الأربعاء، 21 يناير 2015

في الرد على تنظيم "يا لهوي"! / سليم عزوز


لم يكد الدكتور محمد مرسي يتهم في مرافعته عبد الفتاح السيسي بأنه كان يقف وراء مقتل شهداء الثورة، حتى خبط كثيرون على صدورهم وهم يهتفون "يا لهوي"، وبعضهم قرر عدم المشاركة في يوم 25 يناير المقبل، إلا اذا قرر "تحالف دعم الشرعية"، التخلي عن مطلب عودة الرئيس!.



"يا لهوي" كلمة تقال في مصر تعبيراً عن الحزن، أو الدهشة عند وقوع مكروه مفاجئ، وهي لا تقال في الصعيد، فلدينا مفردات أخرى تؤدي الغرض، وتعبر عن ذات الحالة. وغالباً ما يحدث مع نطق "يا لهوي"، الضرب على الصدور، عندما تكون المرأة هي الناطقة!.
بدا لي من خلال متابعتي على مواقع التواصل الاجتماعي، أن عدد القائلين كثير بحيث إنهم باتوا يشكلون تنظيماً حديدياً اسمه "يا لهوي"، وهم من هول ادعاء الصدمة قدموا أنفسهم كما لو كان موقف الرئيس بالتأخر عن محاكمة السيسي مثل لهم مفاجأة كبرى تجعلهم يجدون عذراً لأنفسهم، لأن يقعدوا مع القاعدين، كالذين قالوا من قبل إن بيوتنا عورة، وما هي بعورة!.
منذ البداية، فقد مثل الفريق السيسي نقطة الضعف، في موضوع الرئيس محمد مرسي، الذي تمكن من خديعة رئيسه، بأن بالغ في التقرب منه، ليكون الخطر الذي حاق به من حيث لا يدري الرئيس ولا يحتسب، فقد لدغ من مأمنه، ومع تكرار الإلحاح على هذه النقطة منذ وقوع الانقلاب، فإن أعضاء تنظيم "يا لهوي"، لم يجدوا في الأمر ما يمثل مبرراً للتنكر لقضية الشرعية، بل وفي أن يكونوا "دراويش الرئيس المختطف"، على نحو كاشف بأن "يا لهوي" قيلت من باب ادعاء المفاجأة، ولاستحداث مبرر للقعود.
وتكمن المشكلة، في أن البعض لا يرى مبرراً للوقوف مع قضية "الشرعية" إلا على قاعدة "الدراويش"، فهم يقفون مع الرئيس باعتباره بلا أخطاء، وعندما يفاجأون بخطأ في ممارسته للسلطة، فإن هذا مبرر للانقلاب عليه والانتماء لتنظيم "يا لهوي"!.
لست من دراويش الرجل، ولأجل هذا فلو تبين أن أخطاءه كزبد البحر فلا تغير من طبيعة موقفي، فقد كنت ضد الانقلاب عليه، بل وضد الانتخابات الرئيسية المبكرة، ومع أن يستكمل دورته، في الوقت الذي كنت أراه رئيساً فاشلاً، واستعد لخوض الانتخابات البرلمانية على قوائم التيار المدني، وفي ذهني أن حملتي ستكون بالحديث عن هذا الفشل. لأن قواعد الديمقراطية تحتم أن يظل في موقعه لانتهاء دورته احتراماً لإرادة الشعب، وامتثالاً لقواعد اللعبة، ورأيي أن الديمقراطية فيها حل لكل مشاكلها.
المعنى أنني لا أفتعل للرجل دفاعاً الآن لكي أبرر موقفي، من رفض الانقلاب، والانحياز للشرعية ومفهومها عندي هي عودة الرئيس لقصره بدون قيد أو شرط، وحتى إن رأى البعض أنها مجرد "أماني مستحيلة"، فاستحالة انتصار الحق، ليس مبرراً لي للانحياز للباطل، وخيالية المبادئ، ليست دافعاً للتخلي عنها، ولو كانت القصة رضوخاً للأمر الواقع، أو ما يتصوره البعض أنه الأمر الواقع، لاخترت الانحياز لحكم مبارك، وما مسني السوء.
مع استبعادي تماماً لما قاله الرئيس محمد مرسي إنه كان سيقرر القبض على السيسي ومحاكمته، فوزير الدفاع كان ينافقه بشكل لا يقبله أصحاب المروءة على أنفسهم، ونقطة ضعف الحكم الإخواني هو في تصورهم أن الجيش معهم، على نحو دفعهم للتعالي على خصومهم، وعدم اكتراثهم بنقدهم. وأذكر عندما كنت أكتب مهاجماً واحداً من مراكز القوى في عهد مبارك وهو الراحل كمال الشاذلي، كيف كان الرجل يحرص في كل مرة على الاتصال بي، ومحاولة دغدغة مشاعري بأنه لولا خوفه من التفسيرات الخاطئة، لأرسل ابنه "الصحفي" ليتعلم الصحافة على يدي، وأنه يتمنى أن يراني عضواً في البرلمان، لأكون تحت نفوذه فيأمن بوائقي!.
وفي المقابل فقد فشلت رغم محاولاتي في مقابلة رويبضة عينه الإخوان رئيساً لمجلس الشورى، لمناقشة قراره غير المكتوب بتجميد عضويتي في المجلس الأعلى للصحافة، في الوقت الذي عينوا فيه النطيحة والموقوذة والمتردية وما أكل السبع ونادر بكار!.
نقطة ضعف الرئيس مرسي، لا تجعلنا ننسى أنه شكل لجنة لتقصي الحقائق عن الجرائم التي ارتكبت ضد ثوار يناير، وعندما جاءت النتيجة تدين ضباطاً يتبعون جهازاً بعينه، أحالها للنائب العام، الذي لم يتمكن من التحقيق بسبب محاصرة مكتبه يومياً من قبل الثورة المضادة، التي كانت تضم سفهاء ثورتنا!.
لنا أن نعلم، أن كل الممارسات التي قام بها السيسي ضد ثورة يناير معلومة للكافة، ومع هذا فإن ائتلافات الثورة كان أصحابها يلتقون به، وهم في حالة من "الانتعاش الفطري" وهم تلتقط لهم صور معه وهم يحلقون حوله كالفراشات الناعمة، لإدخال الغش والتدليس على الرأي العام بتقديمه على أنه من حمى الثورة.

المثير للضحك، وشر البلية ما يضحك، هو قول البعض من خصوم الرئيس، لماذا لم يطلع الشعب على الحقائق لنقف معه؟.، والإثارة هنا أنه عندما عزل نائب عام حسني مبارك، وعزله كان مطلباً من مطالب الثورة، خرجوا هم مع الثورة المضادة انحيازاً لنائبها العام، ونصبوا له زفة، وعاملوه على أنه زعيم الأمة!.
لكم أن تتصوروا لو أن الرئيس عزل السيسي، فالمؤكد أنهم كانوا سيخرجون دفاعاً عنه، وتمكينه من الانقضاض على الرئيس ، ولا ينبغي المقارنة بين هذا القرار وقرار الرئيس بعزل من أشد منه قوة، طنطاوي وعنان، لأن هذا كان قبل "الفتنة الكبرى"، وقبل أن يجلس الدكتور البرادعي (أيقونة الثورة) جنبا لجنب مع سامح عاشور ممثل (الثورة المضادة) الذي قال في أيام الثورة إن حزبه (الناصري) لن يشارك في مظاهرات لا يعرف هوية الداعين إليها، وإن مبارك خط أحمر!.
يحسب للرئيس مرسي، أنه اتخذ قراره بعزل السابق ذكرهما، وهو قرار لا يمكن لأحد غيره ممن ترشحوا للانتخابات الرئاسية أن يتخذه، ضعف الطالب والمطلوب. كما لا يوجد أحد منهم يمكنه أن يصمد هذا الصمود الأسطوري في مواجهة الانقلاب كما صمد الدكتور مرسي، ولو جرى لغيره من منافسيه ما جرى له، لآثر السلامة من أول يوم، ولما مكن المصريين من دخول معركة تأخرت، ليس على قواعد الثورة ضد حكم مستبد، ولكن على أرضية النضال ضد النخبة التي صنعها الاستعمار وسلمها الحكم في يوليو 1952.

إلى تنظيم "يا لهوي".. ارحموا صدوركم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق