الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

تدهور الأمن الغذائي في أحد أكثر دول العالم جفافا.. الأردن تحت خط الفقر المائي بنسبة الثلثين



 اليزابيث ويتمان/وكالة إنتر بريس سيرفس


عمان,  (آي بي إس) - أبو وليد لا يعرف من أين يبدأ في سرد شكواه. هل يبدأ بالحشرات التي تقضم النعناع الذي يزرعه؟. أو البئر الجاف الذي يجبره على ضخ المياه من على بعد نصف كيلومتراً؟ أو ربما مبلغ 160 دينار الذي أنفقه على بذور السبانخ ليرى كميات قليلة تنمو منه.

فالأردن من بين البلدان الأكثر جفافاً في العالم، ولديه في المتوسط 145 مترا مكعبا من المياه المتاحة للفرد سنويا (خط الفقر المائي هو 500 متر مكعب). والمتوسط السنوي لهطول الأمطار هو 111 مليمترا. 

كذلك فتنكمش المناطق الزراعية الرئيسية والمناطق البعلية نتيجة للزحف العمراني والتنمية. وبين الأعوام 1975 و2007 -وفقا لبحث الدكتور عوني طعيمه من الجامعة الأردنية- تقلصت مناطق زراعة الحبوب بنسبة 65 في المئة، ومناطق زراعة الخضروات بنسبة 91 في المئة. 

وبالنسبة لمجتمع صغير من المزارعين في حوض نهر الزرقاء شرق العاصمة عمان، أدت التنمية الصناعية، وسوء إدارة الموارد، وتداعيات التغيير المناخي، لخلق تيار من المشاكل التي تضر بإنتاج المزارعين وسبل عيشهم، وفي نهاية المطاف تهدد الأمن الغذائي في الأردن. 

صحيح أن الحكومة الأردنية والمنظمات غير الحكومية المحلية ووكالات الأمم المتحدة تتخذ عددا من الخطوات للتخفيف من آثار التغيير المناخي، لكن أبو وليد وغيره من المزارعين يرون أن هذه الجهود ليست كافية. 

ويقترح بعض المزارعين أنه في حين يؤدي التغيير المناخي إلى تفاقم المشاكل البيئية القائمة في الأردن، فإن جوهر تخفيف التداعيات لم يعد يكمن في التصدي للتغيير المناخي فحسب، وإنما في تحسين كيفية إستهلاك الأردن وإدارته لموارده الشحيحة. 

في غضون ذلك، يعاني المزارعون في منطقة أبو وليد من التغييرات في الطقس في السنوات الأخيرة. فبجانب انخفاض هطول الأمطار، إرتفعت درجات الحرارة، مما أدي إلى مزيد من الآفات والحشرات وتقلب مواسم الزراعة. ويدعو المزارعون الحكومة للمساعدة في تخفيف هذه الآثار. وإعترف بعض المسئولين بأن الحكومة تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد. 

هذا ولقد عمل حسين بدارين -من وزارة البيئة في الأردن في سياسة التغيير المناخي منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. ويقول لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه لا يوجد ما يكفي من التنسيق بين الأفراد والمؤسسات العاملة في مجال التغيير المناخي. ويذكر على سبيل المثال أن وزارة حكومية قد تحتاج إلي بيانات جمعها باحث جامعي ما، لكن لا أحد يعرف بوجود الأخر. 

واليوم، يمكن رؤية ما تبقى من نهر الزرقاء على أنه مكب النفايات المائي، فهناك زجاجات بلاستيكية، وصحون، وأكياس قمامة تطفو فوق سطحه الأخضر، ولا يعرف ما يكمن في الأعماق. 

والماء في حد ذاته ملوث لدرجة أن المزارعين لا يمكنهم استخدامه لأغراض الزراعة. 

وبدلاً من ذلك، يضطرون لضخ المياه الجوفية لري المحاصيل، كما يقول صهيب مطر خمايسة، المنسق الميداني لمنظمة المرأة العربية، وهي شريك محلي لمشروع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة يهدف لتعزيز قدرة المجتمعات المحلية في حوض الزرقاء على التكيف مع التغيير المناخي. 

لكن المياه الجوفية التي يضخها المزارعون تنضب بسبب ضعف معدل إعادة ملئها، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن. 

وبحسب تقييم أجري ضمن مشروع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، فإن "ضخ المياه الجوفية غير القانوني، ونقص الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة... كل هذا يؤثر بشكل مباشر على جميع مستويات المياه الجوفية، وجودة المياه، وجودة التربة". 

ويضيف التقرير "لقد زادت الآفات والأعشاب الضارة، واستخدام المواد الكيميائية، والري". كما أثر التغيير المناخي أيضاً على "خفض مناطق الإنتاج، وجودة الانتاج، والكمية المنتجة في المساحة المزروعة". 

هذا ولقد قام أبو يزن، وهو مزارع بالرصيفة في حوض نهر الزرقاء، بتركيب نظام للري بالتنقيط، ويقول أنه ساعده على استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة وعلى زيادة الإنتاج. ويقدر أن دونمين ( 0.49 فدان) من الأراضي مروية بالتنقيط تنتج ثلاثة أطنان من الجزر، في حين أن نفس الكمية من الأرض تقنيات الري التقليدية تعطي نصف هذا المحصول. 

وكما يقول، فقد انخفض هطول الأمطار، وأصبح يضطر لتصفية المياه التي يتم ضخها قبل استخدامها لأغراض الري. 

ويضيف، "نحن لم نستخدم مضخات كهربائية مثل هذه في الماضي"، وأنه يعتقد ان على الحكومة، أو البلدية، أن تأتي كل موسم وتساعد في تنظيف المنطقة... لكنهما لا يفعلان ذلك أبداً “. 

أما أبو وليد، وهو أحد المزارعين من خربة الحديد المجاورة، فيقول أن "أكبر مشكلة هي المياه، فبالإضافة لأن كمياتها غير كافية للزراعة، فهي تحتاج أيضا بعض التعديلات في مستوياتها القلوية وفي الحموضة... لا يمكنك تذوقها، ولكن يمكنك معرفة ذلك عند استخدامها في الزراعة". 

يقودنا أبو وليد في جولة وسط الخضروات المزروعة، ثم يشير إلى الثوم الذي يزرعه. بعض النباتات تأثرت جداً بإرتفاع درجات الحرارة ، لذلك فهو يريد أن يختبر إذا كان الثوم يمكنه تحمل الحرارة. 

ويتذكر أبو وليد: "قبل خمسين عاماً، كانت نباتات الثوم تنموا عالية جدا بحيث لا يمكنك أن تمشي وسطها. أما الآن، فهي لا تصل إلى نصف طولها السابق. ومن منطقة مجاورة ينتزع الفجل الصغير الحجم بالأصابع، وتأكل الحشرات أوراق نباتات الفجل التي تموت نتيجة لذلك. 

ويشرح أبو الوليد أن الحشرات والآفات تظهر بسبب الحرارة، وتدمر النباتات والإنتاج. ويجب عليه إيجاد وسيلة للقضاء على الحشرات بنجاح، حتى بالمبيدات "يتعين على وزارة الزراعة أن تفعل شيئا”. 

وبعيداً عن التأثير المباشر للتغيير المناخي على المزارعين مثل أبو يزن وأبو وليد، هناك مسألة الأمن الغذائي. 

فمجرد خمسة في المئة من أراضي في الأردن صالحة للزراعة -وفقا لأول سياسة وطنية حول التغيير المناخي في الأردن، صدرت في وقت سابق من هذا العام- لكن هذه الأراضي آخذة في التقلص بسبب الزحف العمراني والتنمية وانخفاض معدلات هطول الأمطار. 

ونتيجة لذلك، يتقلص اكتفاء الأردن الذاتي علي بعض الأطعمة. وعلى الرغم من أن الأردن يزرع ما يكفي من بعض الخضروات الأساسية مثل الطماطم والخيار لتلبية إستهلاك البلاد، إلا أنه يستورد القمح والأرز والشعير من الخارج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق