الجمعة، 6 فبراير 2015

الاعدام الجبان: عن الريشاوي والكربولي ومعاذ أيضا / عبد الله بن عمر (المتابع)


يكتب التاريخ ان الحقائق لا تدوم، كذلك تفعل بشكل اسرع  الاكاذيب. وما حصل فيه الكثير من الألم والوجع.  ومن شدة الألم أن تستجير بسيء للقضاء على اسوء.


اولا دعنا نسرد ما يلي:
قتلت الحكومة الشيعية في العراق مدعومة بقصف جوي امركي وايراني  منذ سنة واحدة فقط 11 الف مدنيا، وتم رصد احراق جثث 143 شخص خلال هذا العام.
قتلت قوات بشار الاسد 18 الف مدنيا خلال فترة بسيطة.
 هذه هي جرائم الحكومات التي ذهب دفاعا عنها وعن المشروع الامريكي معاذ الكساسبة ، ولكن هل يجوز قتله بأي شكل، الجواب لا.
ليس لانه اسير وليس لانه اقترف جرما كبيرا، ليس لكل هذا. الاعدام ممارسة توازي القتل بدون محاكمة.
قد يختلف البعض في ذلك، ولابد لهم ان يفعلوا، لكن الاختلاف لن يجيب عن سؤال ان كانت الحكومات والمجتمع انجزا ما يجب عليهم، لكي لا يكون بيينا معاذ، ولا قاتله، لكي لا يكون بيننا طيارا يقصف الاطفال والنساء، وساديا يرى شفاء صدره بحرق الاسير حيا .
في الوطن العربي ومنها الاردن تشكلت الدول - مرة بتصميم من تشرتشل، ومرة وفق سايكس بيكو 1916 ،و زارة الخارجية في شارع الملك تشارلز حين قررت لندن مغادرة دول عربية اخرى-  لا يمكن الحديث عن قضاء ونزاهة ، عن عقيدة أو وطن.
فالمهم التاج أو الكرسي، ولاشيء غيرهما.
لهذا قتلت ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي انتقاما، وليس عدالة، وكيف لعدالة أن تتحقق في أمة تحتار بطريقة الاعدام وتوقيته، بالتعذيب ومبرراته.
 الجمهور لم يهتز وهو يرى القدس التي كانت جزء من الأردن وتحت إدارة هذا التاج تستولي عليها دولة عنصرية صهيوينة اسمها اسرائيل، وبالتأكيد لا يبدو انهم يكترثون لوجع ان تضع اسرائيل حد السيف فوق رقابهم، بل تفنن هذا الجمهور في كيفية التناغم مع هذا السيف.
ليس في الاعدام عفة، وكل وسيلة لتحقيقه ليست أكثر من قذارة.
لماذا قتل معاذ بهذه الصورة؟
 هل من اجل ان لا يفعل الاخرون ما فعل؟ سيفعلون.
هل من اجل ان لا يخون الاخرون؟ سيخونون.
هل من اجل ان تقول أنا الفاعل بلا مشاعر؟ نحن نعرف ذلك.
 ومع ذلك الآخرون اكثر دموية ممن قتل معاذ، واقصد الحكومات الشيعية والجيش الامريكي وكل من تحالف معهم .
لم يخض معاذ معركة من اجل وطنه، ومن قتله لا يفعل ذلك أيضا، ولا يقترب من الله.
لم يفهم البعض " الا بالحق" القرآنية كما يجب. ظن إن العداله هي محكمة وحق دفاع مزيف، وليست مسؤولية ولي الامر في صناعة المجتمع الذي لا يظلم به احد، ثم لا تكون هناك اسباب للجريمة البشعة.
ليس في الوطن العربي قضاء، و بوضوح ليس هناك من قضاة، وما اهزله والقضاة ليس اكثر من اشخاص يخضعون لسلطة الأمن.
لم يكن معاذا بطلا، بل هو مجرد محترف العسكرية، ساهم قصفا في قتل عدد من الاشخاص الذين اغلبهم ليس لهم علاقة بالارهاب - الذي صنعته الولايات المتحدة الامريكية والناتو وكل من تحالف معهما سرا وعلانية.
عندما ترمي مرضاة لسلطة، أو و ظيفة، تذكر إنك تمنح الاخر حق الرد والتمرد أكثر من أي ظلم .
ولكن مثل معاذ هناك من الضباط والجنود ممن يستعد ان يكون قاتلا من اجل كرسي يتربع عليه الغير.
ومثل ساجدة الريشاوي و زياد الكربولي هناك من يكون ضحية الاحتلال والبطش والقسوة وغياب الديمقراطية والحرية.
لكن في كل الاحوال، ليس لأحد حق قتل الاخر، كما ليس هناك حق في إعدام . اذ لا عدالة تتحقق لا في القتل، ولا في الاعدام. لم يولد الناس وهم يعشقون العنف، بل كل الظروف من الحاكم الى المجتمع تساعد على الجريمة.
لم يستطع الاباء ان يزرعوا في ابناءهم الخير فتحولوا الى قتلة من اجل التاج، او قتلة عقابا لهذا التاج، أو انغماسا في الجريمة التي باتت تفسر مثلا في العراق أنها طاعة لمرجع شيعي ايراني الاصل .
هناك الكثير من النفاق حول اعدام معاذ الكساسبة، والكثير من الصمت عن اغتيال ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي.
هناك تنديد بحرق معاذ وهو ما يجب ان يكون، ولكن هناك صمت على حرق السنة العرب من قبل طيران التحالف الامريكي والحكومات الشيعية في العراق وايران وسوريا وجماعة الحوثي.
هناك من يريد لتنظيم الدولة ان يبقى حتى تزول الجرائم الشيعية والامريكية، وهناك من يدعم هذه الجرائم ومنهم معاذ والنظام الذي ارسله، وهناك من يريد الخلاص من الجرائم الشيعية وتنظيم الدولة وامريكا وكل الحكومات القاتلة.
هناك من ينسى إن السجون العربية مليئة بالمعتقلين الذين يموتون تحت التعذيب والعراق أكثرهم.
فقط ، لا يكون البطل بطلا لأن نهايته كانت شنيعة، لأن البطولة هناك، عند الناس البسطاء الذين حياتهم يمكن وصفها الصمود الأسطوري، رغم الحرب والطقس، رغم ضياع البوصلة للجميع إلا من رحم ربي.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق