الاثنين، 26 يناير 2015

لماذا نذهب الى القاهرة؟ / فايز سارة


تؤكد نظرة سريعة للمشهد السوري الواقع المتردي الذي يحيط بقضية السوريين. ان نظام الاسد مستمر في حربه ضد الشعب السوري قتلاً وتدميراً وتهجيراً، وجماعات التطرف والارهاب، تكرس وجوداً وانتشاراً وممارسات، لا تقل بشاعة عن ممارسات نظام الاسد، ان لم نقل انها الوجه الآخر له، فيما يتواصل انحسار الوجود السياسي والمسلح للمعارضة والقوى الثورية السورية، التي شاركت في تحمل اعباء الثورة في السنوات الماضية، ويزيدها ضعفاً وتشتتاً، بالتزامن مع التهميش الدولي للقضية السورية وللمعارضة، وبين ابرز تجلياته، تركيز الاهتمام في الحرب على الارهاب بما يعنيه من حرب على «داعش» وترك غيرها، ودعم مبادرات دولية لا تعالج جوهر القضية السورية، انما تدور حولها، كما هي المبادرة الروسية حول الحوار السوري السوري.


وسط تلك اللوحة القاتمة المحيطة بالوضع السوري، جاءت الدعوة الى لقاء القاهرة لجمع تكوينات المعارضة السورية، ولتحمل كثيراً من الدلالات، لعل الاهم فيها احساس المعارضة بالضعف وانعدام القدرة على التأثير على الاحداث وفيها نتيجة التشتت وضعف القدرات والامكانيات، ولاحساسها انها تقف وحيدة في مواجهة قضيتها بأقل قدر من الدعم والمساندة الدوليين في المجالات كافة، وكله يترافق مع احساس متزايد من قوى المعارضة بضرورة الوصول الى تقارب وربما الى تفاهمات حول جوانب سياسية وعملية في القضية السورية في ضوء الوقائع المحيطة، وكل ما سبق، يجعل اللقاء بمثابة تحدٍّ اساسي للمعارضة كلها، ولدى كل تحالف او جماعة بشكل منفصل من اجل اخراج القضية السورية من مأزقها، ودفعها في مسار مختلف، يتناسب والمصلحة الوطنية السورية في انهاء معاناة السوريين، وتحقيق اهدافهم في تغيير النظام وبناء نظام ديمقراطي، يوفر الحرية والعدالة والمساواة.

وخطوة المعارضة نحو لقاء القاهرة من أجل التقارب والحوار، وربما إقرار مواقف ووثائق مشتركة، ليست جديدة، انما هي استمرار لجهود سابقة ومستمرة، لكنها ترتبط اكثر بتحديات راهنة، ابرزها لقاءات الحوار المفترض عقده في العاصمة الروسية تحت مسمى «الحوار السوري السوري»، والمفترض ان يتم بصورة سريعة بين اشخاص في المعارضة اولاً قبل ان ينتقل الى حوار بين هؤلاء والنظام من دون ان يكون هناك هدف او اوراق ومسارات محددة للحوار، وهذا لا شك انه سيغير قاعدة العلاقة بين المعارضة والنظام، وهي التفاوض على مضامين ارستها الشرعية الدولية في بيان جنيف 2012، ومحادثات جنيف2 لعام 2014 والقرارات المرتبطة بها، ومحاولة خلق مضامين بديلة.

واذا كان لقاء القاهرة المرتقب، يحوز على دعم وتأييد إقليمي ودولي ومصري بشكل خاص، لكنه في الأساس جهد سوري، اشتغلت عليه قوى أساسية في المعارضة، ولاسيما في الشهر الأخير، حيث تواصلت لقاءات وحوارات بين عدد من القوى في الداخل السوري وفي تركيا ومصر وبلدان أخرى، وتم في اطار تلك الانشطة تبادل أوراق بين الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق، وجرى تعديل وتعديل مقابل، وسط رضا واضح من الطرفين على ما جرى، وهو ما ترافق مع مساعي تشكيل لجنة تحضيرية بين الائتلاف وهيئة التنسيق، لوضع برنامج المؤتمر وأسماء المشاركين فيه، وما يمكن بحثه من أوراق، والامور الى تقدم ملموس.

أهمية اجتماع القاهرة، تكمن في ثلاث نقاط أساسية، أولها أنه يلبي احتياجات المعارضة السورية لتأكيد حضورها ووحدتها، أو على الاقل لتأكيد قدرتها على التنسيق والتوافق حول القضايا الأساسية، التي تهم المعارضة، وتعالج القضية السورية من وجهة نظرها، والجوهري فيها رسم ملامح مسار محتمل للحل السياسي في سوريا.

والثاني، تجاوز الآثار المترتبة على مقاطعة المعارضة لمبادرة الحوار الروسية، وما تضمنته من أفخاخ منصوبة فيها، وطرح بديل لها، أساسه إنجاح حوار المعارضة السورية بشروط مختلفة ومميزة بدعم مصري ودولي.

والثالث، كسب دعم ومساندة المجتمع الدولي في إعادة القضية السورية إلى واجهة الحدث السياسي، مما يعطيها فرصة أفضل للمعالجة، لاسيما وسط التهديدات الإرهابية التي تعرضت لها تركيا وفرنسا وبلدان أخرى، والتي تعود في أصولها إلى توسع حيز نشاط الإرهاب الذي أسس له نظام الاسد وطوره بالتشارك مع جماعات التطرف المنتشرة في سوريا وغيرها.

والنقاط الثلاث السابقة في أهميتها لجهة المعارضة السورية، توازيها نقاط ذات أهمية في المجالين الإقليمي والدولي، خاصة لجهة مصر، التي يعقد المؤتمر على ارضها في وقت تسعى إلى إحياء دورها الاقليمي بدعم عربي ودولي، دخولاً من بوابة القضية السورية، التي تملك فيها أوراقا مهمة، الأبرز فيها علاقتها القوية مع أطراف المعارضة على تنوعها واختلافها، وهو توجه يجد دعماً دولياً، ليس فقط لأن المجتمع الدولي، لم يجد في المبادرة الروسية فرصة قادرة على أن تكون فاعلة ومؤثرة فقط، بل لأنه لا يملك في الوقت الحاضر مبادرة، تجعله قادراً على طرحها حول سوريا، وقد يؤسس الجهد المصري لخلق معطيات سياسية جديدة، تساعد في فتح أفق جديد في الموضوع السوري.

وسط تلك المعطيات، يمكن القول، إن على المعارضة الذهاب الى القاهرة، لان اللقاء هناك، يؤكد وجود الموضوع السوري في أيدي أصحابه من قوى وشخصيات المعارضة، وأن عليهم التعامل مع مؤتمر القاهرة بكل جدية ومسؤولية، فكل نجاح يحققونه هناك، سوف ينعكس إيجابياً على الوضع السوري، والفشل سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع من دون أدنى شك ومزيد من التردي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق