بالمجدّد في أمر الدنيا؟ وكانت الحركة الإصلاحية الجزائرية وعلى رأسها بن باديس والإبراهيمي قادة هذا التوجه الديني والدنيوي، حركة نهضة تستلهم ما عند الأوروبيّين من أساليب للإصلاح.

ولم يكن انفتاح النُخَب المغربية على أوروبا أقلّ من انفتاح النُخب الجزائرية والتونسية، فالجميع كانوا يتبارون في نشدان التغيير، ولم يخطر في بالهم أن استيحاء النموذج الأوروبيّ يخالف الشرائع والعقائد الموروثة، فهذه شيء وذاك شيء آخر. ولو أنهم أرادوا يومها أن يقدّموا خطابًا يسعفهم في الجمع بين قناعاتهم الدينية والدنيوية، لوجدوا ما لا يحُصى من الأدلة والشواهد على أن السلف كان مثلهم تمامًا في الأخذ عن اليونان والفرس والهند وسواها، ولم يكن يجد حرجًا في ذلك.

وقد انفتحت شعوب الشمال الإفريقي هذه على أوروبا انفتاحًا واسعًا سواء قبل الاستقلال أو بعده. فاللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية منتشرة عند هذه الشعوب كما هي منتشرة في فرنسا ذاتها.

وفي الوقت الراهن هناك أكثر من ستة ملايين مسلم في فرنسا، والرحلات الجوية بين الدار البيضاء وتونس والجزائر وباريس كأنها رحلات داخلية بين باريس والمدن الفرنسية. والكتّاب الفرنكوفونيون من بلدان الشمال الإفريقي الذين يكتبون حتى اليوم الفرنسية هم أكثر من الكتّاب الذين يكتبون بالعربية.

وعندما ترتفع الآن في المغرب أصوات تطالب باعتماد العامية المغربية لغة رسمية محل العربية، لا يطالب أحد بلجم نفوذ اللغة الأجنبية، فكأنّ هؤلاء المطالبين يرون أن العربية لغة ماضوية لا لغة حديثة، ويرون في العامية لغة حياة وتطوّر.

إلى هذه الدرجة بلغ الانعتاق من الماضي والتحرّر منه والبحث عن صيغ ووسائل تواكب أكثر متغيّرات الحياة. وإذا كانت في مجتمعات الشمال الإفريقي جهات كثيرة أخرى محافظة ولا ترى ما تراه الجهات السابقة، فالصراع بينها جميعًا صراع ديموقراطي، والمعيار هو أي هذه التيارات يؤمّن للمغرب والجزائر وتونس مصالحها الجوهرية؟ فالمصلحة العليا هي المعيار والهدف والغاية.

ويبدو أن النظرية التي تقول بأن الشمال الإفريقي جزء من أوروبا، لا من إفريقيا، نظرية لا تخلو من صواب. إنه جزء من أوروبا مناخيًا وجغرافيًا وتفاعلاً اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا. يقول أنصار هذه النظرية إن إفريقيا تبدأ بعد الصحراء وتمتدّ نزولاً نحو رأس الرجاء الصالح، وإن الشمال الإفريقي (ومعه المشرق العربي أيضًا) أراضٍ أوروبية وإن كان البحر المتوسط يفصلها جغرافيًا عن القارة العجوز. وقد حكم الرومان الشمال الإفريقي قرونًا طويلة.

وتونس بالذات استقلّت عن فرنسا في منتصف القرن الماضي، ولكنها عجزت من تحقيق هذا الاستقلال من نواحٍ عديدة. فقد كانت، عشية استقلالها، تفكّر بالفرنسية وتنشد العلم والتقدّم والحداثة بها. والإصلاحات الاجتماعية التي اشتهر بها بورقيبة استوحاها من المجتمع الفرنسي العصري العلماني. والرئيس التونسي الجديد من تلامذة كلية الحقوق في باريس في الأربعينيات، وكان طيلة حياته بورقيبيًا. والمنصف المرزوقي بدوره كان مجرد طالب تونسي درس الطب في فرنسا وإصلاحياته فرنسية.

وتقدّم سيرة زعماء الجزائر ونُخبها الثقافة في القرن العشرين دليلاً على فرنسية متغلغلة في الشخصية الجزائرية حتى العظم. فمصالي الحاج زعيم حركة «نجمة الشمال الإفريقي» الذي من عباءته وعباءة حركته خرج بن بلاّ وصحبه، كان مناضلاً نقابيًا في الحركة النقابية الفرنسية، وكان عقله مزيجًا من التحرّر من فرنسا وعدم الانفصال عنها والاقتداء بها في آن.

لم تكن فرنسا أو أوروبا تعني يومًا في ذهن هؤلاء الكفر أو العدوّ أو الشيطان، بل عنت على الدوام نموذج الحضارة الحديث التي كانوا يبغونها لبلدانهم.

وكما يمكن الحديث عن «شمال إفريقي» أوروبيّ بوجه من الوجوه، يمكن الحديث عن باريس عربية وإسلامية أيضًا. فباريس بدورها انفتحت أيما انفتاح على العرب حتى بدت في حقب كثيرة، كما في مواقف ثقافية وسياسية بلا حصر، عاصمة عربية. فإليها كان يفد العرب العاملون للاستقلال عنها، أو العرب الآخرن العاملون للاستقلال عن سواها، وعرب كثيرون عملوا ضدّ المشروع الصهيوني.

وفيها كتب اللبناني نجيب العازوري في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر كتابه التاريخي «يقظة الأمة العربية»، ومن مناخاتها الثقافية استوحى طالبا العلم فيها: ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار، الكثير من ملامح الفكر القومي العربي في الربع الثاني من القرن العشرين قبل أن يؤسسا حزب البعث الذي كان من أعظم الحركات العروبية في القرن العشرين قبل أن يستولي عليه العسكر والمذهبيون ويضمّونه إلى ممتلكاتهما. لقد كانت باريس بالنسبة للعرب مدرسة وجامعة وكلية طب وعلوم ودار نشر ومحطة إذاعة وفضائية، وبؤرة تفاعل حضاري بين عوالم كثيرة متعايشة ومختلفة، ولم تكن يومًا كما يصورها العقل الداعشي في الوقت الراهن.

ولم تكن باريس، أو فرنسا، وحدها عربية، بل شوهدت هذه العربية أيضًا في لندن وأكسفورد وكامبردج، كما في ليدن بهولنده أو في جامعة إبسالا في السويد، أو في جامعات سويسرا، في جنيف ولوزان، أو في شتى الجامعات الألمانية والبولونية والتشيكية والنمساوية. ولم يجد العرب منذ أواخر القرن التاسع عشر، وعلى امتداد القرن العشرين، جارًا أقرب إليهم وأفضل يستعمرهم حينًا، ويمدّ إليهم يد العون، حينًا آخر، مثل أوروبا، ولا شك أن ما نسمّيه بالنهضة العربية المعاصرة، أو بعصر النهضة، ليس سوى نتيجة تفاعل نُخَب عربية رائدة وطليعية مع العلم والمعرفة والثقافة القادمة من أوروبا. فأوروبا كانت الشعلة التي قبسنا منها أنوار نهضتنا الحديثة.

لا يعني كل ذلك أن «طريق أوروبا» كانت دائمًا معبّدة أو سالكة على خطّين، كما يقال، فالواقع أنه كان هناك معترضون كثيرون على سلوك هذه الطريق، كما كان هناك سالكون ومعترضون معًا. وهذا من حقّهم ومن جوهر التفاعل الحضاري في الوقت نفسه.

فحتمًا العشقّ لا يعني الاستسلام القرير للمعشوق بدليل أن «الخناقات» شائعة بين العاشقين شيوعها عند سواهم، بل إنهم لكثرة ما يتخانقون، يتصالحون أحيانًا.. وأوروبا هي هذه المعشوقة التي كثيرًا ما نتخانق معها ونتعاتب ونتصالح. وهذه هي القاعدة في علاقات الأفراد والدول على حدّ سواء.

دعاة التجريس / سليم عزوز



لا أعرف ما إذا كان في حوزة القائمين على قناة "الشرق الفضائية" ، فيديوهات فاضحة، لشخصيات في السلطة الحاكمة في مصر، أم أن ما قاله الزميل "معتز مطر" ، يدخل في باب التهديد من ناحية، ومن ناحية أخرى ليؤكد تمسك القناة بالقيم المهنية الرصينة، برفض بث مثل هذه الفيديوهات. لكن ما أعرفه أن حجب هذه الفيديوهات أثار غضب كثيرين، على القناة وملاكها، واعتبره البعض خيانة للثورة، ومؤامرة يقودها صاحب هذه المحطة الفضائية.

الحمد لله، فقد تمكن الجيش الالكتروني الباسل لمصر، بقيادة رائد أركان حرب، على النحو الذي نشرته جريدة "الدستور" من التوصل لاسم صاحب القناة، وقال الجيش في تسريبات له نشرتها الجريدة المذكورة، أن صاحب "الشرق" يدعي "باسم خفاجي" . هنا صحت بعلو الصوت: "تكبير" . ونسي جيشنا الالكتروني بقيادة المهيب الركن الرائد إياه، أن يذكر لنا بعضاً من ملامحه، وأنه "طول في عرض" ، وملتحٍ ما يؤكد انتماءه لتنظيم داعش!.

كل من يعرف قناة "الشرق" يعرف أن المالك الأبرز لها هو الدكتور "باسم خفاجي" ، وهو رجل لا يخفي نفسه باعتباره يقود تنظيماً سرياً، وقناة فضائية مسلحة؛ فلا يكاد يمر يوم دون أن تجد له حواراً على شاشاتها مع أحد مذيعيها، لأنه ليس مجرد صاحب فضائية ولكنه صاحب طموح سياسي، وقد فكر في خوض الانتخابات الرئاسية بعد ثورة يناير وهو الآن يعلن أنه سيخوض أول انتخابات تجري بعد الانقلاب، وهو ما ألب عليه القبائل. والبعض يري أن مثل هذا الحلم حرام، كحرمة يومك هذا في شهركم هذا.. "شهير يناير الفضيل" !.

ولأن "الشرق" تُعرف بملكيتها لباسم خفاجي بدون أن يحتاج الأمر للطلعات الجوية، لجيش مصر الإلكتروني، فقد توجه له البعض بالطلب عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأن يبث هذه "الفيديوهات" التي قال "معتز مطر" إن القناة رفضت بثها، والبعض حرض على بثها مستخدماً سلاح الابتزاز، فكون القناة لم تبثها فمعنى هذا أن هناك صفقة جرت بين "باسم خفاجي" ومن تخصهم هذه الفيديوهات، وأنه أسبغ حماية عليهم باسم التمسك بالقيم وأخلاق القرية!؟

بعيداً عن حالة التشكيك والابتزاز، التي أعتقد أن القناة مسؤولة عنها، إذ لم يكن عليها ما دامت اعتصمت بشرف المهنة، أن تلوح بامتلاكها فيديوهات فاضحة، تمس الحياة الشخصية لمسؤولين، فقد راعني ما جناه الانقلاب على منظومة القيم، حتى وجد الجميع لنفسه المبرر للخروج عليها، تحت عنوان مواجهة العدو، التي تبيح استخدام كل الأسلحة، حتى وإن مثل الامر خوضاً في الأعراض. والبعض قرر أن الخصم لا عرض له ولا كرامة، وكما استباح الانقلاب وإعلامه الحياة الخاصة لخصومه، يجد هؤلاء الخصوم مبرراً لذلك للرد عليهم بالتي هي أسوأ.

قد يزعج أصحاب فكر الاستباحة إذا علموا ما علمته، من أن "فيديوهات" حملت للرئيس محمد مرسي، فيها ممارسات فاضحة لعدد من الإعلاميين، ممن قادوا ضده حملة الإبادة الإعلامية ، لكنه رفض استخدامها، وقال "هذه ليست أخلاقنا" . وقيل إن ابنه قبل قدميه ليوافق، فرفض أيضاً. فقال له نجله: كل ما نطلبه أن تعطينا الإذن، بأن نرسلها لبيوتهم، فتصبح الفضيحة محصورة، وتؤدي الهدف منها. لكنه لم يوافق أبداً.

وقد زار مكتب أحد الوزراء في عهده ضابط سابق بجهاز أمني رفيع، وعرض خدماته على الوزير بأنه يستطيع أن يدفع هؤلاء الإعلاميين بأن يسبحوا بحمد الرئيس، بما يملكه في حوزته ضدهم، وطلب مقابلة الرئيس لهذا الغرض، وتحدد الموعد، وجلس معه في الرئاسة بعض مساعدي الرئيس، وعرضوا الموقف على الدكتور مرسي فرفض، "فهذه ليست أخلاقنا" !.

قد يشد دعاة "التجريس الآن" شعر رؤوسهم لما حدث، وإن كنت أرى أن الرئيس مرسي قد هزم الثورة بسماحته، وتصرف وفق المطلوب من رجل الدين لا رجل الحكم، لأن هؤلاء أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب، ولأنه لايباح في أي بلد في العالم لمرتزقة أن يخرجوا على قواعد النقد المباح، إلى "شرشحة الحواري" ، والافتراء، والتجاوز، وكان كل هذا مدفوع الثمن من جهات خارجية وداخلية، ومهد الطريق لانقلاب العسكر في 3 يوليو، بعد حملة "استهياف الرئيس" !.

لكني وأنا لست من الذين يملكون سماحة محمد مرسي، لست مع التطرق للحياة الخاصة للناس، وبما يحدث في ظل الدولة البوليسية، وفي دولة العمليات القذرة التي أسسها العسكر في كل البلاد التي حكموها، فأنا مؤمن بأن هناك مئة طريقة وطريقة للتعامل مع هذا الانحطاط الإعلامي، ليس من بينها نشر "الفيديوهات" الخاصة بأصحابها أو حتى بإرسالها لبيوتهم!.

ومهما يكن، فاللافت في "فقه الاستباحة" السائد، أن البعض يرى أن الشخصية العامة حياتها الخاصة مباحة، وينبغي أن تكون على الهواء مباشرة، وهو أمر لا أصل له في القانون، وكل الدساتير المتعاقبة تحصن حياة الناس الخاصة مهما كانت مسؤولياتهم العامة ووظائفهم في الدولة، والاستثناء هنا، عائد على ما يتصل من حياة الموظف العام الخاصة بعمله وما يؤثر فيه. وقد آذاني كثيراً هذه الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد قضاة مجلس الدولة، في أوضاع لا تليق، بمكانته كقاض. واللافت أن ما نشر من صور إباحية له، قيل أن من بثها هو "معتز مطر" في التسريبات، وقلت إنه ربما خضع لابتزاز البعض، فكان هذا البث، لكني عرفت أن الحلقة نفسها لم تذع بسبب التشويه، الذي أقدمت عليه سلطات الانقلاب، وأن بعض الصور ليست حديثة تماماً.

القاضي، صاحب هذه الصور المبتذلة، ليس صاحب أحكام لصالح الانقلاب، بحسب ما علمت، وهو ما يدفعنا للسؤال عن السبب في هذا النشر؟. أعلم أن البعض يرد أن يشهر بالقضاة ككل باعتبار أن المؤسسة القضائية جزء من الانقلاب العسكري، وقد وجد البعض في هذه الصور ضآلته، وهو أمر عندي غير مبرر على الإطلاق، صحيح أن الأوضاع التي ظهر بها القاضي تمثل إخلالاً بالشكل الذي ينبغي أن يكون عليه القاضي، لكن المكان الطبيعي الذي تقدم له هذه الصور هو جهاز التفتيش بالمحكمة أو المجلس الخاص بقضاء مجلس الدولة، لاتخاذ ما يلزم حيال هذا الإخلال بهيبة الوظيفة لاسيما وأن الصور لم تلتقط خلسة له، فمن الواضح أنه كان يعلم بالتقاطها، وهو نوع من العبث، ويؤكد أن اختياره لهذه الوظيفة المرموقة كان خطأ من البداية، وهو نتيجة طبيعية للاختيار بمعايير الواسطة والمحسوبية، ربما كانت المهنة الجديرة به، هي "وكيل فنانين" !.

ويعنيني هنا التأكيد على أن ما أريده من القاضي هو أن يحكم بالعدل، وألا يخالف القانون، وألا يكون تابعاً في أحكامه لضغوط، ولا شأن لي كمواطن بحياته الخاصة، وسلوكه الشخصي!.

ما علينا، فقد صار الجميع في حالة ولع بالتشهير بالآخر، وعدم ستر العورات، والتلذذ بتشويه الخصوم، وهي حالة مرضية السبب فيها الانقلاب العسكري.
إنها واحدة من جنايات الانقلاب على المصريين وأخلاقهم.

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

دراسة جامعية : 64 بالمائة من متابعي الأخبار لا يثقون بالمحطات الفضائية و 91 بالصحف


توضح دراسة جامعية إن الحملة الأمريكية الاخيرة ضد التنظيمات المعادية للحكم الذي أوجدته في العراق بعد الاحتلال عام 2003 أسهم في زيادة الإقبال على الانترنت كمصدر للاخبار على حساب القنوات الفضائية.
و وفق دراسة اعدها د.مصطفى سالم في جامعة المعرفة العالمية تحت عنوان ( الحملة الامريكية ضد التنظيمات المعادية للحكم في العراق ومصادر متابعي اخبارها ) إن المحطات الفضائية الأخبارية في موضع الشك بحيادية ما تبثه من معلومات وأخبار و التي تتعلق بالصراع واطرافه.
وبغض النظر عن الوصف المعتمد من قبل كل طرف لهذا الصراع سواء كان مقاومة، أو ارهابا وغير ذلك ، فأن 64 بالمائة من عينة الدراسة تؤكد إن التغطية الاخبارية للقنوات الفضائية تعبر عن موقف سياسي من الحدث، وليس تغطية لحقيقة مايحدث.
و وفق الدراسة فأن القنوات الفضائية لم تستطع أن تنال ثقة متابعي الاخبار، فلم تنال قناة الجزيرة سوى على  43 بالمائة من الثقة بتغطيتها، وتليها بي بي سي و روسيا اليوم و فرانس 24 ، فيما اعتبرت العربية الاقل مصداقية 1 بالمائة.
ويرى د.مصطفى سالم إن النتائج تؤكد على الحاجة لإعلام يخرج عن التبعية لموقف الحكومات والجهات المختلفة من الحدث لصالح حقيقة ما حدث ويحدث وهو أمر ليس سهلا.
ويرى سالم إن ما من وسيلة إعلامية مستقلة، وإن مزودي الاخبار يمثلون جهات ومصالح ويخضعون لحكومات وتحالفات وشركات، لذا ( الحقيقة تبقى مفقودة وما يقال عنها حقيقة هي ما يراد لنا أن نقبله كحقيقة) .
ويتضح إن الجزيرة مازالت تحظى أكبر نسبة بالمشاهدة 53 بالمائة، وتليها بي بي سي وروسيا اليوم وفرانس 24 والعربية، فيما تحتل قنوات اخرى ذيل القائمة.
لكن مواقع الاخبار على الانترنت ومنها فيس بوك وتويتر تنقل وجهة النظر المحجوبة تشكل 81 بالمائة من مصادر متابعي الاخبار.
وشارك في الدراسة 1780 من دول عربية مختلفة.
و لم تكن الصحف مصدرا موثوقا لدى 91 بالمائة من عينة البحث.
وحصلت مواقع وكالات الانباء على 24 بالمائة من الثقة.
ويجدر بالذكر إن البحث تحدد في الحدث في العراق ولم يشمل مناطق أخرى.
ويعتقد 87 بالمائة من عينة البحث إن الموقف من الارهاب في وسائل الاعلام هو تعبير عن الموقف الامريكي الذي قد يكون وصل لوسائل الاعلام مباشرة، أو عبر حكومات وجهات تهيمن على هذه الوسائل.
ويرى د. سالم إن وسائل الإعلام ومتابعيها لا يمكن أن يتجردا كموقف من أطراف الصراع ومدى قبولهم لكل طرف منه.
 


الأحد، 23 نوفمبر 2014

يتحدثون عن المصالحة في العراق / وليد الزبيدي

المصالحة من بين المصطلحات الكثيرة التي تداولها ساسة العراق واستمع إليها العراقيون دون أن يتحقق شيئ على ارض الواقع، فعندما شرع بول بريمر في بداية يوليو 2003 في تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في العراق، بعد شهر ونصف الشهر من وصول الأخير لبغداد خلفا للحاكم العسكري الأميركي جي جارنر، الذي وصل بغداد قادما من الكويت بعد الغزو مباشرة، ترددت لفظة المصالحة في الاوساط العراقية، وقال الكثيرون أن تشكيلة مجلس الحكم تعكس مجموع اطياف المجتمع العراقي، ما يعني وضع لبنات رصينة للمصالحة في العراق ـ هكذا زعموا ـ ورغم الحديث الواسع إلا أن أحدا لم يضع تعريفا دقيقا وشاملا وموضوعيا لهذا المصطلح، في بلد ظل يئن تحت ضربات الحصار القاسي يوميا ولأكثر من عقد من الزمان، وأن شعبا ما زال يستنشق مرغما بارود الحرب التي استخدم خلالها الأميركان والبريطانيون مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، وأن الإنسان العراقي يرزح تحت ثقل الغزو والاحتلال ، وأن الذين يتسابقون للترحيب بالمحتلين إنما يخالفون بذلك جميع المباديء والقيم والاعراف، وأن الغيوم السود المعلنة والخفية تزحف في سماء العراقيين وتغرق حياتهم بالمجهول.
لكن المصالحة تصدرت الواجهات الشعارية دون غيرها.
عندما غادر بريمر في 28 يونيو بغداد في اجواء مدلهمة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية حينذاك، ربط الكثيرون بين ما اسموه بانتقال “السيادة” للعراقيين ومسألة المصالحة التي لم يتحقق شيئ منها في ظل مجلس الحكم، وظهر “سياسيون ” كثر مخاطبين العراقيين ومبشرين ب”حقبة ” وردية جديدة، وحجتهم في ذلك أن السلطة قد انتقلت فعليا وعمليا وجوهريا من الكرسي الأميركي إلى العراقيين، وتم تكريس الخطوات الاولى لتشكيل الأجهزة الأمنية على أساس طائفي ودفع الأجهزة الأمنية على ممارسة العنف ضد العراقيين وارتكاب الانتهاكات بحق كل من يشتبه بتصديه للقوات المحتلة، فوق ذلك تم توجيه جهد هذه القوات لحماية القوات الأميركية على حساب أمن الوطن والمواطن، وانتهت حقبة انتقال السيادة لتكون حصيلتها اعتقال آلاف العراقيين ومطاردة الكثيرين، والشروع في تكريس الفساد المالي والاداري، دون أن يتحقق أي شيء من ” المصالحة ” المزعومة.
في الحقبة الثالثة، وبسبب تدهور اوضاع القوات الأميركية في العراق وحرص الدول الغربية والعربية وإيران على انجاح العملية السياسية، فقد تم العمل على عقد مؤتمر للمصالحة، اطلق عليه مؤتمر ” الوفاق ” وعقد في مقر جامعة الدول العربية ( 19 إلى 21 نوفمبر عام 2005)، وشاركت فيه شخصيات مستقلة وقوى عراقية مناهضة للاحتلال والعملية السياسية، وطرحت هذه القوى شروطها للدخول في العملية السياسية، وكانت خلاصة تلك الشروط، التخلص بالكامل من الغزو والاحتلال وتداعياته وتخليص العراقيين جميعا من شرور ذلك وتبعاته.
لكن ذلك لم يرق للحكوميين والسياسيين والطامعين في العراق وشعبه وثرواته وناسه، فتنصل الحكوميون عما توصل إليه المؤتمر.
وفي يوليوعام 2007 تم عقد اجتماع آخر في جامعة الدول العربية ايضا، ولم يتحقق منه شيئ.
بعد ذلك، لم يسمع العراقيون إلا أحاديث وتصريحات عن ” المصالحة”.

لم نستطع خلق جيش عراقي فعال في عشر سنوات. كيف سنفعل ذلك هذه المرة؟

هذه وجهة نظر الكاتب وهو لا يدين جريمة احتلال العراق لكنه يكشف عن نقطة مهمة وربما دون قصد لماذا تم تدمير العراق وليس الفشل في انقاذه 



لقد شاهدنا بـ رهبة اندلاع "الربيع العربي" في نهاية عام 2010. كانت شجاعة مدهشة من قبل المحتجين عبر العالم العربي في خروجهم على أنظمة سلبت المنطقة من خلال أقوى أسلحتها: وهو الخوف.
الناس لم يعودوا خائفين . أما في العراق اليوم، فاننا نرى عكس هذه الظاهرة في صفوف الجيش العراقي - السلاح ذو التأثير الكبير الذي تستخدمه ما تسمى الدولة الإسلامية ضدهم هو الخوف - من خلال وحشيتها التي لا توصف.
فانه مجرد ذكر أن قوات "الدولة" قادمة على الطريق السريع يكون كافيا لضباط ومراتب الجيش العراقي ليلوذوا بالفرار، كما فعلوا في الموصل في يونيو حزيران. حيث ان الاختطاف الجماعي والمجازر من قبل "الدولة" هي رسالة يحسب لها لدى الجيش العراقي حول المصير الذي ينتظرهم لذا يجب أن يجدوا الجرأة في الصمود والقتال.
ان ذلك الخوف وعدم قدرة القيادة التي يعصف بها الفساد لابقاء امدادات قواتها كافية، هذا كله من غير المحتمل أن يتغير في وقت قريب.
وعليه ماذا يستطيع 3000 "مستشار" أمريكي، ناهيك عن بضع مئات من الاستراليين، القيام به لجعل الجيش العراقي الذي لا يريد القتال، أن يقاتل؟
في ما يبدو للتأكيد على أن القوات الخاصة الاسترالية وصلت أخيرا الى العراق، قال رئيس الوزراء البريطاني توني أبوت: "الدولة" أعلنت الحرب على العالم ... لذلك فمن المهم الرد بقوة، وهو ما تقوم به قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة.... لدينا أولوية في الوقت الراهن هو وصول قواتنا الخاصة الى بغداد ومن ثم الى الميدان في مهمة المشورة والمساعدة التي كانت اعدت لذلك ".
من المضحك أن الحصول على فوز معين على الأرض لم يكن من أولويات حكومة بغداد. حيث تم تأجيل عملية نشر القوات التي تنتظر في الخليج منذ سبتمبر وكان من المفترض ان زيارة وزيرة الخارجية الاسترالية جولي بيشوب في الـ 18 من أكتوبر إلى بغداد قد مهدت الطريق لوصول القوات الاسترالية - ولكن بعد ذلك نقرأ أن بغداد تتباطأ في إصدار التأشيرات لهم.
في حين ان واشنطن تنفق ما يزيد عن 60 مليار دولار سنويا للحرب في العراق، فإنها ستساهم (مكرهة) أيضا بـ 25 مليار دولار لإعادة بناء وإعادة تدريب الجيش العراقي بعد أن قررت أنها ستكون فكرة عظيمة حل الجيش بعد غزوها البلاد عام 2003 . وان ذروة التزام القوات الاسترالية للأمن والتدريب في محافظة المثنى، كان هناك 1400 فرد استرالي على الأرض.
نحن الآن مطلوب منا ان نعتقد بأننا بعد أن فشلنا في تقديم قوة قتالية مع كل هذه الاموال ومع 10 اعوام لاعطائها الزخم، أنه بطريقة ما سوف تكون هذه القوات قادرة على القيام بذلك، مع مساعدة عدد أقل من الاستراليين، في أقل من 10 أشهر ناهيك عن عشر الميزانية الأصلية.
وفي قول أبوت "من المهم الرد بقوة" خطاب يثير تساؤلات أخرى.
وقد نوه أبوت كثيرا الى ان "الحرب ستكون على عاتق العراقيين" و "لا أحد سيقاتل بحق من أجل العراق سوى العراقيين". ان فشله في لفظ كلمة "الجيش العراقي" فتح المجال للتحليل في واشنطن هذه الأيام حول لماذا لا تستجيب الولايات المتحدة بقوة كما يستوجب النزاع في سوريا والعراق.
وخلاصة ذلك هو : ان واشنطن لا تشن غارات جوية على نظام بشار الأسد الديكتاتوري لأنه حليف للنظام الإيراني، والذي يمكنه الحصول على دعم الميليشيات الشيعية التي ترعاها المؤسسة في العراق كقوة أمنية وطنية بديلة لتحويل النار على الاميركيين، لذلك لن يكون من الصواب إبرام اتفاق نووي مع طهران ومن ثم تطويع الايرانيين كحليف أكثر فائدة في تحقيق الاستقرار في المنطقة التي هي في حالة من الفوضى
ربما سيكون من المفيد للاستراليين الذين يتساءلون لماذا يجب علينا خوض هذه الحرب لو كان رئيس الوزراء يعالج هذه القضايا بدلا من الانجرار إلى الخطاب حول ما نعلمه جميعا - هو ان الدولة الاسلامية شيء بغيض.
تقارير مترجمة....
ترجمة : د. أيمن العاني
يقين نت + سدني مورننج هيرالد

الأحد، 16 نوفمبر 2014

محملة حكومة العبادي مسؤوليتها..الهيئة تستنكر الجرائم الوحشية التي يتعرض لها العراقيون




تصريح صحفي

    تتعرض منطقة الكراغول التابعة لناحية يثرب بمحافظة صلاح الدين إلى جرائم وانتهاكات تعسفية تمثلت بالاعتقال والقتل والتهجير وتفجير المنازل وقتل المواشي وسرقتها، حيث أقدمت قوات الجيش الحكومي وميليشيات الحشد الطائفي أول أمس -حسب شهود عيان-على قتل تسعة أشخاص ودفنهم في حفرة واحدة، واعتقال نحو (100) شخص من أبناء المنطقة واقتيادهم إلى جهة مجهولة، ومصيرهم إلى الآن مجهول.
    إن هيئة علماء المسلمين إذ تدين هذه الجرائم الطائفية النكراء التي تأتي في سلسلة من الجرائم المماثلة التي تستهدف قرى ومناطق ومحافظات بعينها بدوافع طائفية مقيته؛ فإنها تحمل حكومة العبادي المسؤولية الكاملة عنها، وتنبه العالم أجمع على بشاعة جرائم الحكومة وميليشياتها واستخفافها بدماء العراقيين، وتدعو الأحرار في العالم إلى التدخل لوقف استباحة الدم العراقي وامتهان كرامته في بلده وسلب أمنه وممتلكاته. 


قسم الثقافة والإعلام
22 محرم/ 1436هـ
15/11/2014م 

علاقات واشنطن وطهران: الديكور والكاريكاتور


صبحي حديدي


«لا يمكن، بأي حال، أن نقبل بصناعة نووية ديكورية وكاريكاتورية»، هكذا صرّح علي شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، تعليقاً على مستجدات ملفّ المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني؛ واستباقاً لجولة العاصمة العُمانية مسقط، التي جمعت وزيرَي خارجية إيران وأمريكا وكاترين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. كان شمخاني يعلّق، أيضاً، على الرسالة التي تلقاها علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، من الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ والتي ظلت سرّية حتى قرر البيت الأبيض تسريبها إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»: هذه ليست المرّة الأولى، قال شمخاني، وقد تولّت إيران الردّ على بعضها في حينه، وبما يناسب.
والحال أنّ منطقة رمادية، وبالتالي غامضة أو مسكوتاً عنها، تظلّ كامنة في تصريحات شمخاني، وعلى محورَين: ما الذي تعتبره طهران ديكورياً، بالضبط، وما الذي تراه نقيضاً للكاريكاتور النووي، في مستوى عدد أجهزة الطرد المركزي مثلاً: 4000، كما تقبل أمريكا وأوروبا؛ أم ذلك العدد اللامحدود، والبعض يلمّح إلى 19.000، الذي يمكن أن تقبل به إيران؟ المحور الثاني يخصّ الديكور والكاريكاتور في الثمن الذي ستقبضه إيران (أو سوف تضطر إلى سداده، سواء بسواء) لقاء التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول موعد 24 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي: على صعيد دور سياسي إقليمي لإيران، هو جوهر رسالة أوباما إلى خامنئي؛ ثمّ، والأهمّ ربما، على صعيد تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، ورفع بعضها نهائياً، في ضوء هيمنة الجمهوريين على مجلسَي الشيوخ والنواب في أمريكا، جرّاء الانتخابات التكميلية الأخيرة.
الأيام القليلة القادمة كفيلة بجلاء الكثير من الغموض في مواقف إيران، سواء تلك الرمادية التي تصدر عن شمخاني (بعد أن صدرت، مراراً وتكراراً، عن سلفه سعيد جليلي)؛ أو الواضحة، القاطعة، التي تصدر عن رجالات خامنئي الموثوقين، خاصة حين تكون التصريحات مسلّحة بمزيج من شبه الفتوى وشبه التكليف الشرعي! وفي انتظار مستجدات أوضح، على جبهة التفاصيل التقنية الصرفة التي يتولاها فنّيون محترفون، وتدور خلف الأستار وفي الكواليس؛ يبقى أنّ الرابح، الواضح، الأوّل هو سلطنة عُمان التي رعت جولة مسقط، ولم تتوقف عن رعاية جولات ترطيب دائمة في العلاقات العربية ـ الإيرانية؛ من منطلقات شتى، مبدئية ثابتة أو نفعية عابرة، لكنها تظلّ براغماتية وبالمعنى الذرائعي الأعرض والأكثر مرونة.
وفي المقابل، وحتى إشعار آخر، رمادي تماماً بدوره، تظلّ المملكة العربية السعودية (التي تركها أوباما في العتمة، فلم يطلعها على مكاتباته مع خامنئي) في موقع المستقبِل السلبي لنتائج جولة مسقط، أسوة بالجولات التالية، واحتمالات التوصل إلى اتفاق بين إيران ومجموعة الخمس (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين). وحين تخسر الرياض في هذا الملفّ، إذْ يصعب أن تكون فيه رابحة بأيّ معنى جيو ـ سياسي ملموس؛ فإنّ الخسارة سوف تتجاوز حدود مصالح الرياض المباشرة القريبة، لتشمل مصالحها الإقليمية الأبعد، على نقيض ما ستفوز به طهران إذا تمّت الصفقة.
ثمة، أيضاً، انتظار من طراز آخر يخصّ نفخ الحياة في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية، على مستوى تجاري بادىء ذي بدء؛ على غرار مباحثات، نصفها سرّي ونصفها علني ومعظمها مسرّب مفتضَح، تشهدها باكو، عاصمة أذربيجان، حول افتتاح مكتب تجاري أمريكي في طهران، سوف يكون صيغة التواصل الدبلوماسي الأولى منذ اقتحام السفارة الأمريكية، سنة 1979. وحين يتصل الأمر بالاستثمار والتجارة، فإنّ الديكور لا قيمة له إلا من حيث المظهر والزخرف؛ ومثله الكاريكاتور، الذي يسخر قليلاً من جشع المال وطمع الأعمال، ثمّ ينطوي ويذهب أدراج الرياح!


الاثنين، 10 نوفمبر 2014

ديفيد فيشر متسائلاً: الحروب العادلة وغير العادلة


  
قصي الحسين

التنويه بكتاب «الأخلاقيات والحرب» لديفيد فيشر (ت: فبراير 2014) إنما يرجع لأسباب أكاديمية وجيهة تأخذ بعين الاعتبار أولاً: اختصاص المؤلف في مجال دراسات الحرب من كينغ كوليج بلندن وتدريسه فيها، وكون هذا الكتاب قد حصل على جائزة دراسات الحروب في العام 2013، أي قبل عام واحد على وفاة مؤلفه. وتالياً: إن المؤلف كان قد تقلب في مناصب رفيعة بوزارتي الدفاع والخارجية البريطانيتين، وعمل مستشاراً في رئاسة الوزراء مستشار دفاع للمملكة المتحدة بحلف شمال الأطلسي (ناتو) وكذلك مستشاراً عسكرياً في الحلف نفسه. وقد كانت له فعالية في رئاسة «مجلس المقاربات المسيحية للدفاع ونزع السلاح، وفي تقديم بحوث دورية تتصل بقضايا الدفاع والأخلاقيات. وأما المترجم عماد عواد، فقد اشتهر بأطروحته: «التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي» من جامعة باريس 2 بالإضافة إلى كتبه المختصة الأخرى وبلغات عديدة. ومنها: «أي عملية سلام في الشرق الأوسط»: دراسة في المغترب الإسرائيلي (باللغة الفرنسية 1988) والخطوط الحمراء: مفهوم السلام الإسرائيلي (معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة 2000) والشرق الأوسط وتحديات النظام الدولي الجديد (معهد البحوث والدراسات العربية- القاهرة 2000)، والشرق الأوسط السلام الموعود: من جنيف إلى أنابوليس (دار النهضة العربية القاهرة 2008). بالإضافة إلى عمله بوزارة الخارجية المصرية وبمنظمة الوحدة الإفريقية ومركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، وانتدابه لتدريس العلوم السياسية في جامعة القاهرة وجامعة المستقبل والجامعة البريطانية بمصر.

وإشكالية البحث لدى ديفيد فيشر: هل يمكن أن تكون الحرب عادلة في القرن الحادي والعشرين؟ وهو الّذي يرى الحاجة في وقت الحرب كما هو في وقت السلام، ليس فقط إلى اتباع القواعد، ولكن أيضاً إلى دمج الالتزامات الأخلاقية لتصبح جزءاً من الذات. وبرأيه أن الأصوليين منذ القرن السابع عشر وجدوا بيئة سياسية خصبة، بمجرد تخلي زعماء الدول عن الالتزامات السابقة نحو التقاليد والأعراف العلمانية، وسعوا إلى تشجيع رؤية رجعية للدين والأمة لمصلحة أغراضهم الشخصية (ص 29). فالحرب عنده بلا أخلاق، استناداً لمقولة تيودور درابر في نقاشه حول الأسلحة النووية: «إذا كان من اللازم عض ألسنتنا قبل النطق بكلمة واحدة في هذه المناقشة، فإن تلك الكلمة هي الأخلاق». ذلك أن الواقعية السياسية، إنما تسعى إلى استبعاد الأخلاقيات من بعض مجالات النشاط الإنساني ومن جميع مجالات العلاقات الدولية بما في ذلك الحرب وطريق إدارتها أيضاً.

يرى الباحث أن انتشار عملية التشكيك في الأخلاقيات كان له أثره العميق في التعليم الأخلاقي، حيث قوضت الثقة في قدرة الإنسان: المعلم والمتعلم على الإجابة عن السؤال: لماذا يجب علي الالتزام بالأخلاقيات؟ (ص 55). وهذا التوجه يستند حتماً إلى نظرة سلبية حول حدود الأخلاقيات في المجتمع الغربي في القرنين العشرين والواحد والعشرين. 

وفي مقابلته بين الفضائل والعواقب (ص 77) يرى ديفيد فيشر أن سقراط حين طرح السؤال الخاص: «كيف يجب على الإنسان أن يعيش حياته»، لم يكن يحرض على الالتزام الأخلاقي، بل على تقديم إرشادات حول ما يلزم عمله من أجل الوصول إلى السعادة والعيش حياة مكتملة وازدهار الكائن البشري. ويضيف الباحث قائلاً: «مع قيامنا بتغيير نموذجنا للطبيعة البشريَّة يمكننا أن نرى بشكل أكثر وضوحاً، كيف من الممكن أن يكون الإنسان عادلاً. ويرى أيضاً أن الهوة بين أخلاقيات الفضيلة وأخلاقيات الواجب من جانب، والعواقبية من جانب آخر، ليست غير قابلة للجسر، لأن الأخلاقيات هي نشاط متعدد الأبعاد، ومن ضمنها أخلاقيات الحرب، في مجموعة التعاليم المعروفة بتقاليد الحرب العادلة (ص 104).

إن تقليد الحرب العادلة لدى الباحث، كان له أصل مسيحي، خصوصاً عند القديس أوغسطين، وعند توما الأكويني. إلا أنه جرى تطويره كما يقول، بشكل يتعارض مع نظريات الحرب الّتي شنت باسم الدين فيما بعد. وعلى هذا الأساس انتقد فيتوريا بشكل صارخ سلوك الفاتحين المسيحيين في الحروب الّتي خاضوها حديثاً ضد الإنكا والازتيك في جنوب ووسط أميركا، واعتبروها حروب استيلاء، وأدانها بقسوة باعتبارها غير عادلة (ص 107).

ويتحدث الباحث عن حصانة غير المقاتلين مستنداً إلى قول «كريستين دي بيسان»: «إن الجند والشجعان المهذبين يلتزمون قدر الإمكان بالامتناع عن الإضرار بعامة الشعب البسطاء» (ص 124). ومستنداً أيضاً إلى ما يراه توما الأكويني وقبله أرسطو باعتبار أن الفضائل مكون رئيسي لتعاليم الحرب العادلة. إذ التدريب والتعليم الجيد على الفضائل يمثلان عنصرين أساسيين للتصرف السليم في الحرب، حيث التحدي الضخم للمغريات الّتي تقود للخطأ (ص 134).

ويتساءل الباحث: هل حصانة غير المقاتلين مطلقة؟ فيقول إن المعتقدات والمشاعر الّتي نكنها للآخرين تشكل جزءاً مهماً من طريقة رؤيتنا لهم، ومن ردود أفعالنا تجاههم ككائنات بشرية ومن حكمنا على مدى أخلاقية أعمالهم. غير أنه يذكر بمذبحة حرب البلوبونيز (القرن الخامس ق.م) في حق البالغين من الذكور في ميلوس واستعباد جميع النساء والأطفال في تلك الجزيرة التعيسة وبمذبحة ليننغراد (1941 1943) حيث قضى مليون مدني جراء القصف والجوع والمرض.

وفي الحرب على غزة و«الرصاص المصبوب« (2008- 2009) يقول الباحث: ادعى الاسرائيليون أنهم لم يتعمدوا قتل المدنيين، غير أن العمليات العسكرية نفذت بقسوة وكثافة بالغة في منطقة ذات كثافة سكانية (مليون ونصف في 139 ميلاً مربعاً) واستخدام قنابل الفسفور الأبيض والانذارات بإخلاء المناطق دون تأمين مناطق آمنة. ولهذا ورد في تقرير «غولدستون» أن القوات الإسرائيلية «فشلت في اتخاذ إجراءات حيطة ملموسة في اختيار طرق وأساليب الهجوم لتجنب أو تقليل الخسائر في أرواح المدنيين أو في عدد الجرحى بصفوفهم وإيقاع الخسائر في ممتلكاتهم» (ص 125).

وفي حديثه عن الفضائل يستشهد الباحث بقول بروسبيرو: «عندما أضع تفكيري النبيل في مواجهة غضبي الشديد، هل أشارك؟ إن العمل الفذ يوجد في الفضيلة وليس في الانتقام. ويتساءل بعد ذلك فيقول: «كيف يمكن للرجل الحصيف أن يحدد ما من شأنه أن يحقق السعادة ويمنع الألم» ويقول إن الجنود الأميركيين أظهروا في اساءتهم معاملة المحتجزين في البصرة افتقاراً إلى الفضائل، بما في ذلك التحكم في الذات واحترام الآخرين الّتي تتطلبها العدالة» (ص 193).

ويتحدث الباحث عن «العواقبية الفاضلة»، فيقول: «ليس هناك مجال آخر تكون فيه الحاجة ملحة للطلب من السياسيين والمسؤولين أن يكونوا ملتزمين أخلاقياً كما هي الحال في مجال الحرب» (ص 201). وهو في ذلك يرد على الفلسفة الانجلو- ساكسونية الّتي سادت في القرن العشرين والتي تعتبر أن الأخلاقيات تمثل نشاطاً غير عقلاني، لا تقيده الحقائق وأنها مجرد تعبير عن المشاعر أو العواطف. وهو الّذي يرى الأخلاقيات إنما توفر الضابط الخارجي الضروري على الحرب الجيدة، الّتي يجري خوضها بعدالة وفق ضوابط أخلاقية.

وبالنسبة لرؤيته للحرب الاستباقية يقول الباحث: إذا كان تقليد الحرب العادلة يقر بالحق في العمل الاستباقي، فإن الشروط الواجب توافرها للقيام بذلك تتسم بالصراحة ويصعب تحقيقها عملياً (ص 245). إذ من المهم عندما تقوم ديموقراطية ليبرالية بالدفاع عن نفسها ضد تهديد إرهابي أو غيره، ألا تفعل ذلك بطريقة تعرض القيم الّتي تدافع عنها للمخاطر ومنها تقليد الحرب العادلة. (ص 280). وفي حروب الخليج يقول إن من وجهة نظر الولايات المتحدة الأميركية كان تبرير العمل العسكري ضد العراق ليس فقط لفرض قرارات بالنيابة عن الأمم المتحدة، ولكن أيضاً استناداً إلى عقيدة الاستراتيجية الجديدة القائمة على العمل الاستباقي. وبرأيه أن غزو العراق لم يكن عملاً عادلاً. وأن الولايات المتحدة لم تلتزم التكفير عن ذلك بإعادة السلام وبنقل منظم للمسؤولية إلى حكومة عراقية منتخبة ديموقراطياً (ص 320).

وفي الحديث عن «التدخل الإنساني»، يرى الباحث أن هناك حاجة لتقوية آليات التنفيذ في المجال الدولي من خلال العمل النشط للمؤسسات: من قبيل المحكمة الجنائية الدولية. فالامتناع عن دعم المطالب الدولية المتصلة بالأخلاقيات، يسهل وقوع إبادة جماعية على النحو الّذي عرفته راوندا سنة 1994. ولهذا نرى الباحث يؤكد على ضرورة انقاذ ملايين الأشخاص من الذبح في غزة وسوريا والعراق والسودان وليبيا وذلك من خلال التدخل الانساني (ص 350). وهو بالتالي يؤكد على ضرورة أن تجعل الدول الحرب عادلة. إذ إن تقليد الحرب العادلة إنما يعلمنا أن الحرب تكون عادلة فقط إذا ما استندت إلى سلطة عادلة وقضية عادلة. وإذا ما اعتبر أن الذهاب إلى الحرب باعتبارها ملاذاً أخير لتحقيق العدالة إنما هو الذهاب إلى العدالة نفسها، بشروط تحقيق الأخلاقيات الفردية نفسها، وليس بانتهاكها، إن في غزة أو في سوريا أو في ليبيا ومالي.

[ديفيد فيشر: الأخلاقيات والحرب.

[ترجمة د. عماد عواد.

[المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت

[2014 (430 ص تقريباً)

الأحد، 9 نوفمبر 2014

البلدان العربية مصابة بمرض فقدان المناعة الاجتماعية لغياب الديمقراطية

النشر لا يعني اننا نتفق مع ما طرحة الاستاذ الفاضل لكنه يعبر عن وعي كبير بالمشكلة ..





البلدان العربية مصابة بمرض فقدان المناعة الاجتماعية لغياب الديمقراطية
عزالدين عناية في حوار مع عبدالسلام سكية الصحفي في جريدة الشروق الجزائرية

-      كيف تنظر إلى تسابق الكثير من شباب الدول الغربية إلى الإلتحاق بصفوف الدولة الإسلامية , هل تعتقد أنّ التنشئة الإسلامية في العالم الغربي تميل إلى التشدد ورفض ما في العالم الغربي؟
ثمة حملة قذرة يتعرض لها المسلم في الغرب، سواء منه المهتدي إلى دين الإسلام أو الوليد في تلك الربوع ويعود إلى أرومة إسلامية، ولا أستبعد دوائر كنسية ويمينية وراء ذلك التشويه المتعمد بقصد محاصرته وصده، باعتباره مريضا نفسيا يتحول إلى دين عنيف وهمجي، أو باعتباره رافضا للاندماج. الإسلام يخطو خطى مهمة في الغرب، ولا سيما في أوساط الطلاب والمثقفين، حتى ليمكن الحديث عن ظاهرة اهتداء للإسلام لا تخلو منها أي دولة أوروبية، تم ابتكار أساليب مستجدة للوقوف أمامها.
ومن هذا الباب أرى أنه ليس هناك تسابق على الالتحاق بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وإنما هذه حالات فردية مضخَّمة ومهوَّلة بفعل الآلة الدعائية الجبارة التي يساهم فيها الإعلام العربي التبيع، وبدون قصد ووعي. العملية تستهدف البلاد العربية، والعرب لا حول لهم ولا قوة، لا على مستوى إعلامي، ولا على مستوى معرفي، ولا على مستوى سياسي. وتنظيم الدولة الإسلامية هو تنظيم يقوم أساسا على المتوافدين من دول عربية، بعد أن فشلت الثورة السورية المصطنعة، لأنها ليست ثورة طبيعية، وكذلك بعد أن بلغت الحالة في العراق مستوى من التعفن السياسي مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى درجة لا يطاق، وأما الأجانب في تنظيم الدولة الإسلامية فهم قلة قليلة، تُوظَّف للدعاية لا غير.
ولا ريب ان الملتحقين بتنظيم الدولة الإسلامية هم ضحية أمرين أساسيين: وَهْمُ نصرة الإسلام، وهو ناتج عن محدودية المعرفة، وقصر النظر، وتدني الإلمام بالواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط؛ ومن جانب آخر هو نتاج لفشل المجتمع الدولي، أو بالأحرى إهمال المجتمع الدولي، للإنسان السوري وتركه يواجه قدره، الذي لن يخرج من ورطته إلا بالتعويل على ذاته وبناء المصالحة الداخلية بأقل التكاليف وبأسرع وقت ممكن. وبالتالي يبقى سؤال لاهب وعاجل وهو، كيف نخرج من هذه الأهوال التي تضرب البلاد العربية؟ الجواب وهو من حق الشعوب العربية أن تذهب إلى الديمقراطية وأن تطالب بها، ولكن بدون عنف وبدون رفع السلاح، وبالمثل من واجب الدول أن تنتهي فورا عن ممارسة العنف ضد شعوبها حين تكون مطالبها مشروعة. من جانب آخر لا بد أن نعيد النظر في سياساتنا التعليمية والتربوية الفاشلة بكل جدّ وحزم، وهذا يكون على مستوى بعيد.
- هل تعتقد أنّ مسألة الالتحاق بصفوف الدولة الإسلامية "نفسية" أكثر منها مسألة قناعة طبيعة الظروف التي تربوا عليها من بلدانهم التي تظلم المسلمين وتتدخل في شؤونهم ما حفّزهم إلى ركوب أي موجة للثأر؟
لا ريب أن كل مجتمع يعاني من مشاكل ذات طابع نفسي واجتماعي، ولكن أعتقد أن المشاكل النفسية والاجتماعية في العالم العربي هي أقوى وأشد مما في غيره، ففيه الإنسان متروك في العراء التام. الإنسان في الغرب أقرب إلى الشخصية السوية مما نجده في البلاد العربية، المشكلة أن الإنسان العربي يتصور نفسه في جنات علّيين، والحال أنه يعاني انهيارا بنيويا على جميع الأصعدة. فهناك مغالطات يعيشها العقل العربي الفاشل، تتصور أن الغرب يعاني من مشاكل نفسية أسرية، ومن تمزقات عائلية، ومن اضطرابات نفسية، ومن انحلال خلقي، وغيرها من التصورات المسقَطة واللاواقعية.
- كثيرا ما كانت مسألة الإسلاموفوبيا مشكلا خطيرا في العالم الغربي تعرضت دونه الأقليات المسلمة إلى أبشع أنواع الإهانات التي وصلت إلى الاعتداء الجسدي، هل ساهمت هذه في إنماء نزعة "التطرف" و "الحقد" على الغرب وفضحت حقيقة دعاويه بالحفاظ على حقوق الإنسان.
تميّز الباحثة الإيطالية مونيكا ماسّاري في مؤلفها "الإسلاموفوبيا. الخوف من الإسلام" ثلاثة أطراف مروِّجة للإسلاموفوبيا، وهي: اليمين المتطرف؛ وبعض الأطراف الكنسية؛ وطائفة من المثقفين. ويعود خوف اليمين المتطرف من الإسلام وفق عالم الاجتماع الفرنسي ألان توران إلى أن "الآخر، والعربي بالخصوص، يتم رفضه لأنه يمثل صورة منيعة، رسوخا ثقافيا تتعذّر مجابهته". ونزعم أن هناك إصرارا ضمنيا في الأوساط اليمينية على النقاء العرقي والديني في زمن شهدت فيه المجتمعات تحولات عميقة.
وجراء العداء السافر مثلا لرابطة الشمال في إيطاليا نحو الإسلام، عبّر بعض الناشطين في منطقة لودي (Lodi) في السادس من أكتوبر 2000 عن معارضتهم إنشاء فضاء لأداء الشعائر الإسلامية بصبِّ كميات من الفضلات البشرية (بول وغائط) وروث للخنازير في المكان المزمع إقامة المسجد عليه بقصد تدنيسه.
وأما الطرف الثاني المشارك في صناعة الإسلاموفوبيا، فهو شق تابع للكنيسة الكاثوليكية. فقد بدأت هواجس الكنيسة تجاه المهاجرين المسلمين منذ مطلع التسعينيات. إذ مثّل المهاجر المسلم عنصر قلق دائم للكنيسة. وفي السياق ذاته جاءت تصريحات أسقف كومو المونسنيور أليساندرو ماجوليني سنة 1998 منددة بالغزو التدريجي للبلد؛ وأيضا تصريحات رئيس أساقفة بولونيا الكردينال جاكومو بيفي، الذي عدّ الإسلام، خلال العام 2000، خصما للمسيحية، داعيا إلى إعطاء الأولوية للمهاجرين المسيحيين وغير المسلمين، باعتبار المسلمين غرباء عن "إنسانيتنا".
ودائما في نطاق التخوف من المسلمين، أصدرت رئاسة المؤتمر الأسقفي الإيطالي سنة 2005 وثيقة، أعربت فيها عن عميق انشغالها بقضية الزواج المختلط بين الكاثوليكيات والمسلمين. ناهيك عن العودة بشكل متكرر للتوصية بعدم إتاحة الفرصة للمسلمين لاستعمال فضاءات راعوية بقصد أداء الشعائر أو القيام بأنشطة.
نأتي إلى الشق الثالث في صناعة الإسلاموفوبيا، المتمثل في طائفة من المثقفين والإعلاميين يتربعون على المشهد الإعلامي. كان الباحث الفرنسي فينسن جيسي (Vincent Geisser) من أوائل الذين نبهوا للأمر حينما نشر بحثه "الإسلاموفوبيا الجديدة" سنة 2003. هذا الاتهام للمثقفين يتكرر ثانية في المؤلف المشترك لعبداللالي حجات ومروان محمد اللذين تناولا كيفية صنع النخبة الفرنسية مشكلة الإسلام. ذلك أن "صناعة الخوف من الإسلام" قد سادت في العديد من الأوساط الإعلامية الأوروبية حتى تسببت في تلويث المخيال الغربي. ففي مؤلف يرصد التأثير القوي للتلفزيون تناول "قناة الراي" الإيطالية، يورد إحالة مفردات على غرار "الإسلام" و "الله" إلى دلالات مثل "الأصولية" و"الإرهاب" و"الحجاب".
- كيف تقيّم العلاقات بين الاثنيات والطوائف والملل في العالم الغربي وهل يمكن القول بأنّ غياب ثقافة الحوار بين الثقافات ساهمت في بروز عناصر "متطرفة" من هؤلاء سواء المسلمين أو المسيحيين أو اليهود وغيرهم؟
في الحقيقة لم يتسنّ للأديان الإبراهيمية، حتى عصرنا الراهن، رسم خطّة مشتركة في التعايش والاحتضان بين بعضها البعض. تتواضع بمقتضاها على حضور أتباع الدين الآخر بين ظهرانيها، دون أن يلحقهم أذى أو ترهقهم ذلّة. وإن كانت حصلت معالجات منفردة لهذه المسألة، اختلفت تفاصيلها من دين إلى آخر، دون بلوغ أسس جامعة. فمن الأديان الثلاثة من يملك تشريعات في الشأن، غير أنها تقادمت، أو هُجرت، أو داهمتها التبدلات الاجتماعية الهائلة، دون أن يتعهدها أهلها بالتهذيب والتنقيح، على غرار مؤسسة أهل الذمة، أو مفهوم أهل الكتاب في الإسلام؛ ومن تلك الأديان من لا يزال في طور تخليق منظومة لاستيعاب الآخر، لم يحصل بشأنها إجماع داخل المواقع النافذة في المؤسسة الدينية، على غرار "لاهوت الأديان" في المسيحية.
ذلك أن مفهوم الأديان الإبراهيمية حمّال ذو وجوه، كلّ له دلالته وكلّ له تأويله؛ وما نشهده من إيلاف في الراهن داخل المجتمعات، يأتي بفعل الإطار التشريعي للدولة المدنية الحديثة لا بموجب تحريض تلك الأديان. رغم ما يلوح جليا من قواسم مشتركة، ومن تقارب عقائدي بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وبالتالي يبقى التحدي يواجه الجميع، وهو كيف تعيش تلك الأديان شراكة الأوطان؟ وكيف تغدو حاضنة لبعضها البعض ولا تكون طاردة؟ إذْ ما برحت اليهودية والمسيحية والإسلام دون مفهوم "أهل الكتاب" الضامن للعيش المشترك، ودون مفهوم "الأديان الإبراهيمية" الجامع للتنوع المفترق، وينطبق عليها مفهوم "الأديان الثلاثة" المتجاورة والمتباعدة في الآن نفسه.
فالأديان الثلاثة تبدو مقبلة على مواسم تفوق قدراتها الهرمنوطيقية التقليدية، يفرضهما التعايش والتداخل بين المؤمنين، ما عادت المدونات الفقهية واللاهوتية الكلاسيكية كفيلة بحلها. كما أن هناك قضايا تواجه تلك الأديان تتخطى إمكانيات دين بعينه، وتتطلب تضافر الجهود، مثلإشكاليات البيئة والمناخ والفاقة والأمية، وغيرها من المشاكل العويصة. فالعالم اليوم يتغير من تحت أقدام الأديان الثلاثة -إن صح التعبير- بوتيرة متسارعة، غالبا ما توفّق التشريعات المدنية في التأقلم معها، وتتعثر الديانات الإبراهيمية عن مواكبتها، في وقت يُفترض فيه أن تكون الأقدر والأجدر لما بينها من رؤى أنطولوجية جامعة.
كان علماء الاجتماع الديني الأمريكان، أمثال رودناي ستارك ولورانس إياناكوني وروبار توليسون، من أوائل الذين نبهوا إلى أن الفضاء الديني الغربي، أو كما يطلقون عليه "السوق الدينية"، محكوم بالاحتكار من طرف متعهّد قوي يمسك بمقدرات الفضاء، يضيّق على غيره التواجد، ويحدد مقاييس الحضور وفق مراده. ومن المفارقات الكبرى في عصرنا، أن الدين المستضعَف المهاجر، بات يستجير بالعلمانية وبالدولة المدنية طلبا للمقام الآمن، ولا يجد ذلك المأمن وتلك النُّصرة عند رفيقه في رحلة الإيمان، وهو حال الإسلام الأوروبي. فهو ليس في استضافة الكاثوليكية "التقليدية" ولا البروتستانتية "التقدمية"، ولكن هو في كنف العلمانية. فقد وفقت المجتمعات الحديثة في ما خابت فيه الأديان الثلاثة، من حيث إتاحة فرص الحضور للآخر. في وقت يُفترض فيه أن يكون المؤمن "الإبراهيمي"، بين أهله وملّته، حين يكون في الحاضنة الحضارية لدين من الأديان الثلاثة، لكنه في الحقيقة لا يجد تلك السكينة، وغالبا ما يلقى حرجا، ويأخذ صورة الخصم والمنازع والمهدّد القادم من وراء البحار، ولذلك أمام دعاة الحوار اليهودي المسيحي الإسلامي، ثمة ضرورة ملحة لطرح سؤال: هل هناك فعلا أمة إبراهيمية أو تراث إبراهيمي جامع؟
- البعض يرجع مسألة التحاق الغربيين بصفوف الدولة الإسلامية إلى طبيعة النشأة التي تربوا عليها والتي تأله القوة وتعبدها سواء وافقت الحق أو خالفته فكان لظهور تنظيم يحمل هويتهم ويجابه بالقوة أعداءهم الدعاية القوية في تجنيدهم؟
إن من يعاني الانهيار الخطير حسب تصوري هو الإنسان العربي، الذي تراكمت عليه تعفنات اجتماعية وسياسية مزمنة. ليس هناك وجه للمقارنة بين الطفل الغربي والطفل العربي، من حيث الحالة السوية التي ينعم بها هذا وذاك، ليس هناك وجه مقارنة بين ظروف الطالب العربي والطالب الغربي فالبون شاسع. أنا ابن البلاد العربية ودرست في تونس ودرست في الغرب وأعرف دقائق الأمور عن الفضاءين. لا بد أن نصحح رؤانا وننظر إلى الأمور بصدق لأن الحق أحق أن يُتّبع.

فالحديث عن أزمة نفسية اجتماعية في الغرب لتبرير، أو لتفسير التحاق أنفار غربيين بتنظيم الدولة الإسلامية هو حديث مغلوط من أساسه وهروب من الجواب الصحيح. ففي الراهن الحالي هناك بلدان عربية عدة مصابة بمرض فقدان المناعة الاجتماعية، وغير قادرة على حماية حدودها وشعوبها، ولا هي أيضا قادرة على تأمين العيش الكريم لمواطنيها، مما حولها إلى مسرح لصراعات خارجية. ثمة فشل لمؤسسات البلاد العربية التعليمية والدينية والتربوية، ولّدت ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق. وليست سائر المناطق الأخرى في مأمن من بروز هذه الظاهرة. فالواقع العربي الحالي هو منتج بالقوة وبالفعل لهذه الانحرافات الاجتماعية في ظل الاضطراب الكبير لبنية الاجتماع العربي.

الأحد، 11 مايو 2014

المنقبة.. الجسد الأنثوي مقموعاً



ريتا فرج 

كتب كثيرون عن المرأة في الإسلام ويُعد موضوع الحجاب والنقاب من أبرز الموضوعات التي تمّ التطرق إليها، وقد تفاوتت القراءات في أهميتها، بعضها اتخذ طابعاً تكرارياً يصب في خانة الخلاصات الفقهية، والبعض الآخر قدم رؤى جديدة تختلف إلى حد ما عن المنظور التقليدي.
لم يشهد العالم العربي هذا الحضـور الكثيف للمنقبات كما حدث في العقدين الأخيرين، وبصرف النظر عن العوامل الدافعة حول انتشار هذه الظاهرة التـي لا تمـت للإسـلام بصلة تبقى من الظواهر الطارئة على التاريخ الإسلامي وتستحق المزيد من الدرس والتحليل.
ينتشر النقاب بشكل ملحوظ في الدول العربية والإسلامية، ولا يختلف الفقهاء على وجوب تغطية المرأة لرأسها وكامل جسدها، لكن الاختلاف الفقهي طاول الوجه والكفين، قسم يدرجهما في نطاق العورة ما يتطلب الستر، وقسم آخر لا يقول بذلك.

حول فكرة الدولة




ناظم مهنا

بداية، ما سأعرضه هنا عن الدولة، هو مجرد أفكار انتقائية عامة، وليس فذلكة في البعد القانوني والسياسي، وهو للتذكير ولملامسة علاقتنا بالدولة وحاجتنا الوجودية لها كأفراد وجماعات.  
يرى جوزيف شتراير أن الإنسان قد يستطيع أن يعيش من دون عائلة، ومن دون مسكن ثابت، ومن دون انتماء ديني، لكنه من دون دولة ليس شيئاً، وليس له أي حقوق وأي أمن، صحيح لم تكن الدولة موجودة دائماً، إلا أن شكلاً من أشكال الدولة المركزية قد عرفته منطقتنا قبل أماكن أخرى من العالم، ثم ما لبثت الدولة القديمة أن اندحرت بفعل عوامل عديدة، منها ماهو ذاتي ومنها ما هو موضوعي، وفي العصور الحديثة تطور مفهوم الدولة وتكونت كضرورة اجتماعية، وتعمقت فلسفتها، وبات عند الناس في كل أنحاء العالم قناعة بأن الأقوام الأكثر تخلفاً والأكثر بدائية تستطيع وحدها الاستغناء عن الدولة. وبما أن الدولة ترتكز على مؤسسات دائمة، فلا بد أن تقوم هذه المؤسسات على أرض ثابتة، وحسب شتراير أيضاً: «من الصعب إقامة مثل هذه المؤسسات إذا كانت الأرض التي تقوم عليها تتغير باستمرار، وإذا كان تلاحم الجماعة، التي تتكون منها الدولة، يتغير تبعاً لفصول السنة». إذاً لابد من الديمومة في المكان والزمان، وبعد ذلك لا بد من توافر المكانة، وسلطة اتخاذ القرار الذي يجب أن ينفذ، ولا بد من الولاء والرضا من الانتماء لهذه المؤسسة التي توحدني مع الآخرين، كما أن النزعة القومية تعزز هذا الولاء. وعليَّ أن أعطي الأولوية لمصلحة الدولة ولو تعاكس هذا مع مصالحي الخاصة، ويرى أحدهم في الولاء للدولة نزعة إنسانية، والدولة عليها أن تضمن لمواطنيها السلام والأمن والرفاه، إذا أمكن.
يعرّف أحدهم الدولة بأنها جماعة تبنيها وتديرها القوانين، وأن الفكرة الرئيسة في السياسة هي أن طبيعة الدولة تحددها قوانينها الأساسية ودستورها، فيعيش الناس في ظل ملكية أو جمهورية أو استبدادية. ويذهب برنار غروتويزن إلى أن إنشاء الدولة يعد فناً «إنه الفن الاجتماعي» وموهبة البناء، وإعطاء جماعة ما دستوراً متجانساً، ويكتب السياسي الفرنسي في عصر الثورة الفرنسية «ستيس» بافتتان عن هذا الطابع الفني للتكوين الاجتماعي، وكيف أن جمهوراً من ملايين البشر يجتمعون وينتظمون وفق قوانين، ويؤلفون بعلاقاتهم كلاً يخضع لقوانين البناء الاجتماعي العقلي الذي هو الدولة.
وبالفعل إنها صورة مشرقة للعقل الاجتماعي، ومن البدهي أن للفرد حقوقاً أساسية يجب أن تراعى، والفرد طرف محوري من أطراف الحق وهو شريك في تكوين الدولة، وللمجتمع حق اتخاذ القرارات بشأن الفرد، بموجب عقد اجتماعي يتم فيه نقل جميع حقوق الفرد إلى المجتمع، وتعمل الدولة على تطبيقه وحمايته، ومنذ أن ينضم الفرد إلى مجتمع ما، تبدأ بالنسبة له حياة جديدة، فينتهي انطواؤه على نفسه، ويغدو بكليته ملكاً للمجتمع، وحياته جزءاً من حياة الجماعة. في كنف الدولة التي نبضها القانون، يشعر الفكر بعلو منزلته، وتزدهر الفنون والعلوم. وحقيقة الأمر أن الدولة بناء عقلاني، وكيان واقعي وعميق. ويرى فيلسوف الدولة هيجل أن الدولة واجبة التحقق، والحياة السياسية هي حياة الدولة، وأن الفرد يبلغ كماله في الدولة. التفكير الفوضوي والغوغائي، مهما تقنّع بقناع العمق، ودعوات الحرية الفردية المطلقة، هو فكر سلبي، وأحياناً تخريبي، لا يحترم القانون الذي يُجمع الناس عليه، ويسفّه المؤسسات! هذا النوع من التفكير البدائي لا يمت إلى المدنية بصلة، ومن حق المجتمع أن يعزله، ويحد من مخاطره. وأرى اليوم، فيما يخصنا كعرب، أن من واجب كل واحد منا، أن يفكر بروية في معنى الدولة، ويتأمل بعمق بمعنى فكرتها، وبما يجب أن يكون عليه حالها.

محور الممانعة إذ يراهن على إدارة أوباما



عمر قدور

لا ندري إن كانت المصادفة فقط هي وراء نشر وكالة أنباء فارس لتصريحات الجنرال حسين همداني، بالتزامن مع أول زيارة من نوعها لوفد المعارضة السورية إلى واشنطن، والتي كان من أول نتائجها رفع تمثيل مكاتب المعارضة في الولايات المتحدة إلى مصاف البعثات الدبلوماسية. التصريحات، التي حذفتها وكالة فارس بعد النشر، تهدد بوجود 130 ألف مقاتل إيراني من الباسيج جاهزين للذهاب والقتال في سوريا وذلك بعد أن يعلن الجنرال همداني صراحةً أن الأسد يقاتل نيابة عن إيران، ويكشف عن تشكيل حزب الله2 في سوريا، وعن إنشاء مراكز لدعم النظام السوري في جميع المحافظات الإيرانية. ليس مستغرباً أن يقول الجنرال همداني في النهاية أن 64 في المئة من الناخبين السوريين سيصوتون في الإنتخابات الرئاسية لبشار الأسد، وكأنه يحدد مسبقاً النسبة التي ينبغي على النظام إعلانها بعد انقضاء المهزلة الانتخابية.
متابعة الموضوع 

السبت، 26 أبريل 2014

الثورة وليس الانتخابات طريق استعادة العراق




الكفاح وليس الانتخابات هو الطريق لتحرير العراق من كل آثار الاحتلال الامريكي والنفوذ الايراني.
ومنذ الاحتلال عام 2003  تصرف السنة كعراقيين، وبدأت المقاومة للاحتلال في صفوفهم وبقت, كذلك حتى الانسحاب الشكلي للقوات، فيما ظهر الشيعة قصدا وبدون قصد، وعيا وبدون وعي أنهم شيعة وليس عراقيين، لذا تعاونوا مع جنود الاحتلال وشنوا حربهم على المقاومة العراقية، وكانوا جنود حربا طائفية.
لم يكن ذلك اجتهادا، بل موقفا عقائديا روج له رجال دين شيعة في معظمهم أصولهم إيرانية.
ولم يشارك الأكراد في جهود المقاومة ولا تحرير العراق.
لذا تم وضع قوانين وعملية سياسية عن طريق قوات الاحتلال الأمريكي، بما يعزز كون العراق تحت حكم الشيعة لأنهم الأضمن لتحقيق شطب دور العراق عربيا ودوليا، ولأن المشروع الأمريكي يعتمد على توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة.
هكذا يجب فهم مسألة الأنتخابات العراقية، وليس عبر تحديد صفات لمن يجب أن ننتخبه كما يقول بعض من أدلى بتصريحات وملاحظات في هذا المجال. 
الحال أن العملية السياسية الحالية لن تقود إلا لنفس الوجوه، أو الأفكار عند اجراء أي أنتخابات.
و الشارع العراقي الشيعي غارق في الطائفية، ونسبة الجهل عالية داخل صفوفه مما سمح لرجال دين للمنادة بأن العراق دولة شيعية يجب القتال من أجلها وتصفية السنة وكل من يعادي الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني.لذا لا يمكن التعويل على دوره في ثورة خلاص العراق.
فيما يقول بعض السنة أن المشاركة تسمح للسنة المحافظة على دورهم.وهذا رأي مخادع إذ لا مجال تصحيح عملية سياسية الخونة والقتلة واللصوص قادتها.
ومن المنادين بالانتخابات داخل صفوف السنة هم الصحوات، وهم فئة قاتلت إلى جانب الاحتلال الأمريكي ومع نوري مالكي ضد الشعب. وهذه الفئة مكونة أساسا من اللصوص والساقطين أخلاقيا.
و بوضوح إن كل من يشارك بهذه العملية السياسية كقوة سياسة، فردا، أو حتى ناخبا ولو كانت نيته الخير سيكون العراق غائبا عن طروحاتهم وسلوكهم.
العملية السياسية في حقيقتها، ضد العراق و وحدته والمواطنة.
و لن تؤدي إلا إلى المزيد من خراب العراق وتدميره وتقسميه.
ومنذ اندلاع انتفاضة الأنبار لم يدرك  عدد كبير من المواطنين العراقيين أن نزولهم للشارع لإسقاط النظام الطائفي سيكون خطوة أولى لأستعادة العراق . وبدون شك هناك حالة من الرعب بسبب كون أجهزة الأمن والجيش مجموعة من القتلة وبسبب هيمنة الميلشيات.
لن تكون هناك ثورة بدون جماهير ولن يكون هناك انتصارا للعراق بدون ذلك.
ويبدو المشكلة الحقيقة في أن الانتفاضة لم تفرز قادة سياسين، والمجلس السياسي الذي أعلن عن تأسيسه لم يلاقي القبول من قادة الانتفاضة كما أنه لم يظهر في الشارع كقوة محركة للحدث.
ما يحتاجه العراق ليس الانتخابات، بل ثورة لتحريره من الذين كانوا خدما للاحتلال الامريكي وكل القوى الطائفية واللصوص والقتلة.
رغم زيادة نسبة الفقراء وفقدان الأمن يبدو الشارع الشيعي يرغب بالحكم الشيعي الغارق في الفساد وليس الحكم العراقي الصالح.
دعاة الفكر الشيعي طائفيا، أو العقيدة الشيعية يؤمنون إن  شعائرهم وهيمنتهم على عقول البسطاء وسلب الأموال منهم يحتاج إلى نظام وحكومة تجمع بين الفساد والجهل.

راجع هنا