الأربعاء، 25 فبراير 2015

"قناص العيون" في حماية الرئيس مرسي! / سليم عزوز(كاتب وصحفي مصري) ..


لم يعد يدهشني من الانقلاب العسكري في مصر، والمتعلقين في أستاره، سوى هذه الجرأة في ترديد الأكاذيب، لهذا فلم يزعجني كل ما جاء في "تسريب وزير الداخلية" ، لكن أغضبني كثيراً، ما جاء على لسان أحد المدافعين عن هذا الانقلاب، من تعليق براءة "قناص العيون" في رقبة الدكتور محمد مرسي.


لا أعرف الدوافع وراء التسريب الخاص بوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وهل هي محاولة للتغطية على التسريب بتسريب؟.. بعد أن انكشف سلوك سلطة الانقلاب للعامة، عندما تحاول التغطية على تسريبات عبد الفتاح السيسي بعملية هنا وتفجير هناك؟، فعقب التسريب الخاص بالتطاول على دول الخليج تم صرف الأنظار في اتجاه مذبحة الدفاع الجوي، وعقب تسريب آخر، يصب في خانة التطاول أيضاً على الدول الخليجية المانحة للمساعدات، كان ما جرى في ليبيا، لكن هناك تسريب جديد هو الذي كشف عن أن السياسة التي تحكم مصر الآن، هي "تقليب الزبون" ، وكان هذا الزبون هو قريب القذافي ورجله القوى أحمد قذاف الدم، ما يكشف أن التدخل في الشؤون الليبية كان سابقاً لعملية مقتل المصريين على يد تنظيم داعش!.

وعقب التسريب الأخير كان رد المعلقين على صفحات التواصل الاجتماعي أنهم في انتظار الرد بتفجير، ولأن اللعبة صارت مكشوفة، فكانت التغطية هذه المرة، بحديث السيسي التلفزيوني، وربما كان تسريب وزير الداخلية لتأدية الغرض.

لقد تحدث الوزير في هذا التسريب عن دور الجيش والشرطة في حشد الناس يوم 30 يونية، ولم نكن بحاجة إلى دليل يؤكد لنا أن ما جرى في هذا اليوم كان ثورة مضادة، وليس كما قيل أنها ثورة شعبية انحاز لها الجيش، لكن المثير حقيقة هو ما ورد بشأن الضابط "محمود صبحي الشناوي" ، الشهير بقناص العيون.

كان وزير الداخلية في التسريب يستنكر نشر صورة الضابط في واقعة القبض على الدكتور محمد علي بشر، وأنه ينبغي على الضباط أن يغطوا وجوههم، ومع أن الدعوة لتغطية الوجوه، تمثل تجاوزاً لقانون الإجراءات الجنائية من حيث حق المقبوض عليه في معرفة أنه في حضرة ضابط مسؤول ولم يقع في أسر عصابة، فإن الأمر لم يدهشنا فليس مثيراً للضحك في مصر في هذه الأيام النحسات، أكثر من الحديث عن القانون وحقوق الإنسان!.

اللافت، أن الوزير يعلم أن الشناوي خارج العدالة، وقد جاءه الرد من ضباطه بأن الشخص الذي نشرت صورته في واقعة القبض على الدكتور محمد على بشر، الوزير السابق والقيادي الإخواني المعروف، ليس هو "الشناوي" لكنه ضابط آخر يشبهه. فـ "الشناوي" – كما قالوا – يعمل الآن في وزارة الكهرباء!

في برنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة، حدث ما كان سبباً في غضبي، مع أن كل ما جاء في التسريب على غرابته المفترضة لم ينجح في ذلك، بما فيه أنني علمت أن "الشناوي" لا يزال في الخدمة وليس في السجن!.

بدا لي الصديق "حمزة زوبع" متعالياً على الموضوع، على نحو تشككت فيه أن يكون قد اطلع على التسريب، أو اهتم بتفاصيله، والضيف غير الجاهز، يكتشف المشاهد عدم جاهزيته عند السؤال في التفاصيل، وقد وجه الإعلامي "محمد كريشان" السؤال له مرتين عن الضابط "الشناوي" ، ولم يقل شيئاً، وهنا وجد زميلنا "مجدي شندي" ثغرة نفذ منها!.

قال "مجدي" مبتسماً ابتسامة الواثق من معلوماته، إن براءة هذا الضابط جرت في عهد "محمد مرسي" ، وإن من منحه البراءة هو "نائبه العام" . ومن المعروف أن "نائب عام مرسي" أو "نائب عام الإخوان" ، لقب يطلق على النائب العام المستشار "طلعت عبد الله" ، الذي عين في منصبه خلفاً للمستشار عبد المجيد محمود، وثارت ثائرة من قدمهم الإعلام على أنهم "الثورة" ، مع أن إقالة "محمود" نائب عام مبارك، كانت مطلباً من مطالب الثورة في كل تجلياتها في عهد المجلس العسكري.

لا بأس، فالبأس الشديد أن ما قاله زميلنا "شندي" ، عن البراءة التي تمت لهذا الضابط في عهد محمد مرسي وبواسطة نائبه العام، مثلت قنبلة غاز، على أخطر ما في هذا التسريب. وزميلنا كغيره من الذين يهتفون ضد الإخوان لأنهم "باعونا في محمد محمود" ، مع أن "الشناوي" هو عنوان الجريمة التي ارتكبت في "محمد محمود" .

فقد كان الضابط "محمود صبحي الشناوي" قد أصاب في هذه الليلة عيون كثير من الثوار ومن بينهم الناشط "أحمد حرارة" ، وأطلق عليه "قناص العيون" ، وتمكن الثوار من التقاط صور له بسلاحه، وهناك فيديو له وأصوات من حوله من رجال الشرطة تهتف لإصابات جرت في عيون من يستهدفهم البطل المغوار!.

والواقعة برمتها حدثت في ظل حكم المجلس العسكري وفي أيام "نائب عام مبارك" الذي عزله الرئيس محمد مرسي، فخرجت مظاهرات ثوار آخر الزمان، ترتفع به إلى مصاف القادة الوطنيين!

كشف شخصية "الضابط القناص"، كان مهماً في ملف آخر، فعندما ارتفعت الأصوات منددة بقيام وزارة الداخلية بقنص المتظاهرين بميدان التحرير في ثورة يناير كان رد الوزارة، أنه لا يوجد عندها قناصة، لتقيد الجريمة ضد مجهول. لكن ها هو قناص بالصوت والصورة!.

رغم نشر صوره، واستدعائه للتحقيق، وصدور قرار بحبسه احتياطياً، فقد تسترت وزارة الداخلية على ضابطها، وقال منصور العيسوي وزير الداخلية حينها، أنه انقطع عن العمل، وقام بتغيير محل إقامته، خوفاً من استهدافه، وليس بالتالي في قدرة وزارة الداخلية تنفيذ قرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره!.

وفي أبريل سنة 2012 أحيل "الشناوي" لمحكمة الجنايات، لتصدر حكمها عليه في 5 مارس 2013، بالسجن ثلاث سنوات بتهمة القتل المتعمد والشروع في القتل!

وحدث الانقلاب العسكري، ولم يعد ثوار آخر الزمان مشغولين بالشناوي وما فعله، وبالقناصة واستهدافهم للمتظاهرين، فقد كان كل ما يهم في أحدث "محمد محمود"، هو تحويلها لحائط مبكي، عند اتهام الإخوان بخيانة الثورة، فـ "الإخوان باعونا في محمد محمود" ، وليس أكثر من هذا.

فقد خرجوا في 30 يونيو أيديهم في أيدي جناة "محمد محمود" ، ودخلوا ميدان التحرير مع قاتل الفتى "جيكا" في "محمد محمود" يداً بيد!.

والحال كذلك، فإنه يصبح من الطبيعي، أن يتم نسيان "الضابط الشناوي" وما فعله مع متظاهري "محمد محمود" ، ليأتي تسريب وزير الداخلية، فنكتشف أن هذا الضابط خارج السجن، وأنه تمت مكافأته، بنقله من القطاع الأدنى وهو الأمن المركزي، ليتم إلحاقه بشرطة الكهرباء، والعمل فيها يشبه البعثة للبلاد التي فيها "الفلوس متلتلة كالرز" .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق