الأحد، 10 نوفمبر 2013

إفتتاحية عميد جامعة ترانسند السلام ..هل توجد حلول لمصائب الولايات المتحدة!



يوهان غالتونغ* / وكالة إنتر بريس سيرفس
 لقد فشل الإرهاب السياسي. فالجمهوريون الأمريكيون استخدموا التصويت في مجلس النواب لتعريض سبل معيشة الملايين من الناس داخل وخارج الولايات المتحدة للخطر، وذلك من أجل أهدافهم السياسية الخاصة. فإرتكبوا نفس الخطأ الذي يرتكبه معظم الإرهابيين -سواء إرهابي الدولة أو غير الدولة- والقائل بأنه "عندما يعاني الناس، سوف ينضمون إلينا ضد عدونا”. لكنهم فوجئوا بأن الناس إنقلبوا على الإرهابيين بدلاً من ذلك.

هؤلاء لم يكونوا مجموعة صغيرة من المتطرفين، وإنما أغلبية واضحة من الجمهوريين في مجلس النواب: فقد صوت 144 منهم بـ "لا"، و87 فقط بـ "نعم" . 

ينبغي أن يكن الرئيس باراك أوباما الإمتنان للأغلبية التي يحظي بها الجمهوريون في مجلس النواب، فقد خان معظم المجموعات التي صوتت له في عام 2008، وعوقب في إنتخابات التجديد النصفي في عام 2010. تماما مثلما سيكون حال الجمهوريين عام 2014 بسبب إرهابهم السياسي. 

لقد أجلت موافقة الجمهوريين علي تمديد الميزانية، خطر اغلاق الحكومة إلى 15 يناير وإفتراضا إلى 7 فبراير. والأمر السئ هو أنه راجت الكثير من التقارير ولكن قلة من الأفكار في وسائل الإعلام. والأسوأ من ذلك، أنه لم يكن هناك أعدادا كبرى تقول "أوقفوا هذا الهراء " بل كانت هناك لا مبالاة واسعة النطاق. 

والأسوأ من ذلك كله: كانت المجموعة الأكثر جرأة في الإحتجاج هي قدامى المحاربين وضباط الاحتياط (1.1 مليون) –مما يدل على وجود خطر كبير إذا لم تصل رواتبهم في نوفمبر. 

الكتلتان -الديمقراطية والجمهورية- لا تتحدثان بعضهما للبعض الآخر، ولكنهما تعاملان بعضهما بعضا كما تعاملان تنظيم طالبان. 

قد لا يمكن تحمل تكاليف قانون الرعاية الصحية، وقد توجد فجوة في التغطية وما إلى ذلك، لكنه لا يزال هناك ما يمكن فعله. فهناك حلول لبلد متعددة القدرات مثل الولايات المتحدة. 

إغلاق خدمات الحكومة هو نتيجة للعجز في الميزانية الاتحادية. فلنفعل ما تفعله الأسر: تقليل النفقات وزيادة الدخل. 

وهناك ثلاثة أجزاء رئيسية في الميزانية الاتحادية، وهي الفائدة على القروض، والجيش، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وكل منها يشكل جزءاً هائلاً من الميزانية. 

هذه العمالقة الثلاثة تدخل في سباق حلف شمال الاطلسي للتسلح ضد منظمة شنغهاي للتعاون؛ وهذا الارهاب العسكري المشترك يضع الجنس البشري في خطر. 

ماذا عن توصل الولايات المتحدة الى اتفاق مع الصينيين والروس؟... ماذا لو تغاضي الصينيون عن 50 في المئة من ديون الولايات المتحدة مقابل تخفيض الولايات المتحدة 50 في المئة من العناصر العسكرية الأكثر هجومية –في قواعدها الـ 800 في جميع أنحاء العالم– على مدى 5-10 سنوات؟. 

وهل يمكن أن يرافق ذلك انخفاضا مماثلا، متعدد الأطراف ومتوازن في الأسلحة الهجومية، والبناء على زخم الأسلحة الكيميائية الروسية؟. 

هذا وعن الضمان الاجتماعي، فلندع الجميع من كبار السن ليعملوا إن أرادوا ذلك. فسوف يؤدي هذا لزيادة الإيرادات الضريبية وتقليل النفقات . 

وعن الرعاية الطبية، فينبغي العمل علي تحسين صحة السكان. في هذا، جاء خفض التدخين -أساسا بفضل الولايات المتحدة- بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام، لتتبعها المشروبات الغازية بحيث يصبح بيع وتقديم المشروبات الغازية في الأماكن العامة غير شرعي مثل التدخين. 

ثم هناك سقف الديون، وهي مشكلة أعمق، فهي تؤثر على الاقتصاد الذي لا ينتج فائضا يكفي لتشغيل مجتمع حديث بمستوى معيشي مقبول لجميع المواطنين. فحوالي سدس أو حتى خمس السكان يعيشون في فقر وبؤس. 

وبشأن مصدر الكثير من الدخل الجديد، سواء على مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع المحلي أو الدولة الاتحادية، فهو قضية صعبة من الناحية السياسية، لكنها بسيط إقتصادياً، فيكفي قلب الأسفل إلى الأعلى، أي تحديد أفقر المجتمعات المحلية، ومنح ائتمانات قصيرة الأجل للتعاونيات الزراعية، وبيع الأغذية العضوية الرخيصة، وبناء مساكن بأسعار معقولة، وتوفير العيادات الصحية البسيطة لمعالجة الأمراض المعروفة. 

وعن توظيف المواطنين الأكثر إحتياجاً، فيأتي بجعل الناس يعتمدون على أنفسهم بدلاً من الاعتماد على الضرائب. فمثل أي عمل تجاري صغير، هم يحتاجون إلى بعض القروض الأولية، وعلى عكس الشركات الصغيرة فهم يحتاجون إلى حماية الإنتاج والاستهلاك التعاوني. 

يعتبر الحد من المعاناة، وتقليص عدم المساواة، وجعل الاقتصاد الحقيقي ينمو، ثلاثة أهداف ضخمة. فهل تتمكن الولايات المتحدة من تحقيقها؟. 

اقتصاد الولايات المتحدة قوي في مجال السلع ولكنه ضعيف في قطاع الخدمات، وسط تكاليف عالية جداً للتعليم والصحة ورعاية كبار السن. 

الاقتصاد الحقيقي للولايات المتحدة ضعيف اليوم بالنسبة لإقتصاد وول ستريت التمويلي، وبالنسبة لاستخدام المال لكسب المزيد من المال، مباشرة وليس عن طريق استثمارات مرهقة؛ في ثوان وليس في سنوات. هذا هو خطر هائل ولابد من وقف هذا الأسلوب. 

علاج رقم (1) : الشركات المالية العملاقة -خمس أو ست- كبيرة جداً، ومن ثم فوقف تزويدها بالمال هو مثل وقف تزويد الكحول لمدمن على الكحول. فينبغي السماح للآلاف من بنوك الادخار المحلي بالنمو كي يودع الناس مدخراتهم فيها، بدون المخاطرة بأنها سوف تستخدم في المضاربات، ولكن للاستثمار المحلي. 

علاج رقم (2): ضريبة مبيعات بنسبة واحد في المئة على البورصة. 

علاج رقم (3) : تجريم الإتجار بالمال مثل الاتجار في المخدرات والنساء . 

لا توجد أي من هذه الأشياء على الطاولة بحلول يناير- فبراير، ما عدا مشاحنات صغيرة على الميزانية والنهج الصيني. 
ولابد من ظهور قيادة قوية في البيت الأبيض والكونغرس، ولكن بصفة خاصة من الشعب -المستوى المحلي والبنوك والشركات المحلية . فالمستقبل هو قبل كل شيء في أيديهم.

 *يوهان غالتونغ ، عميد جامعة ترانسند السلام ومؤلف كتاب " 50 سنة - 100 منظور للسلام والصراع" 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق