الاثنين، 18 نوفمبر 2013

الأكراد في الائتلاف السوري! / فايز سارة




سجلت اجتماعات الدورة الاخيرة للهيئة العامة للائتلاف الوطني تحولاً مهماً في ثلاثة من المسائل السياسية المطروحة على المعارضة السورية منذ انطلاقة الثورة السورية في اذار من العام 2011. وتمثلت المسالة الاولى في دخول المجلس الوطني الكردي الى الائتلاف، وانضمام احد عشر عضواً ممثلين عنه الى الهيئة العامة، وسيتم اختيار اثنين منهم في الهيئة السياسية، واحد الاعضاء ليكون نائباً لرئيس الائتلاف، وكانت المسألة الثانية، اقرار موقف الائتلاف في الذهاب الى جنيف2 وفق محدادات باعتبارها بوابة لحل سياسي للقضية السورية، اما المسألة الثالثة، فكانت تشكيل الحكومة المؤقتة من جانب المعارضة من اجل ادارة الحياة العامة للسوريين سواء في الداخل السوري او مناطق اللجوء وخاصة في دول الجوار، حيث يتواجد أكثر من اربعة ملايين من السوريين.
ورغم الاهمية الكبيرة للنقاط الثلاثة، فان خصوصية انضمام المجلس الوطني الكردي الى الائتلاف تجعلها مسألة تستحق الوقوف عند حيثياتها وتفاصيلها، ولعل الاهم في هذا الجانب، انها انهت حالة من التباعد بين الجماعات السياسية السورية العربية من جهة والكردية من جهة اخرى، وهو تباعد بدأ بعيد انطلاق الثورة السورية، وكان اساسه موقف الاحزاب الكردية بالتوجه الى بناء موقف مشترك للاكراد هدفه تحديد موقعهم وموقفهم في الثورة السورية ومايمكن ان تتمخض عنه الثورة السورية من نتائج وموقع الاكراد في المستقبل السوري، وقد ترتب على هذا التطور انسحاب الاحزاب الكردية من التحالفين الاساسيين السوريين القائمين: اعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير، وحتى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، لجأ الى حالة من تجميد نشاطه في هيئة التنسيق، وان لم يعلن خروجه منها.
وبطبيعة الحال، فقد استكملت اغلبية الاحزاب الكردية توجهها نحو صياغة موقف كردي خاص، عبرت عنه في تأسيس المجلس الوطني الكردي في اواخر العام 2011 الذي ضم معظم الاحزاب الكردية وشخصيات وفعاليات اجتماعية وثقافية في خطوة بدت موازية لتأسيس المجلس الوطني السوري الذي سبق مثيله الكردي بوقت قليل، وصاغ المجلس الوطني الكردي موقفه في اعلان تأييده لثورة السوريين ومشاركة الاكراد فيها باعتبارهم جزء من الشعب السوري، لكنه اضاف الى ذلك مطالب تتعلق بموقع الاكراد في مستقبل سوريا بالتركيز على موضوعين اولهما اعتراف بالقومية الكردية قومية ثانية في البلاد لها ذات المستوى من الحقوق التي يحصل عليها غيرها من المكونات القومية في البلاد، اضافة الى مطلب تطبيق ادارات ذاتية في المناطق ذات الاغلبية الكردية، واعتبار اللغة الكردية لغة ثانية في تلك المناطق في التعليم والتداول.
لقد سعى المجلس الوطني الكردي للتفاهم مع التكتلات السياسية في المعارضة السورية للتفاهم على تلك الرؤيا سواء مع المجلس الوطني السوري او مع الائتلاف، لكن النتائج كانت سلبية، ثم تكرر الامر بعد تشكيل الهيئة الكردية العليا في اواخر العام 2012، والتي جمعت المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي وآخرين، لكن النتائج لم تكن افضل من المرة السابقة، وبذلك تكرس تباعد التمثيل السياسي الكردي عن التحالفات السورية.
غير انه ومع التحولات التي شهدها الائتلاف بعد عملية التوسعة في صيف العام 2013، انفتحت ابواب جديدة في موضوع العلاقات بين الائتلاف والقوى السياسية الكردية، وفي اطارها، فتحت بوابة حوار ادت الى توقيع اتفاق بين الائتلاف والمجلس الوطني الكردي خلص الى تأكيد الائتلاف التزامه "الاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية، واعتبار القضية الكردية جزءًا أساسيًا من القضية الوطنية العامة في البلاد، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سورية أرضًا وشعبًا، والعمل على إلغاء كل السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبقة بحق المواطنين الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعادة الحقوق لأصحابها. ونص الاتفاق على أن الائتلاف يرى أن سوريا الجديدة ديمقراطية مدنية تعددية، نظامها جمهوري برلماني يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية".
ثم اعقب ذلك أخيراً القيام بخطوات عملية، رسخت وجود ممثلي المجلس الوطني الكردي داخل مؤسسات الائتلاف وهيئاته من الهيئة العامة الى الهيئة السياسية وصولا الى هيئة الرئاسة، كما بدأ ترسيخ وجود الاكراد في المؤسسات التابعة للائتلاف ومنها سفارت الائتلاف وممثلياته لدى الدول العربية والاجنبية وفي المؤسسات التي تتعامل مع الائتلاف، وبداية الخطوات التطبيقية في هذا المجال، تمثلت في تعين سفير للائتلاف في ممثلية المانيا.
ان الخلاصة الاساسية لماتم في علاقة الائتلاف مع التمثيل السياسي للاكراد ، تؤشر الى نهاية التباعد والقطيعة السياسية بين الطرفين، وتوحيد جهودهما المشتركة في العمل الوطني العام وخاصة ما اتصل منه بالثورة السورية وفعالياتها، وفتح باب المشاركة بين الجانبين وآخرين (منهم التركمان والاشوريين الذي ينتظر ضمهم الى الائتلاف) في رسم ملامح المستقبل السوري البديل عن النظام الحالي في نظام ديمقراطي يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين، كما ان ما تم انجازه يعزز مسار مطلب وحدة المعارضة السورية، لانه يكسر حالة الأنكفاء على الذات التي سادت في اغلب التكوينات التحالفية في البلاد.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق