الجمعة، 22 نوفمبر 2013

المواجهة المقبلة / د.مصطفى سالم



عندما أشتد الصراع داخل التيار الرجعي الأخوان وقطر من جهة وأنظمة الخليج العربي والمؤسسة العسكرية المصرية من جهة أخرى مع أن طرفي الصراع يرتبطان بالامبريالية الامريكية، قلنا إن هناك أهدافا أمريكية وراء هذا الشرخ المدبر. وهذه الأهداف هي صناعة حرب بين التيار الإسلامي من جهة وأنظمة الخليج العربي والمؤسسة العسكرية والأمنية المصرية من جهة اخرى.
ومكن انقلاب المؤسسة العسكرية في مصر من ايصال رسالة للتيار الإسلامي من كون الجيش المصري ضد الديمقراطية التي لا يؤمن بها التيار أصلا، لكن وجودها سيقوده للسلطة بسبب هشاشة القوى السياسية الأخرى، بما يعني إن المؤسسة العسكرية التي لديها عقيدة بنيت على الانخراط في خدمة المشروع الأمريكي بالمنطقة تعرقل مسيرة التيار للوصول إلى السلطة.
كما مكن هذا الانقلاب من إيصال رسالة داخل التيار السياسي الإسلامي من كون دول الخليج العربي عدا قطر تقف ضد الديمقراطية المرتبطة بما يسمى الربيع العربي والتي كانت تميل لصالح التيار .
وسلسلة الأحداث المرتبطة بما بعد الإنقلاب ولدت قناعة داخل التيار الإسلامي بأهمية الرد على الجيش المصري ودول الخليج العربي.
وإذا كانت قطر تمنع بشكل مؤقت من صدام عنيف بين التيار الإسلامي وبين أنظمة الخليج العربي فأنها ستجد نفسها في وضع لا يمكن أن تجمع فيه بين الانخراط في مجلس التعاون الخليجي وبين دعم الاسلام السياسي.
ومنذ نجاح الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وما تلى ذلك من أحداث قادت إلى إنقلاب العسكر في مصر، أقنعت واشنطن التيار السياسي الإسلامي بأن الديمقراطية يمكن ان تقوده للحكم لكن الجيش المصري ودول الخليج العربي تقف ضد ذلك.
كانت واشنطن تعول على حرب دينية في مصر مع وجود الإخوان، لكن ومع كونهم جزء من معسكر الرجعية الحليف لواشنطن لم ينقادوا لهذا المخطط، لذا تم استبدالهم بعسكر سيجر مصر لحربين لا واحدة.
التيار الاسلامي الشيعي الطائفي والأكثر انخراطا في خدمة الامبريالية الامريكية تلقى دعما ليكون على رأس الحكم في العراق بالتوافق مع طهران وأنظمة حكم رجعية مثل الكويت وطائفية مثل سوريا.
إن حقيقة كون التيار الاسلامي بشقيه السني والشيعي أتخذ مواقف بوعي أو بدون وعي أنصبت لصالح الامبريالية تؤكدها الأضرار التي الحقها هذا التيار بالنضال الوطني والعربي من أجل الحرية والتحرر والعدالة الإجتماعية.
أن مشكلة كل القوى السياسية في الوطن العربي سواء كانت تقدمية أو رجعية هي عدم الاتفاق على العمل المشترك لتحقيق ديمقراطية يمكن أن تعمل تحتها كل القوى السياسية.
كانت المرجعية الشيعية خلال العصر البريطاني خاضعة وداعمة للاحتلال البريطاني لدول يتواجد فيها الشيعة، ومازالت أموال المرجعية الشيعية في بريطانيا، مع ان التأثير الأمريكي على المرجعية دخل بقوة منذ أن تم تنصيب خميني بدلا من الشاه الذي ساهمت واشنطن ولندن في إسقاطه.
ولهذا لا نستغرب أن تعتبر القوى الشيعية احتلال العراق عام 2003 هو ربيع سبق الربيع العربي.
لكن يجب ان لا ننكر ان الإخوان كخدمات اجتماعية أكثر فاعلية من بقية التيار الإسلامي بما فيه الشيعي.
ويمكن مقارنة تجربة العراق الذي يعد من اكثر البلدان فسادا مع تجربة الإخوان لنرى أن التيار الشيعي السياسي ولكونه تم صناعته في الخارج يمارس عمليات نهب منظمة للبلاد، ودون الاهتمام حتى بالجماهير الشيعية نفسها مع أنه يستخدمها كجثث مجانية في حربه على هوية العراق والعرب السنة.
ولو نظرنا إلى أسباب تسليم الحكم في العراق للقوى الشيعية التابعة لإيران لاكتشفنا ان المشروع الامريكي للمنطقة لم يكن ينجح إلا من خلال هذا الأمر لأنه أسهم في إنهاض الطائفية ودعم نفوذ إيران.
وتمكين إيران وتركيا وإسرائيل من اجل شطب دور العرب، وما كان لايران ان تستطيع الهيمنة على المنطقة الا مع تحويل العراق من سد امام دورها الى منطقة استقرار ومرور لنفوذها.
وسنجد أيضا ان زيادة العمليات المسلحة ضد الجيش المصري تعني ان الهدف الامبريالي يمضي في طريق التحقق بعد ان دعمت واشنطن فعلا الانقلاب في مصر، لتتمكن من مشاهدة الجيش المصري المتورط بجرائم بشعة ضد المدنيين وقد أُنهك بحرب ضد التيار الإسلامي.
وستنقل حرب التيار الاسلامي - الجيش المصري الى دول الخليج العربي، لأن واشنطن أدركت أن حلفاءها في هذه الدول لن يتغيروا إلا من خلال صدام عنيف مع قوى إسلامية وهو صدام يراد منه تدمير هذه البلدان وبناء تركيبة جديدة فيها.
المشهد يقول ان عسكر كامب ديفيد وانظمة الخليج العربي مثلهم مثل الاخوان لديهم مهمة لصالح الامبريالية الأمريكية وهي مهمة تدفع الشعوب ثمن لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق