«إن بروز الدين ما زال قادراً على إثارة الفزع في نفوس المفكرين العلمانيين الذين ظنوا من دون شك أنه كان محكوماً بالأفول في وجه التنوير والحداثة».
لعل هذه الجملة التي ألقاها مدير مجلس بحوث العلوم الاجتماعية في جامعة نيويورك كريغ كالهون في كلمته الختامية حول «قوة الدين في المجال العام» (مركز دراسات فلسفة الدين بغداد بالتعاون مع دار التنوير، 2013 _ تعريب فلاح رحيم) توجز الإشكاليات الجديدة التي يطرحها الدين في الغرب. الكتاب الذي دخل المكتبة العربية (الأول من سلسلة تحديث التفكير الديني _ بغداد) هو في الأساس محاضرات ونقاشات طُرحت في حدث أكاديمي بارز عام 2009 في الولايات المتحدة؛ شارك فيه فلاسفة غربيون كبار: الألماني يورغن هابرماس (1929) والكندي تشارلز تايلور (1931) والأميركية منظرّة الجندر جوديث بتلر (1956) والأميركي كورنيل ويست (1953). يمكن إدراج الكتاب في دراسات «ما بعد العلمانية» وهو اتجاه فلسفي غربي يأخذ في الاعتبار الحيوية المتواصلة للدين، وقدرته على اجتذاب قطاعات من الجماهير في كل مكان،حتى في الغرب الذي ظن مفكروه أنه هُزم بلا عودة على يد التنويريين والحداثيين.